ظلت وسائل الإعلام السودانية تضج خلال الأيام الماضية بأخبار تارة عن لقاءات للجنة القانونية للحرية والتغيير برئيس وأعضاء من مجلس السيادة لتسليمهم قائمة بالمرشحين لمنصب رئيس القضاء حتى يختار المجلس السيادي شخصية من بين المرشحين للمنصب، وتارة أخرى نقرأ في وسائل الإعلام أيضاً عن إجتماعات للجنة القانونية للحرية والتغيير تتداول من خلالها ترشيحات لمنصب النائب العام، وحقيقة أجد نفسي متعجباً من التناقضات التي تسيطر على من يفترض فيهم أن يقودوا الإنتقال في البلاد إلى بر الأمان وهم أول من يقومون بتجاهل متعمد لشعارات ثورة ديسمبر وهي (الحرية ، السلام، العدالة).
لا أرغب في الحديث عن الحرية والسلام في زمن الإنتقال لكنني أود أن أتناول الضلع الثالث من شعارات الثورة المجيدة وهو ملف العدالة.
فـ “ملف” العدالة يا سادة لن تمضي الفترة الإنتقالية إلى مبتغاها بالوصول إلى إنتخابات حرة ونزيهة يقول فيها الشعب السوداني كلمته إلا بتحقيقه كاملاً غير منقوص، ولن تتحقق العدالة في هذه البلاد التي روت أرضها دماء شباب مخلصين همهم أن ينعم مواطنوها بالأمن والسلام والحرية والحياة الكريمة إلا إذا أبعدت السياسة والسياسيين عن الأجهزة العدلية وهنا أقصد بالأجهزة العدلية السلطة القضائية والنيابة العامة.
تلك المعطيات تقودني إلى ما تقوم به اللجنة القانونية للحرية والتغيير وهم تضم في غالب عضويتها “محاميين” في تقديم ترشيحات منصبي رئيس القضاء والنائب العام وهم رأس الرمح في العملية العدلية بالبلاد إلى المجلس السيادي الذي يقوم بإختيار شخص من تلك الترشيحات لكل منصب.
هذا يقودنا إلى سؤال جوهري وهو أن هذه اللجنة تتكون من محامين، فعندما يكون لدى أحد أعضاء اللجنة وهو محامي إجراءات دعوى أمام النائب العام مثلاً وهو من قام بترشيح ذلك النائب العام فكيف سيتعامل النائب العام مع تلك الدعوى؟.
بالتالي للخروج من ذلك المآزق الذي يقدح بلا شك في العدالة يجب تعيين أشخاص مهنيين من داخل السلطة القضائية والنيابة العامة، ذلك الأمر لا يتم الإ بتكوين المجلس الأعلى للنيابة والذي يقوم بتقديم مرشحين من داخل النيابة للمجلس السيادي والذي يقوم بدوره بإختيار شخص من بين المرشحين، ذات الأمر ينطبق على السلطة القضائية فيما يلي ترشيح المرشح لمنصب رئيس القضاء عبر مجلس القضاء العالي.
خلاصة القول أن ملف العدالة لن يمضي إلى الأمام إن ظل الإختيار لتلك المناصب الحساسة يتم بالطريقة الحالية، وإن كان لنا من نصح نبذله لقادة الفترة الإنتقالية أن يكون الإختيار لتلك المناصب من داخل تلك الموسسات ومن أشخاص أكفاء ومهنيين يطبقون القانون بـ” حذافيره”.