الكهرباء هي سلعة استراتيجية وخدمة مطلوبة لكل قطاعات الحياة، وهي تدخل في كل شئ من الإنارة والإضاءة إلى الصناعة والزراعة إلى التجارة والاستثمار إلى الشحن والتفريغ إلى الزواج والطلاق والميراث إلى كل شئ في الكون، وهي اهتمام كل قطاعات المجتمع، ولذلك كل الدول في العالم تعطي أمرها أولوية خاصة وتجتهد لتوفيرها على مدار الساعة, وتعمل كل حكومات الدنيا بجدٍّ على عملها واستقرارها وعدم توقفها لأي سبب. وتبذل في ذلك الجهد المالي والفني والتقني والإداري وحتى السياسي كي توفرها وتتنوّع في مصادرها وتسعى كل دولة أن توفرها من المتاح عندها من مصادر الطاقة المختلفة سواء مائية أو طاقة رياح او شمسية او توليد حراري, وتستعمل كل السُّبل في نقلها من محطات التوليد إلى المستهلك وفي ذلك تستعمل عدداً من الأساليب.
ولكي تغطي الكهرباء الحاجة العامة, تبذل الدولة جهداً كبيراً لتوفرها.
في السودان وقبل الثورة كانت الكهرباء مستقرة إنتاجاً وتوليداً وتوزيعاً، بل كان يقوم عليها مهندسون أكفاء وعُمّال مهرة وتوفر بسعر زهيد، بل هنالك مؤسسات كالمساجد تكون الكهرباء بها مجاناً، وكانت هنالك محطات جديدة تدخل الخدمة في كل حين، ولكن جاءت ثورة ديسمبر وتولى أمر الخدمات رجال الحرية والتغيير، وصارت الكهرباء مقطوعة من المنازل والمكاتب ودُور العبادة والخدمات المُختلفة من المصانع والمزارع، جزء كبير من اليوم مرات بجدول ومرات دون ذلك حتى صارت ساعات قطعها أكثر من ساعات تشغيلها، واختفت في كثير من مناطق الصناعة حتى ألزم أصحاب المصانع لتوفير مولدات خاصة بهم وفوقها الوقود بسعر خرافي ومرات كثيرة معدومة!!
قال الوزير في احدى تجلياته إن الكهرباء في العاصمة المثلثة ستنتظم في كل القطاعات وخاصةً القطاع السكني، ولكن والوزير يتحدث ويبشر قطعت، وفي أكثر من نصف الخرطوم حتى صار الناس يتهكّمون الكهرباء كل زول مسكها قطعتها إلا الحرية والتغيير قطعت الكهرباء، والحقيقة القطوعات طالت وتطاولت، والغريب في الأمر أن سلطات الكهرباء لا تُعلن عن جداول القطع في الخرطوم واذا كان الحال هكذا في الخرطوم فما بال الولايات؟.
والغرابة الأخرى أن سلطات الكهرباء تزيد في سعر الكيلو واط ساعة زيادة مبالغ فيها ومع ذلك الكهرباء إلى الأسوأ وقطاع الكهرباء في تدهور مستمر!
أعتقد أن حكومة د. حمدوك فشلت في أمر الخدمات فشلاً ذريعاً ولا تجد تقدماً وتطوراً في أي خدمة. خُذ المياه او الصحة او التعليم، كل هذه المرافق لم تجد صحة وعافية منذ وصول حكومة د. حمدوك الأولى دست الحكم، وساءت الخدمات، وارتفعت الأسعار، وانعدمت بعض السلع وخاصة الدواء!
أعتقد أن أمر الكهرباء، أمرٌ حيويٌّ ومُهمٌ وخَاصّةً في قطاع الصناعة، وأيضاً في المنازل، لأن معيشة كل أسرة صارت رهقاً من التدبير وخاصةً مُحتويات الثلاجة على قلتها دائماً عرضة للتلف!
السيد وزير الكهرباء، النداء إليك، عجّل بالفرج لأنكم جئتم كما قلت من أجل المواطن، ولكن تعب المواطن منكم حتى صار أمر المقابر أهون عليه من أمر الحياة!
المُواطن السُّوداني، صار أشقى مُواطن في الدنيا، كل وقته بحث عن خدمة او سلعة او في عيادة او في الطريق او بين يدي طبيب او عاطل دون عمل او باحث عن تعليم او في مصير مجهول!
أيُّها الحكام.. الحكم مسؤولية وليس ترفاً او نزهة، ولذلك عليكم أن تأخذوا هذه المسؤولية بحقها او تغادروا هذه الكراسي وحواء السودان ودود ولود.