انفلاتات أمنية خطيرة.. مواطنو الخرطوم بين ترويع عصابات النقرز والخوف من “تسعة طويلة”
المواطنون في غرب الحارات يستأجرون دورية شرطة لتوفير الحماية
الشرطة تؤكد مقدرتها على فرض السيطرة والواقع يمنع المواطنين من التجوال ليلا
عصابات النقرز تهاجم المواطنين في شمبات والشرطة تعلن ضبط 11 منهم
موقف جاكسون يشهد 3 إلى 4 عمليات نهب نهارا كل ساعة
الخرطوم: بهاءالدين قمرالدين
خلال الفترة الماضية بدأت مظاهر التفلتات الأمنية والسرقات سواء النهارية أو الليلية تتزايد بصورة ملفتة، فضلا عن تنامي ظاهرتي النهب وخطف الممتلكات مما ارتفع ثمنه وقل حجمه ووزنه خاصة حقائب يد السيدان والهواتف النقالة.. ورغم تزايد الحالات التي تهاجم فيها عصابات “النقرز” أو مجموعات “9 طويلة” إلا أن الشرطة لا تحرك ساكنا ما جعل المواطن يشعر دوما بعدم الأمان والاطمئنان إذ ان بعض الحوادث تحدث تحت أنظار رجال الشرطة أحيانا لكنهم لا يتفاعلون معها.. وتكثر الحوادث عادة في المناطق الطرفية ليلا، إذ تعد مناطق جنوب الحزام في الخرطوم وغرب الحارات في أم درمان والعزبة في بحري والسريحة في شرق النيل أكثر المناطق خطورة، بيد ان ذلك لا يقلل من خطورة تلك العصابات في المناطق الأخرى ففي أمس الأول هاجمت مجموعة من النقرز يحملون الأسلحة البيضاء “سواطير” سكان مدينة شمبات في عمق محلية بحري.
سيولة
مواطنو مربعات الاسكان في محلية كرري غرب الثورات بأم درمان والتي تضم أكثر من (100) حارة؛ يعيشون سيولة أمنية كبيرة فقد أصبحت المنطقة تعاني مؤخرا، من انفلاتات أمنية خطيرة، إذ يقوم اللصوص وزوار الليل بسرقة المنازل؛ علاوة على ان عصابات النيقرز تنهب المواطنين في قارعة الطريق نهارا جهارا, لدرجة أن خروج المواطنين من منازلهم ليلا أصبح مخاطرة كبيرة تعرض الشخص للخطر، وربما كلفته فقد روحه، وقد عمد المواطنون على تدوين بلاغات لدى الشرطة وابلاغ الجهات المسؤولة؛ ولكن لاحياة لمن تنادى إذ لم تهتم أية جهة بتوفير الأمن وانهاء حالة السيولة هناك بل أن عمليات السطو الليلي أصبحت تزداد كل يوم، بعد ابلاغهم الجهات المعنية فاضطروا لتأجير عربة شرطة “دورية” ودفعوا للحكومة من حر مالهم لتقوم بحمايتهم وحراسة منازلهم، مقابل مبلغ مالي كبير يتقاسم دفعه المواطنون فيما بينهم من أجل الحماية وحفظ الأرواح، سيما في منطقة الحارة (61) التي صارت بؤرة اجرام ومهددا أمنيا خطيرا تنطلق منه العصابات المتفلتة وتنهب وتهاجم المواطنين.
هنا ينتهي القانون
واشتكى عدد من المواطنين للصيحة ما يشعرون به من مخاطر وقال المواطن مدثر محد آدم من سكان الحارة (102)، لـ(الصيحة) إنهم ظلوا يعيشون حالة من الرعب والخوف والقلق مؤخرا حيث كثرت أعمال السرقة والسطو وزيارات اللصوص لمنازلهم, فضلا عن السرقات النهارية، بل ومؤخرا أصبح اللصوص أكثر جرأة وتعديا ويأتون إلى منازلهم مطمئنين وغير خائفين وهم مدججون بالأسلحة البضاء وأحيانا الأسلحة النارية, ويقومون بنهب أموال المواطنين وممتلكاتهم كأنها ملك لهم؛ مما شكل خطرا على أسرهم وأبنائهم، وأوضح أنه بسبب كثرة أعمال السلب والنهب بمنطقة الاسكانات بمحلية كرري؛ اطلقنا عليها اسم (هنا ينتهي القانون) وناشدنا الشرطة والجهات الأمنية الأخرى بالتدخل لحماية أراواحهم وأبنائهم وممتلكاتهم.
