محمد البحاري يكتب : جيشنا!!
شخصياً لا تربطنى بالعسكرية إلا (صفا انتباه) فى طابور الصباح في مدرسة الجديد الثورة (3) (عمران) الابتدائية وذلك التناسق الجميل بصوت المربى الأستاذ (عبد الله محمد عبد الله) هذا الأستاذ الأسطورة الذي تخرجت على يديه مجموعات كبيرة من الطلاب أسهموا في حركة الحياة العلمية..
لكن رغم هذه العلاقة الشحيحة جداً بيني والعسكرية لا أخفي شغفي الكبير بهذه المؤسسة العريقة والتطور الكبير في مؤسساتها وأفرادها وذلك الانضابط الكبير والواضح على مر التاريخ والتضحيات الكبيرة التي قدمتها هذه المؤسسة.
وفي اعتقادي الشخصي أن هذه المؤسسة كان لها الدور الكبير في حفظ السودان من (سوريا) أخرى و(عراق) آخر بفضل الروح الأبوية الكبيرة والعقلانية وسياسة النفس الطويل في ظل التغيير الذي حدث في السودان فكانت الأم الرؤوم التي تحملت عقوق أبنائها ولم تبخل عليهم بالدعوات الصالحات إلى أن خرجت بالوطن لبر الأمان..
قدمت (القوات المسلحة) نموذجاً للعالم في القيادة والصبر وظهرت الخبرات التراكمية الكبيرة لهذه المؤسسة، وكانت فوق الصغائر والشبهات، وقدمت الوطن على المنافع الشخصية وقدمت العام على الخاص في صورة واضحة للشهامة والنخوة، فهذا إن دل فإنما يدل على التربية الوطنية الشاملة التى يتمتع بها أفرادها من أصغر عسكري لأكبر ضابط، فتحملوا المسؤولية كاملة غير منقوصة..
حسب تقديري تغيرت المفاهيم كثيراً تجاه العسكرية في السابق كان يعرف عن العسكري أنه يجيد لغة السلاح والحرب فقط، لكن التعامل الذي تعاملت به (القوات المسلحة) تجاه ما حدث في السودان يؤكد تماماً قدرة العساكر فى إدارة الأزمات بكل ضروبها من سياسية واقتصادية واجتماعية..
جمعتني بالمؤسسة العسكرية كثير من العلاقات الاجتماعية فوجدت الوفاء والشهامة والوفاء متمثلاً في شخص اللواء معاش (عبد الحفيظ أحمد الصديق) وثلة من الضباط.. حكى لى واحد من الضباط أنه في عز الوغى وفي قلب الأحراش تأتيك مكالمة من سعادة العميد ليطمئن عن صحتك وأحوالك وأسرتك تكون زاداً معنوياً كببراً..
ومن جميل القصص حدثني أحد الضباط أنه في عز القتال فى دارفور تقطعت بهم السبل ومعه مجموعة من الجنود في أودية وغابات مسافة أيام عديدة حتى يصلوا لمقر قيادتهم وعليهم المشي ليلا فقط حتى لا يقعوا أسرى فى يد العدو، وعندما تبقى لهم مسيرة يوم أو أكثر كان عليهم حسب التكتيك التحرك في شكل جماعات صغيرة فالجنود لا يريدون أن يتركوا قائدهم خلفهم ولا الضابط يريد أن يترك جنوده خلفه وظلوا بهذه الطريقة إلا أن القائد أصر أن يكون خلف جنوده استخدم الأوامر العسكرية في ذلك فهذه حالة من الوفاء والإيثار لا تجدها إلا فى (القوات المسلحة)..
كتبت مقالاً سابقاً دافعت فيه عن الفنانين الذين أدوا أوبريت الجيش في العام الماضي، فسألني أحدهم عن علاقتي بالقوات المسلحة، فأكدت له تماماً بأن ثقتي في (القوات المسلحة) كبيرة في قدرتها على قيادة الدولة وقلت له في أول انتخابات سيكون صوتي لمرشح القوات المسلحة أو من يمثلها..
كل هذه التداعيات جاءت على خلفية مهرجان (الإبداع العسكري) في الأسبوع الماضي الذي جاء هذا العام بمفاهيم مختلفة وأسلوب جديد، لكن ما الذى يمنع أن يكون مفتوحاً للجمهور كل أيام المهرجان حتى يكون قريباً من قلوب الشعب، وتقدم فيه المنافسات والنتائج والدرجات بشكل مفتوح حتى تأخذ الشكل الجماهيري.