عبد الله مسار يكتب : من سِير عُظماء هذه الأمّة
عندما طُعن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أتى بالحليب فشربه، فخرج الحليب من خاصرته، فقال له الطبيب أوصِ يا أمير المؤمنين فإنك لن تعيش، فنادي ابنه عبد الله وقال له اتني بحذيفة بن اليمان.
وجاء حذيفة وهو الصحابي الجليل الذي أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم جدولاً بأسماء المنافقين ولا يعرفهم إلا الله ورسوله وحذيفة.
قال عمر رضي الله عليه والدماء تجري من خاصرته يا حذيفة أناشدك بالله اسمي ضمن المنافقين؟
فسكت حذيفة ودمعت عيناه وقال ائتمنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، على سر لا استطيع أن أقوله يا عمر.
فبكى حذيفة فقال أقول لك ولا أقول لغيرك والله ما ذكر اسمك عندي.
فقال عمر بقي لي من الدنيا أمرٌ واحدٌ، فقال له ابنه عبد الله ما هو يا أبتاه، قال عمر أن أدفن بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يا بُني اذهب إلى عائشة أم المؤمنين ولا تقل أمير المؤمنين، بل قُل عمر يستأذنك وأنتِ صاحبة البيت ان أذنت أن يدفن عمر تحت قدمي صاحبيه،
فقالت نعم قد كنت أعددت هذا القبر لي واليوم أتركه لعمر.
فعاد عبد الله فرحاً وقال يا أبتاه قد أذنت، ثم رأي خد عمر على التراب، فجلس عبد الله ووضع خده على فخده، فنظر عمر إلى ابنه وقال لمَ تمنع خدي من التراب، قال عبد الله يا أبتاه، قال عمر ضع خد أبيك على التراب ليمرغ به وجهه فويل عمر إن لم يغفر له ربه غداً.
ومات عمر بعد أن أوصى ابنه، فقال إن حملتني وصليت عليّ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر إلى حذيفة قد يكون راعني في القول، فإن صلى عليّ حذيفة فاحملني باتجاه بيت رسول الله.
ثم قف على الباب فقل يا أماه ولدك عمر ولا تقل أمير المؤمنين، فقد تكون استحيت مني فأذنت لي فإن لم تأذن فادفني في مقابر المسلمين.
فحمله ونظر في المسجد، فجاء حذيفة وصلى عليه
فاستبشر ابن عمر وحمله إلى بيت عائشة، فقال يا أمنا ولدك عمر في الباب هل تأذنين له، فقالت أدخلوه. فدُفن سيدنا عمر رضي الله عنه بجانب صاحبيه.
رحم الله عمر بن الخطاب ملأ الأرض عدلاً وخاف الله خوفاً شديداً، مع أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم بشّره بالجنة.
فما بالنا نحن اليوم لا يدري أحدنا أربه راضٍ عنه أم لا، ومع ذلك نلهو ونضحك ولا نخاف ولا نخشى ولا نُفكِّر بمصيرنا بعد الموت.
اللهم أحسن خاتمتنا وثبِّتنا عند الموت.
اللهم أهدنا وأهدي بنا وأجعلنا سبباً لمن اهتدى وأهدي ذرياتنا هدايةً لا نشقى ولا نضل بعدها أبداً يا رب العالمين.
إنّهم عظماء هذه الأمة اعتبروا يا أولي الألباب.