العام الدراسي.. تجدد الأزمة.. زيادة 300% على الرسوم
أولياء أمور: رسوم فلكية والاتجاه نحو الحكومي ضعف وقلة حيلة
معلم: المدارس الخاصة أصبحت مزاداً علنياً
أصحاب المدارس: الرسوم طبيعية مقارنة بالواقع المعاش
اتحاد المدارس: ما يدور حول الرسوم الدراسية حرب غير بريئة
خبير تربوي: الحكومة ساهمت في انتشار ظاهرة تجار التعليم
تحقيق: أم بله النور
كانت ولا تزال قضية الرسوم الدراسية من أكثر القضايا الشائكة والمعقده، وأصبحت صراعا أزلياً تتوارثه الأجيال بين أصحاب المدارس وأولياء الأمور وبين وزارة التربية والتعليم التي فشلت في السيطره على هذا القطاع المهم، وفي كل عام تتجدد الأزمة وتتفاقم نتيجة للتضخم الاقتصادي الذي تعيشة البلاد، إلا أن هذا العام وصلت قضية الرسوم الدراسية مرحلة صعبة جداً ليجد المواطن بين خيارين أحلاهما مر، بين الاستمرار بالتعليم الخاص الذي أصبح بعيد المنال وبين التعليم الحكومي الذي أصبح في أسوأ حالاته.
“الصيحة” شرحت هذه القضية في سياق التحقيق التالي:
تباين في الأسعار
شكا أولياء الأمور من مضاعفة الرسوم الدراسية هذا العام إلى اكثر من 300% وتوضع الرسوم بحسب الموقع الجغرافي والخدمات التي تقدمها على سبيل المثال لا الحصر قال عدد من أولياء الأمور بمدارس القبس فرع أركويت فبلغت الرسوم 350 ألف جنيه للتلاميذ الجدد، 300 ألف جنيه تسجيل قديم، وأوضحت أم لأربعة أطفال بمدارس كبيدة والتي تحدثت للصيحة وهي في حالة من الذهول أن رسومهم بلغت (2) مليون 600 ألف للعام الواحد. وكشف عدد من أولياء أمور تلاميذ بمدارس الإبداع أساس أن الرسوم بلغت 175 ألفاً غير شاملة ترحيل والزي المدرسي والكتب.
بينما بلغت الرسوم بالمحليات الطرفية ما بين 120 ألف جنيه الى 80 ألف جنيه غير شاملة الترحيل والكتب.
بيئة غير مرضية
وفي حديثها للصيحة قالت إحدى الأمهات أن بيئة المدارس الخاصة أصبحت غير مرضية مقارنة بالأرقام الفلكية التي تفرض على الأسر، وقالت إن البنى التحتية ضعيفة من حيث الفصول ودورات المياه، وأضافت أن المستوى الأكاديمي أيضاً أصبح ضعيفاً، واستنكرت صمت وزارة التربية والتعليم، وترى أنها السبب في ارتفاع الرسوم الدراسية بالضرائب التي تفرضها إلى جانب انعدام الرقابة وفرض الجزاءات على أصحاب المدارس المخالفة، واقترحت تجميع الرسوم الدراسية وتحويلها لصيانة المدارس الحكومية والنهوض بها للحد من جشع تجار التعليم كما أسمتهم.
هجرة عكسية
وبالمقابل شرع مئات المواطنين في الانتقال من المدارس الخاصة للمدارس الحكومية، وقالت صفاء صديق إن أطفالها كانوا يدرسون بإحدى المدارس الخاصة بأمدرمان إلا رسومها لا تتوافق مع مصدر دخل رب الأسرة الأمر الذي جعلها تتجه للتعليم الحكومي رغم ضعف إمكانياته، وأضافت أن المدرسة التي لجأت إليها يضم الفصل الدراسي أكثر من 70طالباً مقابل عدد قليل من الإجلاس إلا أنها مضطرة للحاق بها، وإلا سوف يترك أبناؤها مقاعد الدراسة. وهناك عدد كبير من أولياء الأمور بصدد نقل أبنائهم من التعليم الخاص للتعليم الحكومي.
