وليكتب القلم عن جنود الوطن البواسل الذين لبُّوا نداء الوطن حينئذٍ، أشرقت شمس القضارف زاهية تحمل في طياتها بُشريات الأمل الجديد لسودان حر محمي بسواعد جنده الذي قطع على نفسه وعداً بأن هذه الأرض لنا.
وبعد شروق شمس الكرامة ونحن بقضارف الخير، أخبرنا اللواء ركن عصام الدين صالح فضيل بأننا سنتّجه صوب “الفشقة”، أخبرت زملائي بأنّنا سنذهب رفقة القائد فضيل إلى منطقة البارود والنار، حينها فرح الجميع والكل تجهز وحضر السائق إلى مكان إقامتنا لنخرج مُتّجهين نحو مطار الفرقة الثانية لتقلع بنا طائرة الهليكوبتر ونحن نُحدق الأنظار نحو أرض الوطن، الكل أصبح حائراً من المنظر الطبيعي وقد شاهدنا ما لا تُصدِّقه العينان من جمال قلّ ما يوجد في مدن السُّودان الأخرى.
حلّقت بنا الطائرة عشرين دقيقة في سماء المجد، وقيادة الطائرة أخبرتنا بأننا على مشارف الهبوط بأرض الفشقة، من عنان السماء نُشاهد انتشار قواتنا المسلحة وقوات الدعم السريع يشكلان لوحة زاهية تجعلك تحدق الأنظار بلا معنى، هبطت بنا الطائرة، الحمد لله نحن بأرض الفشقة نعم بالفشقة، فُتح باب الهليكوبتر، تقدمنا النزول عن القادة لنشاهد أفواج الجيوش التي كانت في استقبالنا، مشهد يجعلك تتأكّد من أن السودان محمي بسواعد بَنِيهِ، رُفِعَ التمام بالميدان للواء عصام وبدأ الجيش يُردّد “جيبو حي.. جيش واحد..+ شعب واحد”.
بالفعل “جيش واحد.. شعب واحد”، شاهدنا تلاحُم وترابُط قادة وأفراد القوات المسلحة وقوات الدعم السريع مع بعضهم البعض كلهم تحت قيادة واحدة، أخبرنا قائد المنطقة أننا سنتّجه إلى كوبري ود عاروض الذي كان معقل العدوان الغاشم، وصلنا وهناك مشاهد أخرى تتّخذ من الكوبري مكاناً لها، انتابني سؤالٌ لم أتردد في طرحه إلى قائد المنطقة، هناك من يتحدّث بأن لا وجود لقوات الدعم السريع معكم والحال هنا يختلف عن قولهم تماماً؟.
أجابني ضاحكاً مَن الذي يقول ذلك، أخبرته بمواقع التواصل الاجتماعي، وهل وصلوا إلينا هنا ليتأكّدوا بأنفسهم، أجبته بصراحة لا، تعجّب وقال إننا في خندقٍ واحدٍ منذ البداية تحت راية واحدة وقيادة رشيدة حتى خرج العدوان الغاشم من أرضنا، قوات الدعم السريع ما تهاونت يوماً عن أداء الواجب وتنتشر في كل حدود البلاد ليس بالفشقة فحسب، تجدها حاضرةً بقوة أبطش من جبروت الحديد في كل الأحوال، والذين يتحدثون عن عدم مشاركة قوات الدعم السريع في استعادة الفشقة ما هم إلا متربصون بقواتنا المسلحة والدعم السريع ولكن هيهات أن ينالوا ما أرادوا. بالفعل ما هم إلا متربصون سيدي القائد وعلّنا شهدنا بأم أعيننا أنكم أقوى وأعظم جيوش الدنيا وليفرح أهل السودان بكم ولتزغرد مهيرة السودان.
اللواء ركن عصام الدين صالح فضيل ممثل قائد قوات الدعم السريع، مخاطباً منسوبي القوات المسلحة وقوات الدعم السريع المرابطة بالفشقة بالقول: أيها الأبطال الأماجد هنيئاً لشعبنا العظيم بكم، أنتم أبطال هذا الوطن الذي يحق لنا أن نحتفي بهم، قد اتّخذتم من الخنادق بيوتاً لكم للذود عن أرض الوطن، ما تهاونتم حينما نادى المُنادي “الفشقة تُناديكم”. أيها الأبطال عبركم نُرسل لهؤلاء المُتربِّصين بأمن الوطن، إنكم لن تنالوا من أرضنا شبراً طالما هؤلاء الغبش يفترشون الأرض لأجل الوطن وشعبه.
إلى أولئك الذين ظلوا يستنكرون وجود قوات الدعم السريع بالفشقة، نقول لكم إن الصورة التي تصلكم تكفي عن الحديث معكم، هنا بأرض الرجال من الخطوط الأمامية يعمل منسوبونا مع القوات المسلحة في خندقٍ واحد ووردية واحدة لأجل صون حدود الوطن، حتى خرج العدوان الغاشم عن أرضنا السودان…
ويُواصل فضيل: أيها الأبطال هنيئاً لكم النصر وأنتم ترابطون بالفشقة ضابطاً وضباط صف وجنوداً، بإذن الله سنمضي بهذا النهج ذوداً عن تراب الوطن بهذا التوحُّد والتكاتُف تحت قيادة واحدة مُوحّدة لحماية السودان ومُكتسباته.
اللواء ركن محمد علي إسماعيل رئيس دائرة الإدارة بقوات الدعم السريع، انفتح وسط جنوده مُخاطباً: أيُّها الرجال المجد لكم والعزة لهذا الوطن، هنيئاً لنا بكم جنوداً خُلّص مرفوعي الرأس منصورين بقوة الرحمن، أمضوا بهذا التكاتف والتعاون أيها الأبطال، وبإذن الله سنخوضها معكم في سبيل الذود عن أرض الوطن.
عزيزي القارئ، بحق يحق لك أن تفرح بأنك سوداني الجنسية ولنقول بصوتٍ عالٍ وااا أسفاي لو ما جيت من زي ديل، فحدود البلاد محمية بعزيمة هؤلاء الرجال الذين وجدناهم في خندق واحدٍ بقوة واحدة وصفوف مُتوازية في الدفاعات الأمامية، حيث آخر نقطة من شبر الوطن بالفشقة يتناوبون فرداً يلو الآخر، يساهرون الليل الطويل، لا ينامون أبداً دون كللٍ أو مللٍ، مُحققين شعار الجاهزية والسرعة على المسافة بامتياز بالمريودة الفشقة.
حان وقت الرحيل بعد أن وصلناهم، اتّجهنا صوب الطائرة مرة أخرى، كان الوداع حافلاً بتلك الأناشيد وبصوتهم العالي يقولون لنا، أخبروا أهل السودان عبر مداد الكاميرا أن بلادنا في أمن وأمان قوات مسلحة على دعم سريع كلنا هنا بأرض الرجال نتقاسم الكوجة معاً حتى عادت الفشقة، صعدنا للطائرة وقد أقلعت بنا على سماء الفشقة وكلنا ثقة بأنّ بلادنا لن تكون قبلةً للعدوان.. والله أكبر والعزة للسودان.