آراء حرة..
مدخل:
في غمرة احتفائنا ببعض التجارب الغنائية.. نظلم بعض التجارب الجادة التي كان لها إسهامها في مجال التجريب والتجديد.. ولعل الفنان عبد الحميد يوسف واحدا من تلك الأسماء التي ظلمناها كثيراً بعدم التطرق للخدمات الإبداعية التي قدمها.. ولعله يعتبر واحدا من الرواد الذين أثروا وجدان هذا الشعب.. وهذه محاولة للتوقف عنده.
ميلاده ونشأته:
ولد الفنان عبد الحميد يوسف عاشور في 17/11/1918 بالخرطوم، وعند السابعة التحق بخلوة الشيخ الكنزي، ثم دخل بعد ذلك المدرسة الإرسالية الأمريكية والتي كانت تعمل بنظام التعليم الحديث (منهج النشاط)، وكانت تهتم أيضاً بجانب الدروس بتعليم التلميذ الإنشاد وترتيل أهازيج الصلوات الكنسية وتعلق عبد الحميد يوسف بهذا الجانب الفني من المقرر المدرسي مما نمَّى عنده ملكة الصوت الجميل..
حي السجانة:
أما المحطة الثانية في حياة عبد الحميد يوسف فهي محطة السجانة وكان ذلك في العام 1949 عندما انتقلت أسرة عبد الحميد يوسف إلى ذلك الحي الفني حي السجانة والذي كان يزخر ويزدهر بالمغنين والشيالين والمهتمين بالغناء والموسيقى أمثال محمد الدنقلاوي (فنان) يوسف أحمد (شاعر) الملحن خليل أحمد عبد العزيز، الموسيقار، عبد الفتاح الله جابو، وغيرهم من رموز الفن السوداني، وفي السجانة تعرف عبد الحميد يوسف على الشاعر يوسف أحمد المكي والشاعر عبد المعطي الحمدي والشاعر حسين محمد حسن، وقدموا له عدداً من الأغاني أشهرها (خدعوك وجرحو سمعتك) (يا حمام سيب هديلك) (يا معنى الجمال الحائر).
مع عتيق:
أما المحطة الثالثة في حياة عبد الحميد يوسف فهي التقاؤه بالشاعر الضخم محمد بشير عتيق والذي أهداه في العام 1943م أغنية (أذكريني يا حمامة) والتي أصبحت الأغنية المثالية التي تستعمل كوسيلة لاختبار مقدرة الأصوات الجديدة التي ترغب في الالتحاق بالإذاعة.
وعبر بها إلى الإذاعة كل من الفنان حسن عطية- أحمد المصطفى- عثمان حسين- عبد العزيز محمد داؤود ولقد تربع عبد الحميد يوسف على عرش الغناء السوداني فترة من الزمن وغمر الساحة الفنية بعدد كبير من الألحان البسيطة السهلة العذبة والتي أكسبته جماهير لم يسبق لها مثيل، خاصة عندما فجر رائعته (غضبك جميل زي بسمتك) والتي يعتبرها النقاد أول أغنية سودانية أحدثت النقلة من غناء الحقيبة إلى الغناء الحديث وبمناسبة مرور الذكرى 31 لرحيل الفنان عبد الحميد يوسف في العام 2007م نذكر أهم ملامح وسمات تجربته اللحنية:
صاحب النقلة:
عاصر عبد الحميد يوسف فناني الحقيبة كرومة وسرور والأمين برهان وعمر البنا والعبادي وود الرضي وأبو صلاح وعتيق وشارك مع الكورس الشيالين، ولكنه ثار على الحقيبة وبدأ يغني في مرحلة مبكرة من حياته الفنية ألحاناً تختلف في طابعها وسماتها الفنية عن غناء الحقيبة فهو يعتبر صاحب النقلة من غناء الحقيبة إلى الغناء الحديث.