محيي الدين شجر يكتب : لماذا هذا الصِّراع؟
ما يدور في ديوان المراجعة العامة يحتاج إلى وقفة قوية من أهل الاختصاص، لأن النزاع المتفشي فيه المتضرر منه الدولة السودانية في المقام الأول، لأن القضية ليست قضية لجنة تسييرية تحاول فرض الأمر الواقع حسب ما تعتقده، ولا قضية عاملين بالديوان لهم رؤيتهم ورأيهم في تلك اللجنة التسييرية، بل ويرفضون تنفيذ قرار لرئيس مجلس الوزراء .
القضية الأكبر، إن الصراع الدائر الآن سيجعل من الديوان المستقل بقانونه، واقعاً في براثن الاختراق وسائراً في مُستنقع الانتماء .
في السابق وفي الزمن الغابر، استعصى الديوان على مُحاولات النظام البائد لاستمالته وظلّ يخرج سنوياً بتقارير كاشفة لفساد مُؤسّسات النظام البائد في شَجاعةٍ يُحسد عليها وكان بإمكانه أن يصبح ديواناً للإسلاميين يتناولون فيه كأسات الشاي وفناجين القهوة مثلما يتناولونها في دواوينهم الخاصّة ومَزَارعَهم الفخيمة.
والإنقاذ التي جعلت القضاء السوداني المعروف بالنزاهة على مَرّ تاريخه، غير قادرٍ وغير راغبٍ في كثير من القضايا، عجزت عن تطويع ديوان المراجعة العامّة، وفشلت في جعله بُوقاً لها، تنفخ فيه متى ما شاءت .
الآن لماذا هذا الصراع ولمصلحة مَن، وما هي المصالح التي تتصارع حولها الأطراف المُتنازعة في الديوان..؟
وما هي الأُسس التي استند عليها رئيس الوزراء لإقالة الأمين العام للديوان المُكلف، وهل اتّبع المؤسسية، وهل يملك صلاحية إقالته..؟
من ناحية أخرى.. لماذا لم يستدعه حمدوك مثلما استدعى أردول واكتفى بالاجتماع به مثلما اكتفى بالاجتماع مع أردول..؟
لماذا يتشدّد حمدوك في مسائل ويغض الطرف عن مسائل أخرى تتشابه في الوقائع، يعفي والي القضارف بسبب شُبهة وهنالك من شارك الإنقاذ مُشاركة فعلية ولا يزالون في مواقعهم.. كلها أسئلة تنتظر إجابات..؟
في الهواء
استغربت فعلاً من تصريح وزير المالية وهو يقول إنه لم يصلهم ولا (قرش واحد) من أموال الكهرباء تلك التي يدفعها المُواطنون دفعاً مقدماً وتثقل كاهلهم.
تلك الأموال يفترض أن تُورد في وزارة المالية أولاً ثُمّ تصرفها المالية للكهرباء.
لكن بغض النظر عن تلك الحقيقة المعروفة باعتبار أنّها من البديهيات، فإنّ التشاكُس بين وزراء الحكومة الانتقالية بَاتَ معروفاً وظاهراً للعيان، ومن شأنه أن يضفي آثاراً سالبة على الفترة الانتقالية التي تحتاج إلى التوافُق بين جميع الأطراف الممثلة فيها.