الخرطوم الطيب محمد خير
لوح وكيل أول وزارة الثقافة والإعلام الرشيد سعيد يعقوب بعصا تعديل قوانين العقوبات والمعلوماتية بهدف إحكام السيطرة على الفضاء المعلوماتي والانفجار المتفق فيه.. التلويح بعصا العقوبات جاء من على منصة منتدى ” من يصنع الرأي العام؟ ولمن؟ وكيف.. حرب الغرف الإلكترونية” الذي نظمه مركز مدى ميديا للخدمات الصحفية بالتعاون مع المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية لملاحقة مروجي الإشاعات والأخبار الزائفة التي تُبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي قاطعا أن الوزارة ستعمل على ضبط المواقع الالكترونية السودانية بالقوانين نظراً لواقع الظروف التي تمر بها البلاد مشدداً على ضرورة التزامها بالمعايير المهنية والاحترافية.
وأشار الرشيد إلى إن المواقع الإلكترونية أصبحت منصات لنشر الأخبار الكاذبة ونشر خطاب الكراهية، مؤكداً عزم وزارته تعديل قانون النشر الإلكتروني ليواكب التطورات.
من جانبه قال الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، حسام الدين حيدر، إن المرحلة التي تمر بها البلاد تتطلب النشر المسئول وتوخي الدقة والتزام المهنية، منبهًا إلى أن بروز خطاب الكراهية يضر ويؤثر على الانتقال السياسي بالبلاد.
وتأتي إشارة وكيل وزارة الإعلام للجوء لتعديل قانون النشر الإلكتروني لزيادة الرقابة على الفضاء الإسفيري مبعثه واقع حالة الجدل التي تثيرها مواقع التواصل الاجتماعي من خلال فبركتها للأخبار وتصريحات المسؤولين وادعاء أحداث لم تقع لتحريض المواطنين ضد الدولة، بل أصبحت بيئة خصبة للتحريض على العنف وبث خطاب الكراهية الذي ينطوي على تمييز بين المواطنين بالدعوة للعنصرية والتعصب وبعض الإشاعات يتضمن طعنًا في الأعراض بالسب والقذف والإساءة للأديان السماوية أو للعقائد الدينية.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تسعى فيها السلطة لفرض سيطرتها على الفضاء الإسفيري، حيث بدأت تلك المساعي منذ العهد البائد مع تصاعد أهمية الفضاء كأداة للتعبئة والضغط السياسي كانت المحطة الأبرز في هذا السياق هي حجب الحكومة للإنترنت بشكل كامل إبان فترة التفاوض بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بحجة تلطيف الأجواء التفاوضية للوصول لاتفاق، وتواصلت حملة الحكومة للرقابة والسيطرة على المواقع الإلكترونية بصورة أكبر عندما صدر قرار مفاجئ نتج عنه حجب ما لا يقل عن 40 موقعاً وصحيفة إلكترونية وصفحات شخصية متنوعة وظل هذا القرار مجهول المصدر لم تخرج أي جهة حكومية الى يومنا هذا لإعلان مسؤوليتها المباشرة عن هذا القرار وسط صمت حكومي رسمي ونفي خجول لصلة الجهات الرسمية بهذه الخطوة، ما أدى لحالة من الانقسام حول هذا القرار في الأوساط الإعلامية والسياسية، اعتبر المؤيدون للحكومة أن القرار سليم لجهة أن أغلب ما ينشر على تلك المواقع أخبار كاذبة ضد الدولة وترويج للإشاعات التي تستهدف المؤسسات الحكومية لإضعاف الحكومة الانتقالية بينما يعتبرها المعارضون انعكاساً حقيقيًا لواقع ضيق الحكومة الانتقالية ذرعاً بالنقد الموجه إليها في جانب ضعف أدائها، لذلك عمدت لإغلاق المجال ككل أمام الإعلام وسلب أي مساحة متاحة لحرية التعبير.
وتبقى الحقيقة الماثلة في صعوبة إمكانية نجاح الخطوة التي عمد إليها مسؤول وزارة الإعلام وتحقيق الهدف منها في السيطرة على الإعلام الإلكتروني بسبب حرية تداول المعلومات والبيانات التي بات يشهدها العالم الافتراضي في السنوات الأخيرة بما يجعل عمليات حصار هذه المواقع ومستخدميها أوسع مما تحويه القوانين القائمة التي تهدف الدولة لتطويرها.
في هذا السياق قال الخبير الإعلامي والأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية بروفسير عبد العظيم نور الدين لـ(الصيحة) إنه من الاستحالة بمكان السيطرة على الإعلام الإلكتروني وهو ما أسماه د. عبد العظيم بالإعلام الجديد ووصفه بأنه قادر على اختراق كل الحواجز بكافة أشكالها ومسمياتها وفي ذات الوقت لا يسمح بتحديد حرية انطلاقه أو تحجيمها، وبالتالي تصبح أي محاولة في ذلك الاتجاه من قبل أي سلطة لا تأتي بنتائج سالبة.
وأشار د. عبد العظيم إلى أن الحديث عن ما تمر به الدولة الذي تحاول كل الحكومات والأنظمة قديمًا وحديثاً الولوج من خلاله كمدخل للسيطرة على الإعلام يعد حديثًا غير مبرر، وأضاف الآن أيًا كانت الظروف المحيطة بما يجري لكننا نعيش عهدين ومحكومين بهما ويصعب انفلت لخارجهما، العهد الأول عهد الحرية التي نادت بها ثورة ديسمبر وأي التفاف عليها يعتبر حذف لأحد أضلع مثلث شعار الثورة، أما العهد الثاني هو عهد الإعلام الجديد الذي يرتكز على التقنية والفضاء الواسع، فهذان العهدان يشكلان ضمانة ولا يسمحان بتحجيم الإعلام.
ويؤكد د. عبد العظيم على ضرورة الاعتراف بهذا الإعلام الإلكتروني ومحاولة الاستفادة منه خاصة في جانب العمل الصحفي وأي محاولة لتحجيمه تعتبر فاشلة بكل المقاييس لكن يمكن إدراجه ضمن قانون الصحافة والمطبوعات بإيجاد صيغة تكفل التعامل معه ولا أرى ضرورة لأن يفرد له قانون خاص، وفي حال انحرافه عن مساره يمكن مقابلة ذلك من خلال تطوير قانون جرائم المعلوماتية لحماية المواطن والمجتمع من المخاطر التي يسببها.