النخوة ماتت
واشتكت المواطنة ايمان علي نورين من ازدياد عصابات النيقرز والتي أصبحت تنهب المواطنين وتقطع الطريق نهارا جهارا, ويقومون بخطف الهواتف النقالة والشنط من النساء ثم يلوذون بالفرار, ولا أحد يجروء على مقاوتهم، وقالت “العصابات تعتبر النساء المغلوبات على أمرهن لقمة سائقة”, وأضافت في حديثها لـ(الصيحة) ما يؤلمني أكثر من السرقة أن النخوة ماتت في قلوب الرجال مؤخرا ومات (مقنع الكاشفات واخو البنات وابو مروة) وصرنا نحن النساء نتعرض للنهب أمام أعين الرجال والشباب وهم ينظرون إلينا ولا ينقذوننا من براثن العصابات, واشارت إلى أنها تعرضت لنهب حقيبتها بداخلها الموبايل ومبلغ مالي كبير من قبل ثلاثة من اللصوص في منطقة الحارة (61) قبل يومين ولم يتقدم رجل لإنقاذها.
تسعة طويلة
وقال المواطن جلال أحمد لـ(الصيحة) إن عصابات (9) طويلة التي تمتطي الدراجات النارية (المواتر) تعتبر من أخطر وأكبر المهددات الأمنية حاليا في كل أحياء الخرطوم، حيث تقوم بخطف الموبايلات والشنط النسائية وتلوذ بالفرار ولا يستطيع أحد اللحاق بهم, وناشد جلال الجهات المسؤولة بمصادرة المواتر التي لا تحمل لوحات ويقودها الشباب الصغار السن, فهي مهدد أمني خطير لهم حسب وجهة نظره.
نهب الحافلة
المواطن صديق محمد علي والمواطنة عبير عربي والمواطن أبكر آدم، والمواطن عارف حسن من اسكان الحارة قالوا إن العصابات الاجرامية والنقرز أصبحت أكثر شراسة وعدوانية مؤخرا وباتوا يتهجمون على المواطن بعنف وقسوة وهم على استعداد ان يقوموا بقتلك من اجل اخذ مالك او هاتفك الجوال, فاما ان تعطيهم ما لديك او تفقد روحك, واشاروا إلى الحادثة التي تعرضت لها الأيام الماضية حافلة ركاب التي تحركت من سوق (صابرين) متجهة إلى قرية الفتح (1) وفي منتصف الطريق قبالة اسكان الحارة (61) توقفت لانزال أحد الركاب؛ فهجمت عليها عصابة كبيرة من النيقرز وقامت باشهار السواطير والسكاكين والسيوف في وجوه الركاب ونهبوا أموالهم وموبايلاتهم ثم لاذوا بالفرار دون ان يتم القاء القبض عليهم، وأكدوا ان مثل تلك الجرائم الخطيرة تدل على غياب الشرطة والأمن وهي تمثل انفلاتا أمنيا خطيرا حسب وجهة نظرهم.
كولمبيا الجديدة!
المواطن عبدالله آدم من اسكان الحارة (96)؛ قال للصحيفة إن اسكانات كرري تعيش انقلاتا أمنيا خطيرا ولا يوجد بها مركز لبسط الأمن الشامل أو قسم للشرطة رغم الكثافة العددية الكبيرة التي تقطنها وهي تتكون من أكثر من (100) حارة، كذلك لا توجد بها عربات شرطة ارتكاز سيما ليلا فانت يمكن ان تتجول طوال الليل فيها ولا تصادفك عربة شرطة أو حتى شرطي، وأشار عبدالله إلى منطقة سوق الحارة (102) باسكان البشير التي تعتبر بؤرة اجرام خطيرة تنطلق منها عصابات الاجرام وتباع فيها المخدرات والبنقو نهارا جهارا, ومن شدة خطرتها اسماها المواطنون واطلقوا عليها لقب (كولمبيا الجديدة) وقال “الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود”.
تأجير عربة شرطة!
