محمد صالح الأمين بركة يكتب.. سياحة معرفية على مقدمة بن خلدون في التجربة السودانية، مفارقات ومقارنات (3)
المُتأمِّل والراصد لصيرورة تطور المجتمعات التقليدية والمدنية، وطبيعة تكوينها ونشأتها، ومناط انسيابها وإدماجها بين الأمم، من حيث إشاعة السلوك الممنهج، الذي يُجَسِّدْ تفاعلها وانتشارها، وامتدادها بل انحسارها أحياناً، في إطار التحديات الماثلة، في ظل القوة الذاتية الدافعة. استجابة لنداء الواجب، ومناط التكليف، وفق المرجعيات الفكرية والاجتماعية والثقافية، التي بها وعبرها تتبوأ الشعوب والأمم، مكانتها شموخاً وإباءً. وذلك في إطار الرؤية الكلية، والتزاماً بتأسيس روابط مجتمعية، راسخة جامعة وجاذبة لكافة الأطراف والمكونات، ذات الخصائص المُتباينة أحياناً والمُتجانسة حيناً، في عملية إدماج وتكامل وانصهار لكل الأجناس، في بوتقةٍ واحدةٍ تشمل كافة الألوان والأشكال والسحنات واللهجات واللغات، ولا غَرْوَ في ذلك لذلك إذْ أنَّ المنشأ مبتدأً واحد يعودُ للطِّيِنِ والماء حصراً وفضلاً.
ومن هُنا تنتفي الأفضلية المُدَّعاة، بلا منطق يُفضي للحقيقة الغائبة الحاضرة، كلكم لآدمٍ وآدمُ من تراب والوطنُ يسعنا جميعاً .
وَمِنْ الأُدْمة نتجت تلك السُّمرة الداكنة، التي تكسو معظمُ سكان العالم، واستوحيَ الاسمُ الذي ننتسبُ إليه من هنا، الأبوينِ آدمُ والسودان معاً، حيثُ الشمسُ المشرقة، والأرضُ المخضرَّةْ والنيلُ العظيم الذي أرضعنا .
وتعدّدتِ الألوان وانصهرت، من بعدُ ليتشكَّل الإنسان الأنموذج السودانوي الجديد، الذي يتأقلم مع واقعنا المعاش، من البحر للنهر، ومن الغابة للصحراء، في هذه المساحة ليس هنالك ضَيْمٌ أوِ استباحة لأحدٍ كان .
فَلْ تمتدُّ الأيادي بيضاء نقية، من غيرَ سوءٍ لبعض، رمزاً للمحبة والحكمة والرأي السديد، لتحكي عظمة التأريخ الأصيل .
الأحزاب بلغت لدينا حدّ الترف واللا مسؤولية، وما بينهما ضاعت القضية، والخطابُ باتَ مكروراً وليس له غاية، أو خطة استراتيجية، وَتُهنا ما بين الجار والمجرور سنين ضوئية .
ستونَ عاماً لم نُكملَ المباني، ولم نحقق المعاني، ولم نستطع صناعةُ المُحتوى، ولا الأمل المنشود .
ستونَ عاماً، ما استطعنا الوصول للدولة التي نحلمُ بها، والدولةُ أرضٌ وشعبٌ وحدود، فهل نحن نحتاجُ لِعَلَمٍ جديد؟!!
أنٌ تُرفرف الرايات في الفضاءات غير المعروفة، وإنْ نَصَبْنَا السواري!!!
ستون عاماً وما استطعنا التفريق بين الحدود ما بين الحكومة والدولة .
نقطة سطر جديد!!!
نحن بحاجةٍ إلى وطنٍ آمنٍ، ومستقرٍ زاهٍ بالحُب والسلام.
لأنَّ الدولة هي منظومة القيم الإنسانية والأخلاقية والمعتقد.
وهي: تطبيق الحريات والعدالة وقبولنا لبعض والآخر .
السُّؤال: ثُمَّ ماذا بعد.؟!!
ولنا عودة .