وحيد علي عبد المجيد الأمير يعقوب يكتب :الشريفات السيدة/ مريم والسيدة/ علوية ودورهما في قيادة الأمة (2)
حفيد الخليفة عبد الله التعايشي (ود تورشين)
ومن بعد رأت أن تقوم بزيارة أهلها في كسلا والخرطوم بحري ووصلت كسلا في معية بعض مريديها اتصل الجنرال بلات بالحاكم العام وطلب منه الاتصال بالسيد علي الميرغني لمنع امتداد رحلة السيد علوية إلى الخرطوم بحري حتى لا يفضي ذلك لرفع روح الجيش الايطالي المعنوية وانهيارها لدى أفراد قوة دفاع السودان حين تدخل ايطاليا الحرب ضد الحلفاء وبالفعل أرسل السيد علي الميرغني يطلب من عمته السيدة علوية عدم التوجه للخرطوم بحري ويعد بزيارتها واللقاء بها في كسلا ولما كانت مدينة كسلا يومئذ تعاني من نقص المواد الغذائية.. فقام مولانا السيد علي الميرغني بتجهيز قطار رحمة لأهل المدينة قام بتمويل حمولته كل من مولانا السيد علي الميرغني والإمام عبد الرحمن المهدي والسيد عبد الله الفاضل والشريف الهندي والتاجر عبد المنعم محمد ورصيفه محمد أحمد البرير والخواجة كونتو ميخالوس.. عاد الإمام عبد الرحمن المهدي إلى داره بعد وداع مولانا السيد علي الميرغني وحين انتظم مجلسه عصر ذلك اليوم.. سأله بعض خاصته من الأنصار في حيرة بادية.. لقد حيرنا الانجليز الكفرة الأشرار في سوح الجهاد منتصرين في معركة الخرطوم عام 1885م ومهزومين في كرري وأم دبيكرات التي افترش فيها الخليفة عبد الله التعايشي فروته ومثل أدب الشجاعة السودانية وخط للتاريخ مقالاً لو تبينه أبناء شعبه لظل إيمانه بالله ورسوله والوطن متقداً حتى تقوم الساعة.. عام 1898 – 1899م وها هم يحكمون بلادنا قهراً بالقوة المسلحة فكيف ننتصر لهم اليوم يا سيدي.. ونقف معهم محاربين مجاهدين؟!! أطرق الإمام هنيهة ثم قال: اعلموا أيها الأحباب أننا لا ننتصر للانجليز المستعمرين بل نتجرد لحرب الدعوات الفاشية والنازية التي تدعو لإذلال الشعوب واضطهادها واستغلال مقدراتها ومواردها لمصلحة جنس بعينه ونحن شعوب إفريقيا أكثر استهدافاً لهذا النزوع المقيت.. لذا فنحن نخوض معركة تؤمن حقنا في الحياة الكريمة وفي سبيل هذا الهدف لا يهم بم نحارب ومع من نحارب حتى إذا انتصرنا وكسرنا شوكة النازية والفاشية عندنا لمصاولة حلفائنا الانجليز ومطالبتهم بالجلاء عن ديارنا.. وأؤكد لكم أيها الأحباب أن معركتنا مع حلفائنا اليوم ستكون أشد ضراوة وأغلى مهراً إذا لزم الأمر. فبدت علائم الرضا والطمأنينة على الوجوه وانصرف القوم إلى الحديث في أمور البلاد والعباد.. وصل القطار إلى كسلا فاستقبله أهلها وكبار المسئولين استقبالاً حافلاً لم تشهد له المدينة مثيلاً من قبل.. ونزل مولانا السيد علي الميرغني بدار ابن عمه السيد الحسن بقرية الختمية وأمر بتفريغ القطار وتخزين حمولته لدى كل من السيد الحسن والسيد محمد عثمان الميرغني والناظر ترك والشيخ فقيري لتوزع على ذوي الحاجات من عامة أهل المدينة.. مكث السيد علي في كسلا خمسة أيام التقى خلالها بعمته السيد علوية ومريديه وأتباع الطريقة الختمية.. وطلب من السيدة علوية أن تعود إلى الديار الارترية ففعلت من بعد.. ثم عاد مولانا السيد علي الميرغني بنفس القطار إلى الخرطوم.
إن لطوائف الطرق الصوفية دوراً في نشر الإسلام وجهاد أعداء الوطن يحفظه التاريخ.. فوجودها سابق ومؤسس على ركائز ضاربة بجذورها في هذه الأرض آماداً طويلة.. فإن الطريقة الختمية ترسخت في شرق السودان قبل الفتح الثنائي بأكثر من نصف قرن من الزمان.. إن قادة الختمية لم يدخلوا مع الإمام المهدي والخليفة عبد الله التعايشي من بعده في خلاف سياسي وظلت العلاقة بين الطرفين قائمة على الاحترام والاعتراف لكل بمكانته فقد اختصهم الإمام المهدي والخليفة عبد الله التعايشي دون قادة الطرق الصوفية كافة بقدر من المودة والاحترام.. ولا يفوتني إلا وأن أحي قادة الختمية بأمبده الحارة الثانية ومسجد الختمية مسجد الخليفة محمد سعيد بركات وأولاده وقائد لواء الختمية الشيخ مبارك محمد سعيد بركات.. ولقد لفت نظري إليه أمور منها هشاشة وبشاشة وطلاقة وجهه تدعوك دعوة ملحة لإنشاء جسر من المعرفة التي تورث محبة ومودة ومنها ذكاء يشع من عينيه إشعاعاً مع النشاط الجم والحماسة المتدفقة تلمس ذلك حتى في حركته السريعة وتنقله الخفيف حتى إذا التفت التفاتة فحلٍ قارح أو مهر أرن ثم تمضي الأيام فأراه مشاركاً في ضروب من النشاط وألواناً من المعارف فقد ضرب بسهم عسى أن يكون فائزاً في حياتنا الدينية والفكرية والأدبية وخصوصاً في الدروس الدينية متعه الله بالصحة والعافية.
وحيد علي عبد المجيد الأمير يعقوب التعايشي (جراب الرأي)
حفيد الخليفة عبد الله التعايشي (ود تورشين)
0907455892