بهاءالدين قمرالدين يكتب : غارقون في نعم الله.. فهل من شاكر؟
نعم الله علينا لا تُعد ولا تحصى فلو تأمل الإنسان في كل ما حوله يجدها ظاهرة واضحة، فالنعمة تعني حُسن الحال وهــي الخير الذي يصل إلى المرء في دينه ودنياه. قال تعالى (يستبشرون بنعمة من الله وفضل…) آية 171 سورة آل عمران.
فهل فكّر أحدنا في يوم من الأيام أن يحتسب عدد النعم التي يتنعم بها في حياته؟! بالطبع لا. كيــف وأنها لا حصــر لهـــا وكيف يحصيها وهي تملأ الكون كله من هواء وماء وطعام وشراب وملبس ومأكل وطرق وصحة وسعادة وراحة للبال وفوق كل ذلك نعمة الأمن والأمان ونعمة الوطن المستقر التي تجعلنا نسير يميناً ويساراً ونزاول أعمالنا في سكـــون وهـــدوء وطمأنينة في كل أنماط الحياة. قال تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) آية 18 سورة النحل .
وعلى عكس ذلك تماماً نجد النقمة أو البؤس والتي قد يصل إليها الفرد بسبب عدم شكر النعمة, فزوال النعم يصل إلى الإنسان مـن فقدانه الإحساس بنعم الله عليه ونسيانه شكر الله وحمده على ما رزقه من نعم بالغة.
ألا وإن أول النعم التي يجب على الإنسان أن يحمد ربه عليهــــا هـــي أن رزقه نعمـــــــة التوحيد والإسلام فهذا هو قمة الشعـور بالرضـــــا والاعتراف بالفضل لله, وثانيها هي نعمــة الوطن الكــريم الآمن التي جعــله الله من نصيبك فــي وطــــن يســعى جــاهداً لتحقيق كيانك في العيش المستقر, وثالثها هي نعمة الصحة والعافية في البدن فهي التاج على رؤوس الأصحاء ولا يشعر بهذه النعمــــة إلا من حُرم منها فالجسد بكل ما فيه من عمليات حيوية تعمل بدقة مُتناهية من أعظم نعم الله على الإنسان, بل إن الكــون ومــا فيــه مــن مُكــــوِّنات نعمة عظيمة تجعل الفرد مواصلاً رحلته في الحياة.
ومن أعظم الأدلة التي تصف النعم على الإنسان قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديثه الشــريف (من بات آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالأمن والصحة والغذاء كلها نعم أساسية يجب علينا أن نستمر في حمد الله وشكره عليها، لأنّ الاستمرار والمُداومة على شكر النعم يزيدها والبُعد عن حمد الله على نعمه يقلل دوام واستمرار النعم.
وقد لا تكون النعم أشياءً مادية محسوسة فقط، ولكنها قد تكون أشياءً غير مباشرة وهبها الله لعبده فينعم عليه بها ويجعله في نعيم دائم بحرصه عليها كمساعدة الناس والمُحتاجين, والصدقات ومساعدة الفقراء والمساكين, وصلة الأرحام وبر الوالدين, والدوام على الدعاء للوطن وللناس أجمعين .
فالنعم كرم الله على عباده في كل أمور حياتهـــــم وصحتهم ووطنهم ومسكنهم وأبنائهم فلا تتراجع عن الاستمرار في شكـــر الله واجعل دائماً نفسك مُتّصلة بالحرص على المُحافظة عليها وكن سبيلاً لغرس الشعور بنعمة الحياة في اتباع مسالك الخير وطرق الحب والسلام والأمن والتسامح.
فاللهم اجعلنا من الدائمين على طاعتك، المُستمرين لحمدك، المُعترفين بفضلك، الشاكرين لنعمك.. آمين…. جمعة مباركة ولا تنسونا من صالح الدعاء .