اجمع وزراء الثورة على القرار.. تسليم البشير قناعة أم خوف من الثوار؟
تقرير- عوضية سليمان
ربما تكون هي المرة الأولى خلال فترة الحكومة الانتقالية التي يتخذ فيها مجلس الوزراء قرارا بالاجماع فقد أكد رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك ان قرار تسليم الرئيس المعزول عمر البشير للمحكمة الجنائية الدولية تم اتخاذه باجماع اعضاء مجلس الوزراء مما يعني ان كل الوزراء بلا استثناء وافقوا على تسليم البشير.. ورغم ان حمدوك قال في مقابلته مع قناة بليمبورغ ان الغاية من المحاكمة هي تحقيق العدالة للضحايا في المقام الاول، الا ان كثيرون فسروا اجماع الوزراء على عدة اوجه فمنهم من يرى ان الاجماع اظهر ديمقراطية تمارس في مجلس الوزراء تجاه اتخاذ القرارات ومنهم من يرى ان اجماع الوزراء كان رسالة للثوار تقول بأننا نحمل هدف العدالة المنشود ثوريا فيما يراه آخرون فرارا للوزراء من لعنة التعاطف مع النظام البائد خاصة بعد ان اصبحت تعصف بالمسؤولين.
خيارات
ويرى مراقبون ان المسألة ليست في التسليم اذ ان مجلس الوزراء ربما يكون مجمعا على تسليم البشير بمعني ان الفقضايا الموجهة له ولبقية المطلوبين لا بد ان يتم حسمها بمحاكمة وبما ان القانون السوداني لا توجد به مواد تحاكم الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب فان وجود المحكمة الجنائية الدولية لازم لحسم القضايا ولكن ذات الوزراء ربما لا يجمعون على خروج البشير للمحاكمة خارج السودان ويستند هؤلاء على حديث رئيس الوزراء نفسه الذي اوضح ان الحكومة تتواصل مع المحكمة الجنائية الدولية وان السودان اعلن التزامه الكمال بتسليم المطلوزبين خلال زيارة حمدوك المفوضية السابقة للجنائية الدولية والمفوض الحالي للسودان، واشار الى ان كل الخيارات مفتوحة ما بين تشكيل محكمة هجين او المحكمة الاقليمية او الجنائية لتحقيق العدالة لاسر الضحايا ما يعني ان اجماع الوزراء على تسليم البشير للجنائية ربما يعترضه بعضهم حال الاتجاه لمحاكمته خارج الوطن.
رمزية عسكرية
ويرى المحلل السياسي عبد الرحمن ابو خريس ان حديث رئيس الوزراء عن اجماع الوزراء على تسليم البشير للجنائية يوضح ان مجلس الوزراء يعمل وفق الآلية الديمقراطية ويشير الى ان الامر تم التصويت عليه لكنه يشير الى ان الحكومة حال تسليمها البشير للمحكمة الجنائية الدولية تكون قد طعنت في قدرة الجهاز القضاي الداخلي وربما ارسلت رسالة بان حكومة السودان دولة غير مؤسسية وغير مكتملة الاركان.
ليس تشفي وانتقام
وجزم خبير قانوني فصّل حجب اسمه ان الوزراء الذين صوتوا بالاجماع لتسليم البشير ارادوا كسب احترام المواطنين والثوار واهل الضحايا وقال لـ(الصيحة) انهم باجماعهم على تسليم البشير يؤكدون انهم ينفذون اهداف ثورة ديسمبر التي خرجت تطالب بالحرية والسلام والعدالة فهم بذلك يريدون القول انهم يلتزمون بتنفيذ العدالة مهما كان ثمنها ويريدون القول انهم سيقدمون البشير لمحاكمة عادلة ترضي الجميع ولذلك فإن تسليم المطلوبين هو افضل قرار يتخذه مجلس الوزراء اذ يرون انهم اذا لم يفعلوا ذلك فستوصف حكومة الفترة الانتقالية بأنها سلطة غير وطنية.
واشار الى ان تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية لمحاكمتهم لن يكون الاول فقد حاكمت المحكمة من قبل بحر ادريس ابو قردة والان تنظر في قضايا ارتكبها علي كوشيب، لافتا الى ان كوشيب بالطبع اعترف على اخرين لهم صلة بمشاكل دارفور وقال “اذن لا بد من جدية في تسليم البشير من اجل العدالة والمساوة بين الناس وهذا ليس من باب التشفي والانتقام تجاه المسوؤلين”.
تبرئة نفسه
اعتبر المحلل السياسي الرشيد ابوشامة ان حديث رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك حول اتخاذ قرار تسليم الرئيس البشير للمحكمة الجنائية بالاجماع يعتبر اضافة لتدعيم موقفه مع الجمهور وليوضح ان مجلس الوزراء يقف مع قضايا الجمهور ويأتمر بامر الثوار، لافتا الى ان اجماع الوزراء على التسليم نتج من كونهم ليس بمقدورهم ان يخالفوا رئيس الوزراء في الرأي وذلك ببساطة لانه هو الذي جاء بهم كوزراء في الحكومة الانتقالية وتساءل ابو شامة لماذا لم يذكر مجلس الوزراء مجلس السيادة في اجماعه على تسليم البشير؟ وقال لـ(الصيحة) إن وزراء المجلس جميعهم يدينون بالولاء لرئيسهم د. عبد الله حمدوك الذي يريد تدعيم موقفه تجاه الجمهور، واضاف “ربما تكون هنالك معارضة من انصار النظام البائد لتسليم البشير لذلك لا بد لحمدوك من ان يدعم موقفه بكل طاقم مجلس الوزراء لمواجهة اي معارضة محتملة لتسليم البشير”.
قطع طريق
وكشف ابو شامة عن ان هنالك جهات اخرى غير موافقة على تسليم البشير للجنائية وحمدوك يعلم ذلك تماما لذلك جزم على ان قرار التسليم خرج من مجلس الوزراء بالاجماع لانه على علم تام بمعارضة القرار وقال “هنالك جهات مهمة يجب ان توافق على التسليم مثل مجلس السيادة وجهات أخرى” وأضاف “حمدوك باعتباره رئيس مجلس الوزراء يدعم عن طريق الوزراء رأيه الشخصي في مقابل راي اخر انه غير موافق على تسليم البشير ولكن حمدوك يريد ان يبرئ نفسه امام الجمهور”، واشار الى ان المكون العسكري في مجلس السيادة غير موافقين تسليم البشير ولكن حمدوك وضح موقفه للشعب السوداني وتحديدا اهل دارفور والنيل الازرق وكل من تفاوض معه في سلام جوبا وكأنه يريد ان يقول اذا ظهر اعتراض على تسليم البشير فانه سيكون من جهات اخرى غير مجلس الوزراء خاصة ان المجلس السيادي به كتلتين منهما كتلة معروفة غير مواقفة على تسليم البشير للمحكمة الجنائية.