عبد الله مسار يكتب: هزمت أمريكا وانتصرت طالبان
لنا في التاريخ الإسلامي دروسٌ
في 26 / 8/ 1071م اجتمعت أوروبا في جيش بلغ ستمائة ألف جندي وبه ألف من المانجنيق، وكل مانجنيق يجره مائة ثور والقصد هدم الكعبة وإبادة المشرق الإسلامي، وكان الجيش يضم البابا وخمسة وثلاثين ألف بطريك، وأعلنوا حرب الصليب المقدسة على المسلمين من أجل إفنائهم، وكانت الخلافة العباسية في أضعف حالاتها بها ثلاثة آلاف جندي تشريفات موكب الخليفة الذي لا وجود له إلا الدعاء له في صلاة الجمعة.
كانت هنالك امارة إسلامية صغيرة هي دولة السلاجقة وهم يقفون حُرّاساً لحدود الخلافة الشرقية ويصدون غارات البيزنطينيين تارةً وينهزمون تارةً، وقائد هذه الامارة شاب صغير اسمه (الب ارسلان) يعني بالعربية الأسد الشجاع، وكان هو عائداً من خراسان في جيش قوامه واحد وعشرون ألفاً وسمع بالحملة الصليبية على ديار الإسلام وحاول إقناع (ارمانوس) الإمبراطور البيزنطي بالرجوع مقابل التنازل له عن أرض ودفع جزية وغنائم وأموال، ولكن إمبراطور الروم يرفض ويقول إن الحملة الزاحفة لا تتّسع لها كل أموال المسلمين، إن ثمن الحملة هو إبادة مقدسات المسلمين في فلسطين والحجاز بما في ذلك الكعبة وبيت المقدس. أرسل ارسلان يطلب من الخليفة المدد ولم يحصل على شئ، وارسل إلى الأمصار والأقطار يستثير حماسة المسلمين، فلم يجبه إلا القليل.
ذهب الأسد الشجاع الى الشيخ أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري يسأله المشورة، فحثّه الشيخ على الجهاد والكفاح لدين الله بما لديه من قوةٍ.
خرج ارسلان لجيشه فقال من أراد الجهاد فليبقى معي، ومن أراد الانصراف فليقدم عذره إلى الله وينصرف.
وهب الشيخ نصر البخاري ووقف وسط الجيش وقال (هذا اليوم من أيام الله لا مكان فيه للفخر أو الغرور، وليس لدين الله وحرمة دم المسلمين ومقدساتهم في كل الدنيا سوى سواعدكم وإيمانكم)، ويلتفت الشيخ نصر البخاري إلى القائد أسد الشجاع ويقول له اجعل المعركة يوم الجمعة حتى يجتمع المسلمون لنا والخطباء بالدعاء في الصلاة.
وفعلاً استجاب القائد ارسلان لهذه النصيحة في يوم الجمعة ٧ من ذي القعدة ٤٦٣ من الهجرة الموافق 26 / 8/ 1071م، قام ارسلان وصلى بالناس وبكى خشوعاً وتأثراً ودعا الله طويلاً، ومرغ وجهه بالتراب تذللاً بين يدي الله، ثم امتطى جواده ونادى بأعلى صوته أرض المعركة (إن هزمت فلا أرجع أبداً فإن ساحة الحرب تغدو قبري).
وبهذا المشهد حول القائد ارسلان واحد وعشرين ألفاً من المجاهدين إلى واحد وعشرين ألفاً من الأسود.
وكانت أرض المعركة في ملاذكرد جنوب شرق تركيا، وقسم ارسلان جيشه، جعل الرماة بين الجبلين، وتقدم بقواته ليستقبل طلائع الرومان البيزنطينيين، بينما تأخّر بقية الجيش الأوروبي وانقض على جيوش الرومان وعددها ستون ألفاً من الجند وتقهقر الى الممر بين الجبلين وخرج منه وقسم قواته، فرق بعضها لصد المتقدمين من الرومان والأخرى تتقدم لتلتف من جانب الجبل وتغلق الممر من الأمام، وبهذا أغلق الممر تماماً وحاصرهم في كمين محكم، ولما دخل الرومان الممر أمطرهم الرماة بالسهام كالمطر المنهمر، وفي ظرف ساعتين أُبيد ستون ألفاً من الجنود الرومان وانهزم الرومان شر هزيمة.
وعلم الأوروبيون بالهزيمة، وقدموا قوات أرمينية وجورجية وروسية فاستقبلتهم فرقة المقدمة وأبادتهم.
اشتد الخلاف بين قادة الجيش الأوروبي، وتبادلوا التهم وحدث الخلل، ورجعوا بلادهم مهزومين ومنسحبين، وتركوا بقية البيزنطنيين وقضى عليهم أرسلان. ووقع الإمبراطور الروماني ارمانوس في الأسر.
انتصر المسلمون وهم قلة بالإيمان وحُسن العقيدة والصبر على الجيوش الأوروبية وهم كثرة عِدّةً وعدداً وعتاداً.
أيها المسلمون في السودان وفي كل مكان، لا ينتصر المسلمون بالكثرة، لأنهم انهزموا يوم (حنين) رغم كثرتهم وانتصروا في (بدر) وهم قلة.
هذا الدرس المُستفاد بانتصار طالبان على أمريكا والترويكا والاتحاد الأوروبي وجيش الحكومة الأفغاني والعُملاء والجواسيس بالرعب، حتى تعلّق بعضهم في أجنحة الطائرات طالباً النجاة (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى).
إنه الماضي الذي يصنع الغد والحاضر الذي يصنع المُستقبل.
افيقوا يا حكام السودان، واعتبروا، وخذوا الحكمة من الدراويش الطالبان كما فعلها قبلهم الدراويش أنصار الإمام المهدي.