واعتبر الخبير التربوي خالد المصطفى صمت الحكومة وعدم فرض هيبتها عبر الرقابة وسن القوانين أدى إلى انتشار ظاهرة تجار التعليم، وأضاف أن المدارس الخاصة أصبحت عبارة عن مزاد علني والبقاء فيها لمن يدفع أكثر، وجزم بتنامي ظاهرة الفاقد التربوي خلال السنوات القادمة لعدم قدرة الأسر على دفع تكاليف المدارس الخاصة، مع قدرة الدولة على توفير تعليم مجاني.
تأجيج الصراع
دافع الأمين العام لاتحاد أصحاب المدارس الخاصة أمين محمد عثمان عن مشروعهم، ووصف ما يدور الآن حول الرسوم الدراسية بأنها حرب غير بريئة، وتأجيج للصراع، موضحاً أن الرسوم المدفوعة رسوم طبيعية بالنسبة للوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وأضاف أن الرسوم تحدد حسب مطلوبات المدرسة والخدمات التي تقدمها وتكلفة الإنتاج والتشغيل.
وقال أمين أنهم كمؤسسات تعليم خاص يعملون وفق موجهات عامة ويراعون الظروف الاقتصادية للمواطن، مبيناً أن الدولة لا تقوم مسؤولياتها تجاه التعليم والذي يحتاج لميزانيات كبيرة، ويرى أن التعليم الخاص يعمل على سد فجوة كبيرة أحدثتها الحكومة السودانية خلال فترة النظام السابق والمرحلة الانتقالية الحالية ساهمت في زيادة الأسعار نتيجة للتضخم الاقتصادي الذي فشلت في السيطرة عليه، وأكد أن مؤسساتهم ساهمت في حركة الاقتصاد من حيث توفير فرص عمل للمعلمين ومشرفي التراحيل وغيرها من الوظائف إلى جانب إنعاش سوق العقارات، وشدد أمين على ضرورة دعم العملية التعليمية من قبل الحكومة إذا أرادت التخفيف عن المواطن وذلك عبر فتح منافذ للتمويل العقاري وتمليكهم قطع أراض عبر التمويل المصرفي ، وإعفاء مدخلات الإنتاج. ويرى الأمين العام لاتحاد أصحاب المدارس أن المواطن في كامل الرضا عما تقدمه له تلك المؤسسات.
مساهمة حكومية
ويرى أمين محمد عثمان أن التعليم الخاص يدعم ميزانية وزارة التربية والتعليم بما لا يقل عن 80% مستنكرا الفقرة (8) من موجهات العام الدراسي الجديد الذي أصدارته إدارة التعليم الأساسي بولاية الخرطوم والتي تنص على عدم زيادة الرسوم للطلاب القدامى إلا بعد مرور (3) سنوات استنادًا على قانون التعليم الخاص للعام 2015م وقال إن هذه الفقرة مرفوضة وغير قابلة للتطبيق، وأرجع ذلك لارتفاع الأسعار في كافة الأصعدة الى جانب تقاضي الوزارة نسبتها المقررة وتجديد التصاديق بالتكاليف الجديدة.
بينما أصدر مدير إدارة مرحلة الأساس بولاية الخرطوم حمزة الفحل توجيهاً بعدم زيادة الرسوم الدراسية للطلاب القدامى إلا بعد مرور ثلاث سنوات استنادًا على قانون التعليم الخاص للعام 2015م.
فشل الوصول
وفشلت الصيحة في الوصول لإدارة التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم والتي ترفض إدارتها الحديث إلا عبر مكتب إعلام الوزارة والتي ظلت الصيحة في الاتصال به لأكثر من 72 ساعة ولم تفلح محاولاتها في تحديد موعد مع الإدارة المختصة ومعرفة موجهاتها للرسوم الدراسية..
وكانت الحكومة قد عممت منشوراً العام الماضي رفضت فيه اي زيادات جديدة على الرسوم في المدارس الخاصة إلا بعد مضي ثلاث سنوات على التسجيل الأولي الأمر الذي لا تلتزم به المدارس.