علامات التعجب والاستفهام ما عادت تعبر عن العناوين والكتابة، يبدو أننا محتاجون لاستنباط وتصميم علامات أخرى أقوى وأبلغ.
لو تلاحظون أن لغة (الموبايل) استعاضت عنها رمزيات الوجة المرسومة والمصممة، والرسم كلما كان مبدعًا ظل أثره في التعبير عما يجيش في ما بين الجوانح والجوى أبلغ وأدق تعبيراً.
وإذا أردت أن تكتب عما آل إليه حال التعليم أن الكلمات لوحدها ربما تنفرد بمزايا الوصف العميق لسبر أغوار الداء وتحليل المأساة.
وهنا يجدر بنا أن نستدعي أبلغ الكلمات لولا أن تخوننا الذاكره، ذلك للتعبير بأن التعليم في بلادنا يتجه فقط أو يتسع لأن يكون (حصرياً) على (المقتدرين)!! فالمبالغ الخرافية التي تحتاجها أي أسرة عادة لتعليم أبنائها أصبحت ليس في مقدور الأغلبيه العظمى وعامه المواطنين، وبقى على المواطن الغلبان خياران: إما أن يدخل أبناءه السوق وهم (زغب جياع) وإما يلحقهم بمدارس الجهل والأمية والضياع.
الحكومة في هذا الصدد مكتوفة الأيدي بمشكلاتها العويصة و(ساده دي بي طينة ودي بي عجينة). وغول مكافحة التعليم أصبح له عدة رؤوس وهي الرسوم المدرسية والمعنيات كالكتاب والكراسات والزي المدرسي والمواصلات وحق الفطور. وكل رأس في تلك الرؤوس(يات البحوشك بيقلع ضروسك)!
إضافة لقفة الملاح ذات (العضلات التبش) لا تترك للمواطن الغلبان ريشًا يطير به لأي مدرسة حاملا على ظهره أبناءه باحثًا عن تعليم. بل الأدهى أن كثيراً من التلاميذ الذين وقفوا في الدخول لحرم المدرسة بقدرة قادر قد لا يجدون حظًا في (الفطور).
أما المواصلات والترحيل فحدث ولا حرج.
فهل مسئولية الوزارة أصبحت فقط قاصرة على مؤتمر إذاعة الناجحين الذي يشرفه الوزير لمن وفقوا فقط باللحاق بقاطرة التعليم؟!.. وأين إذاعة نتائج الوزارة وفشلها أو نجاحها فيما أن تخلفوا مكرهين وهم كثر.
وليس غول مكافحة التعليم وحده الذي يتشعب بأربعة أفواه مفترسة، وإنما هنالك كما أسلفنا ما يثقل كاهل المواطن من متطلبات حياتية ومعيشية نهمة تقذف بفصيل جيل الغد لمجاهل الأمية والضياع.
ما عادت الكرونا وحدها هي التي تفعل ذلك.
ونخشى ألا يصبح التعليم ليس حقًا واجبًا على الجميع.
الأغرب من كل ذلك أن كثيراً من الآباء ما عادوا يفرحون أو يستبشرون بفتح المدارس بل منهم ما يخشى ذلك.
أحدهم قال لي إنه اضطر لبيع قطعة أرض كان يدخرها لإيواء الأسرة هروبًا من رهق الإيجار ويحلم أن يوفق في بنائها. ولكنه تعشم في التعليم خيرًا عسى ان يكون تعليم الأبناء هو (أريح سكن) لمستقبلهم.
وآخرون كما علمت اضطروا لأن يحولوا أبناءهم من مدارس خاصة مرموقة ذات مستوى جيد لمدارس حكومية مضطرين ـ حسب قولهم ـ للصبر عليها لأن إمكانياتهم الضعيفة ما عادت قادرة على ما هو أفضل.
وآخرون اضطروا أن يلحقوا أبناءهم بمدارس قراهم التي تركوها وأقاموا بالعاصمة باحثين عن لقمة العيش ففي تلك القرى يوفرون حق المواصلات والفطور والإعاشة لأبنائهم.. والأمثله كثيرة.
فتحت المدارس
واجب الحكومة وكما يقولون:(الريس بجيب الهواء من قرونو).. واجبها أن تبحث عن الخيارات والبدائل وأن تستنبط الحلول العبقرية كي يجد كل مواطن حقه في تعليم أبنائه.
وإلا لماذا دقت صدرها وتصدت لحقها كما تظن في قسمة الثروة و(السلطة)؟!!