ربما دفع الوضع في مناطق غرب الحارات أن يبتكر المواطنون وسيلة للحماية فقد قال عبدالله جعفر الذي يسكن اسكان الحارة (73) لـ(لصيحة) إنهم وبعد ازدياد وتيرة الانفلاتات الأمنية وازدياد أعمال السرقة والنهب وبعد ان قمنا بابلاغ الجهات المسؤولة وتدوين بلاغات كثيرة في اقسام الشرطة, دون أن تكون هناك نتيجة ملموسة لجأوا لوسيلة أخرى لحماية انفسم وللأسف عبر الشرطة نفسها بتأجير عربة دورية كخدمة خاصة لحمايتهم وقال “ذهبنا إلى رئاسة شرطة غرب الحارات بمحلية كرري وطلبنا منهم ان يوفروا لنا عربة شرطة بجنودها كي تعمل على حمايتنا وحراسة منازلنا, وقلنا لهم نحن سنلتزم لكم بالرواتب والاعاشة وتوفير الأكل, فوافقوا ووفروا لنا عربة الشرطة بأفرادها بقيادة نقيب, وهي ترتكز الآن عند مدخل منطقة الحارة (61) بكرري التي تعتبر احد اخطر واكبر بؤر الاجرام بالمنطقة”، مبينا ان العربة تعمل من الساعة الخامسة مساء وحتى الفجر واوضح ان حوادث السرقة والنهب بعد توفير عربة الشرطة قلت بصورة ملحوظة، وقال “احسسنا ببعض الأمان, ونحن وفرنا لهم رواتبهم من مساهمات المواطنين وفرضنا على كل أسرة بالاسكان مبلغ (10) ألف شهريا”، ولفت إلى ان كل المناطق المتضررة يمكنها ان تطبق ذات الفكرة.
خدمة خاصة
وربما مثلت نقطة تأجير مواطنو الحارة (61) دورية شرطة استفزازا للصحيفة فسألت المقدم (م.ع.ك) من شرطة ولاية الخرطوم الذي قال لـ(الصيحة) إن ما حدث وضع عادي ويسمى بالخدمة الخاصة إذ أنه يمكن لقوات الشرطة أن تقوم بحماية المواطنين في المنازل أو الأحياء، نظير مبلغ مالي متفق عليه، وقال “هذه خدمة خاصة ولا غضاضة فيها، وكثير من المواطنين والأفراد والشركات يفعلون ذلك”.
قلب الخرطوم
ولم تكن بقية محليات ولاية الخرطوم بمعزل عن التفلتات الأمنية فاللافت ان الانفلات الأمني يحدث بكثافة حتى في قلب الخرطوم وفي منطقة موقف جاكسون إذ لا تمر ساعة كاملة دون أن يكون هناك حادث سطو على المواطنين جهارا نهارا أمام أعين المواطنين وبعض رجال الشرطة ربما ذلك ما دفع مباحث ولاية الخرطوم للانتشار بصورة كبيرة في تلك المنطقة فقد وقفت الصحيفة صدفة قبل أسبوع على ضبط رجال المباحث لثلاثة من اللصوص خطفوا هواتف من فتيات في حوادت منفصلة لم تتعدى فترتها الزمنة نصف الساعة لكن رجال المباحث كانوا قربين من الحدث واستطاعوا ان يقبضوا على اللصوص وان يدونوا في مواجهتهم بلاغات في قسم الخرطوم شمال.
نقرز
وأمس الأول تداول ناشطون بكثافة فيديو يصور عدد من الشباب يحملون الأسلحة البيضاء “سواطير” ويهاجمون المواطنين في حى شمبات وشارع الإنقاذ ورغم سماع صوت طلقات رصاصية كان يطلقها احد المواطنين بغرض تخويف العصابة إلا انهم لم يأبهوا لذلك وظلوا يتعرضون للسكان والمارة ويهشمون السيارات..
وقد اخذت الشرطة الأمر محمل الجد اذ لم تمضي ساعات حتى اصدرت وزارة الداخلية بيانا اكدت فيه انها ضبطت 11 من المتفلتين الذين روعوا المواطنين في شمبات.
وأوضح البيان أن شرطة المحلية سارعت بنشر دوريات بالموقع المشار إليه وتمشيط مناطق العزبة وشمبات والحلفايا وكافوري والسامراب ووضع إرتكازات ثابتة بعدد من النقاط الحاكمة بجانب استهداف بؤر ومنابع الجريمة بالمنطقة بالحملات المنظمة والتي درجت شرطة ولاية الخرطوم على القيام بها، وذكر أن عمليات تعقب المتهمين اسفرت عن ضبط 11 متهما بواسطة المباحث وتم إخضاعهم للتحري واتخاذ إجراءات بلاغ بقسم شرطة الصافية.
وأشار البيان إلى نشر القوات المشتركة خلال الفترة المسائية للقيام بمهام نقاط الارتكاز وقد حققت حضوراً مقدراً في حفظ الأمن ومنع التفلتات رغم إتساع دائرة الإختصاص.
