محمد صالح الأمين بركة يكتب: حوار الطِّيِر في الباقير
الحوار الذي يدور بين مجتمعاتنا أغلبهُ كأنه بين الصُّمُّ والبُكم شبه مستحيل – وبلا نتيجة وبلا فائدة لا الكلمات تُجَسِّرْ الهَوَّةَ بيننا ولا العبارات تُقَرِّبْ المعنى ولا الإشارة تُحْدِثُ النجوى زُلْفى .!!!
كيفما بحثنا ونقبْنا بين الملأ قاطبة، سواءً في محيطنا المحلي أو القومي ووقع الاختيار على ثُلَّةْ من بيننا على أنَّهم خيارٌ مِنْ خَيار يُمَثُّلون عِلْيَةْ القَوْمْ تأهيلاً وتجربةً وَخِبرةً من حيثُ رجاحة العقل والحكمة في القول والفعل والعمل تَصَدَّى البعض لذلك وجحدَ وهدد وأنكرَ .
وكلما تفاءلنا خيراً بوجود القَوْمْ كُلَّ القَوْمْ تَحْتَ سقفٍ واحد ومقامٍ واحد تحت مظلة الرأيِ والفكر المستنير وعلى كُلٍّ مِنَّا عَرَضَ بِضاعتهِ (الرأي والفكر) وفق إطار العرض والطلب والمنافسة في الجودة العالية والتكلفة المناسبة وتقديم الدراسات العلمية والفنية الرفيعة .
المفاجأة – كلما بدأ النقاش تحوَّلَ الحوار إلى جدالٍ ومعركة بدون معترك الكُّلُّ يبحث فيها عن الانتصار للذات (الأنا – نحنُ – هُمْ – وأولئك ) والسعي الدؤوب نحو هزيمة الآخر عبر كافة السُّبُل المشروعة وغيرَ المشروعة.
صحيح السياسةُ عند البعض لُعبةٌ قذرة وتستخدم فيها كافة كُلَّ الذي يُبَرِّرْ الوسيلة ويحقق النتيجة المستحيلة- ولكن يجب أنْ يكون هنالك ميثاق شرف سياسي واجتماعي في إطار الحد الأدنى من القبول بالآخر، بعيداً عن الكيد السياسي – بلا إقصاء لأحدٍ كان وصولاً لِعقد اجتماعي متماسك يساهم في بناء الدولة المنهكة .
أنْ يتوزَّع الفُرقاء إلى تنظيمات وأحزاب وينتظمون في صفوفها تلك قيمةٌ مضافة تؤدِّي إلى التجويد والجودة الشاملة ولكن أنْ يصلَ الاختلاف بين المكونات إلى درجة الفجور في الخصومة تلك عِلَّة مهلكة ومميتة يُصْعُبُ التداوي والشفاء منها وبذلك انتفى التنافسُ الحميد بين الشركاء المتشاكسين مما نتج عنه دوامة أزمات متتالية ومتتابعة تُعَطَّل مواهب الأمة وَتُميت فيما بينهم دوافعهم وحماسهم .!!!