رحب بها رئيس الوزراء.. مبادرة الإعلان السياسي للشرق هل تكسر الجمود؟
تقرير: نجدة بشارة
على كثرتها وقلة نتائجها، أصبحت المبادرات التي تطلق بين الفينة والأخرى لإيجاد الحلول لمشكلات وأزمات شرق السودان، (تموت في مهدها) على أثر ما تجده من حملات الانتقاد والرفض المطلق من قبل الكيانات والتحالفات السياسية، القبائلية التي تتصلب وتتعنت خلف مواقفها وأجنداتها، حتى أصبحت أزمة شرق السودان تدخل ملفاتها مجلسي الوزراء والسيادة وتخرج دون حلول ..!!
وعلى ذات النسق وجدت مبادرة الإعلان السياسي الاجتماعي لقضايا شرق السودان التي دفعت بها الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية ممثلي تنسيقية الحرية والتغيير بولاية البحر الأحمر، وتهدف لتجاوز كافة الاتفاقيات السابقة بما فيها مسار الشرق الموقع في جوبا وصولًا إلى ثيقة يتفق عليها أهل الشرق.
ترحيب
المبادرة وجدت الترحيب بها من رئيس مجلس الوزراء د. حمدوك، وجدت جدلاً على منصات التواصل الأجتماعي، بين مؤيد لها ومرحب بها، ويراها بصيص ضوء في آخر النفق، وبين من يعتقد البنية السياسية للحراك في شرق الإقليم، جعلت من الأحزاب السياسية والمكونة لقوى الحرية والتغيير في الشرق أكثر عجزاً عن مقاومة طبيعة ذلك الحراك الذي تنشط فيه القبائل، ما يعني أن القدرات المحدودة للأحزاب السياسية المنهكة لا يمكن أن تفعل فعلاً إيجابياً موازياً لقطع الطريق على مسار الأزمة، ورغم ذلك يتساءل المتابعون عن فرص نجاح المبادرة التي تحمل المقترحات والحلول وتدعو لمؤتمر جامع لأهل الشرق للخروج من الأزمة؟
ما وراء الخبر
كان رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، قد رحب بمبادرة الإعلان السياسي الاجتماعي لقضايا شرق السودان، ووعد خلال اجتماعه مع وفد التنسيقية، بدراستها وإحالتها للجهات المختصة وأكد أن الحكومة تولي اهتمامها بقضايا شرق السودان، ونوه إلى أن الإهمال التاريخي لتنمية شرق السودان هو السبب الأساسي في الأزمات والمشاكل الحالية التي تهدد استقرار هذا الجزء المهم من البلاد.
وعرض وفد التنسيقية مبادرته وقال إن الهدف منها كسر الجمود في ملف شرق السودان والانقسام المجتمعي والسياسي، واستنهاض القوى الحية والفاعلة للوصول لحلول لمشكلة شرق السودان.
ودعا الإعلان لعقد مؤتمر لقضايا شرق السودان بمشاركة كل القوى السياسية والمجتمعية، وبدون الاعتماد على أي مرجعيات من الاتفاقيات السابقة. كما اقترح أن تكون البداية بمؤتمرات على مستوى المحليات تقوم بتصعيد ممثليها للمؤتمر العام.
نؤيد الإصلاح ولكن؟
قال ناظر قبيلة البني عامر علي إبراهيم دقلل في حديثه لـ(الصيحة)، إنه لم يطلع على نصوص المبادرة المطروحة، وأردف “متى طرحت هذه المبادرة”، إلا أنه استدرك قائلاً نحن ننشد الإصلاح ونؤيد أي خطوات تصحيحية، وبسؤاله عن سبل الحلول بالنسبة لمشكلة الشرق أجاب قائلًا: ليس لدينا أزمات، أزمتنا الحكومة من ناحية تمسكها بالمسار، غير ذلك ليس لدينا مشاكل موارد أو أراضٍ، مشكلتنا الوحيدة رفض المسار وقلل من المبادرات التي تطرح على الساحة بين فترة وأخرى لاسيما وأن الأحزاب والمكونات السياسية تتغلب عليها الإدارات الأهلية وسط القواعد ومواطني الشرق.
