لحن عبقري:
أستوقفتني الأغنية الجديدة (طواقي الخوف) التي كتب كلماتها الشاعر محمد طه القدال وقام بصياغتها لحنياً الموسيقار الخلوق (شمت محمد نور) وكما أبدع القدال في التجديد في لغة وتركيبة القصيدة أبدع كذلك شمت في وضع (الألحان) وليس (اللحن) ..لأن هذه الأغنية الروائية الطويلة كانت مجموعة من الأغنيات مضغوطة في أغنية واحدة.
التجول في الايقاعات:
شمت تجول في كل الأيقاعات مابين الدليب وإيقاع الرق وحتي الدوبيت الأدائي كان حاضراً في تفاصيل الأغنية الكبيرة والتي إتسمت بكل معاني الأغاني الكبار ذات النفس الأيقاعي واللحني ولأدائي الطويل..والأغنية رغم مدتها الزمنية الطويلة والتي تجاوزت العشرون دقيقة ولكنها لم تكن (مملة) ..لأنني كما أسلفت وقلت أن التجول في الإيقاعات منح الأغنية ذلك القبول والتفاعل من أول وهلة ..وهذا عادة لا يتحقق للأغاني الجديدة التي تحتاج لترديد مستمر حتي يتقبلها الجمهور.
ادهاشات الحلنقى:
اغنية حمام الوادي هي واحدة من ادهاشات الحلنقي الشعرية،فهي أغنية ذات وقع خاص وتحتشد بالدموع وحلم الرجوع لأرض تحمل ذرات ترابها الذكريات ومراتع الصبا وحكايات الحب الأول.. ولأن ما بين سطورها تسكن الكثير من التفاصيل الانيقة وتنام علي مسح أصابعها تنهدات الألم والترحال ومرارة الغربة .. ومن يعيشون بعيدا عن جغرافيا الوطن وحدهم يعلمون مدى تأثيرها وقدرتها للدعوة للبكاء.. إنه الحلنقي وكفي!!
ذات متصالحة:
لذلك نجد أن قصائد الحلنقي تعبر عن ذات متصالحة مع الواقع والحياة والناس لذلك إنداحت بين كل الناس تنشر الفضيلة وتؤسس لمنهج حياتي خالي من “صرة الوش” وتعرجات الزمان وما يمتلئ به من أحزان وصعوبات تقابلنا يومياً في مختلف مساراتنا الحياتية ..ونظرة تأمل واحدة في ديوان الحلنقي “هجرة عصافير الخريف” يعني الخروج من باب كبير الي عالم يتسع للفرح وسماء ينضح بالطير الخداري!!
بشير عباس:
بشير عباس.. أسم يحتشد بالعبقرية الموسيقية،نحت بأنامله الوسيمة علي قلوب كل السودانيين حتي أصبح ظاهرة في دنيا التلحين و التأليف الموسيقي..ومن يصغي السمع لأغنيات مثل رجعنالك وكنوز محبة وطائر الهوي يعرف تماماً إنه أمام مبدع مغاير ومختلف له طابعه وأسلوبه اللحني والتأليفي..رجل بتلك المواصفات من البديهي أن يعتلي قمة الوجدان ويتربع عليها وحيداً..قدم بشير عباس للموسيقي والغناء الكثير من خلال تاريخ طويل وممتد..أمنياتنا له بالشفاء ودوام العافية.
البلابل:
أصبحت مسارح الخرطوم بلا طعم يلون أمسياتها وسكنها الصمت والحزن الكبير وغياب البلابل عن الشدو الجميل كفيل بأن ينشر الغث من الغناء ويجرح خاطر الأمسيات بفنانين لا علاقة لهم بالوجدان السوداني.. لذلك نطالب بنات طلسم أن يتركن هذا الغياب لأننا أحوج ما يكون للندواة والطلاوة وتلك الأغنيات الوسيمة!!لقد تعبنا من الأصوات المشروخة والتجارب الفطير التي تنتشر هذه الأيام..فبالله عودوا حتى يستقيم ظل العود الأعوج.