قدرة الشرطة
بيان وزارة الداخلية أوضح أن رئاسة قوات الشرطة تؤكد قدرة وجاهزية شرطة ولاية الخرطوم وقوة الإسناد من القوات المشتركة لحسم كافة المظاهر السالبة والتفلتات الأمنية والحفاظ على الأمن والطمأنينة العامة واتخاذ التدابير الوقائية كافة التي تكفل للمواطن ممارسة حياته اليومية في هدوء وطمانينة.
عمل منظم
وربما لا يكون الانفلات الأمني امرا عاديا فقد أشار الفاتح حامد عيد المحامي لوجود أجندة خفية في هذا الجانب حيث بدأت جهات تعد وتنظم عصابات النقيرز وتدعمها بعيد قيام ثورة ديسمبر بغرض القيام بهجمات واعمال شغب، تهدف لتفتيت الامن بالبلاد وخلق زعزعة فى استقرار البلاد، ومع وصول تلك المعلومات اتضح بان هنالك عناصر تلقت تدريباً على احداث الشغب وافتعاله وان من بينها عناصر تم ابعادهم من بعض الدول المجاورة، وقال “دونت مضابط شرطة ولاية الخرطوم (99) بلاغاً ضد عصابات متفلتة وتمكنت من القبض على (145) متفلتاً بينهم (11) متفلتاً تمت محاكمتهم بالجلد والسجن لمدة شهر وضبطت الشرطة نحو (300) قطعة سلاح ابيض بينها (203) قطع سلاح ابيض كانت بصدد استغلالها فى انفاذ مخطط اجرامي بالعاصمة”
سيناريو أسوأ!
وتوقعت مصادر مطلعة ان تكون هنالك سيناريوهات أسوأ خلال الفترة القادمة من عمر البلاد، ولفتت الى ان هنالك جهات تقف خلف تلك العصابات وتدعمها بغرض الاستمرار فى خلق الفوضى وان اعداد تلك العصابات ضخمة جداً، لافتا الى ان الحرب الان فى العالم اصبحت حرب موانئ وانه من الصعب السيطرة على موانئ السودان والتي تعتبر الان من اهم الموانئ على مستوى الاقليم الا باضعاف الدولة من خلال نشر اعمال الشغب والتفلتات الامنية وشغل الحكومة بما يدور في الداخل حتى يؤول الوضع الى ما آلت اليه ليبيا وسوريا ومن قبلها العراق، واشار المصدر الى ان تلك العصابات خططت لاعمال شغب تعد الاسوأ من نوعها فى تاريخ البلاد تستهدف تلك العصابات اثارة الذعر والرعب وسط الاسر، الا ان السلطات الامنية والشرطة فطنت للمخطط وتحفظت على عدد من تلك العصابات ونفذت شرطة ولاية الخرطوم اضخم عملية احترازية لمنع انفاذ ذلك المخطط، تمكنت خلالها من تجريد تلك المجموعات من الاسلحة البيضاء لافتا الى مناطق انتشار تلك العصابات المتفلتة تتخذ لانفسها اوكاراً وبيوتاً آمنة فى مناطق طرفية محددة حيث تنتشر بمناطق الحاج يوسف وكرري وأمبدة.
تراخي الشرطة
ويرى الخبير الجنائي والشرطى اللواء (م) عوض عمر ان القانون الذي يحمي المواطن موجود والشرطة تمنع الجريمة بموجب قانون الاجراءات الجنائية، الا ان هنالك تراخي في منظومة الشرطة بأكملها بسبب النظام السابق الذي خلق حالة تغول على عمل الشرطة واضعاف لمواقفها والان اصبحت هنالك حالة توهان للشرطة، حيث لا تتوفر حماية قانونية كاملة للشرطي اثناء ادائه واجبه، بجانب غياب عمليات جهاز الامن التي كان لها دور كبير في السيطرة على العصابات المتفلتة، مشيراً الى ان الاستفزازات التي تعرضت لها قوات الشرطة اضعفت من الروح المعنوية لدى كوادرها، ودعا اللواء عوض عمر لضرورة استنفار كامل لقوات الشرطة على مستوى كافة الولايات وليس الخرطوم فحسب، بجانب دعم لشرطة الخرطوم بأكبر عدد من القوات حتى تتمكن من حماية المواطنين، وأشار لضعف دور إعلام الشرطة في بث الرسائل التوعوية حول خطورة التفلتات والتعامل معها بحسم وعقوبتها، وذلك على مدار الساعة للمواطنين مشدداً على ضرورة تفعيل المحاكم والتنسيق مع القضائية لتشديد العقوبات.