مواجهات وتحديات
ويبدو أن أكبر محنة سيواجهها الإعلان السياسي الرامي إلى حل أزمة شرق السودان، تتمثل في المواقف المعلنة لقيادات ذات ثقل سياسي بشرق السودان والرافضة لمسار جوبا الذي تدعمه الحكومة، وهو الشيء الذي يقلل فرص أي مبادرة قبل أن يتقبل إنسان الشرق اتفاق المسار؛ وبالتالي يقف حجر عثرة امام تنزيل المبادرة على أرض الواقع، وقلل عضو التنسيقية العليا والقيادي بشرق السودان مبارك النور في حديثه لـ(الصيحة) من انطلاق الإعلان السياسي الاجتماعي لمعالجة قضايا الشرق وقال إن الحكومة الانتقالية وحاضنتها تنقصهم الجدية في حل مشكلة الشرق، وزاد: لأن المشكلة ترتبط بمسار الشرق ورفض أهل الشرق لهذا المسار الذي تتبناه وتتمسك به الحكومة، وأضاف “نسعى لحل شامل لأهل الشرق عبر قيام منبر تفاوضي لأهل الشرق”، وأوضح: حتى في حال أن المبادرة تملك رؤية بخصوص مؤتمر جامع لأهل الشرق لابد أن يسبقه إلغاء اتفاقية مسار الشرق الموقعة في جنوب السودان بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية، وقلل النور من دور الحرية والتغيير في التأثير على المشهد السياسي في الشرق لغلبة الإدارات الأهلية وتأثيرها على مواطني الشرق، وقال: نرفض أي مبادرة قبل إلغاء المسار.
الفرص
من الواضح أن الإشكال الذي أصبح عليه الوضع السياسي في شرق السودان والقوى السياسية التي تلعب أدوارها هناك بدا مغرياً لكثيرين في المركز، للاستثمار فيها ولأن المبادرة تجب ما قبلها وتتحدث بمعزل عن مسار الشرق، يرى محللون أنها ستجد صداً من المناصرين للمسار رغم مواقفهم الداعمة لقيام مؤتمر تشاوري حيث سبق وأعلن خالد شاويش، رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة، وقال “نحن في مسار شرق السودان، اقترحنا قيام مؤتمر تشاوري لأهل شرق السودان في المادة 32، ويضيف “هناك في الحكومة السودانية من يدعمون القوى الرافضة لاتفاق مسار شرق السودان، ووفقاً لمحللين هناك خطأ في إدارة ملف شرق السودان. ويرون أنه ما زلنا بعيدين تمام البعد عن عن حل الأزمة، وليست هناك إدارة واضحة لحل الملف.
رفض
وربما عدم رضا الموقعين على اتفاق الشرق يتضح من خلال إفادة عضو المجلس القيادي للجبهة الثورية السودانية ستنا محمود أسرتا لـ”اندبندنت عربية”، قالت فيها “إننا في الجبهة الثورية غير راضين حيال الإعاقات التي تحدث أمام تنفيذ استحقاقات مسار شرق السودان الذي هو جزء لا يتجزأ من اتفاق جوبا للسلام، لأن أي خرق لجزء من الاتفاق هو بمثابة تهديد وخرق لاتفاق جوبا برمته. هناك تلكؤ متعمد في تنفيذ تلك الاستحقاقات، من بعض أطراف الحكومة الانتقالية. ومحاولة تعطيل مسار الشرق سيضر بالعملية السلمية برمتها، لأن تجزئة تنفيذ الاتفاق تعد مؤشراً خطيراً للارتداد على ما جرى الاتفاق عليه في اتفاقية سلام جوبا.
ومما سبق يتضح أن شرق السودان ما زال الملعب الأبرز للأوراق التي تتصارع بها بعض مراكز القوى ..ويظل التساؤل مشرعاً عن فرص نجاح المبادرة؟