صديق البادي يكتب : السودان مؤهل لأن يصبح دولة عظمى ولكن!!
الوطن الشامخ يتمتع بثروات هائلة متنوعة، ويمتلك موارد اقتصادية ضخمة وهو مؤهل لأن يصبح مارداً اقتصادياً جباراً ورقماً لا يستهان به على المستويين الإقليمي والدولي وله مقومات تؤهله لأن يصبح دولة عظمى. وإذا وقفنا عند إمكانياته في مجال الزراعة وحدها فإن دكتور منصور خالد أورد في كتابه شذرات من هوامش على سيرة ذاتية الجزء الرابع الفقرة الآتية (ثروة السودان الحقيقية هي الماء الذي عليه عماد الحياة والأرض الواسعة المطمئنة ورأس المال البشري لهذا أومأ العالم في مؤتمر القمة لمنظمة الزراعة والأغذية في نوفمبر عام 2009م إلى أن الحل لأزمة الغذاء في العالم يكمن في استغلال الموارد المتوفرة لدول خمس هي الأرجنتين، البرازيل، استراليا، كندا، السودان). وهذا يعني أن السودان من ضمن خمس دول يعول عليها في حل أزمة الغذاء في العالم وهو الأول بجدارة في أفريقيا والعالم العربي المؤهل لأداء هذا الدور ويمكن أن يكتفي ذاتياً ويكون سلة غذاء لكافة دول المنطقة ويمكن بمنتوجاته الزراعية وغيرها أن تقوم فيه ثورة وثروة في قطاع الصناعات التحويلية.. الخ، وبسهولة يمكن تطبيق شعار نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، مع تصدير منتجاتنا بعد تصنيعيها. والوطن يتمتع بإمكانيات هائلة في مجال الزراعة ولو تم استثمارها الاستثمار الأمثل لحدث استقرار وأمن وأمان “(أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، وبجانب ذلك فإن السودان يتمتع بثروة حيوانية وسمكية وغابية ضخمة مع وجود نفط وغاز ومعادن نفيسة من ذهب وفضة ونحاس ويورانيوم وكروم..الخ، وهذا غيض من فيض وموجة كبيرة ضمن بحره الزاخر وخيره الوافر. وتوجد مناطق سياحية عديدة بمناطق مختلفة في السودان يمكن أن تكون من أكثر المناطق في العالم جذباً للسياح، وتدر أموالاً طائلة تدخل خزينة الدولة بالعملات الحرة. والوطن يزخر بالأيادي العاملة والسواعد الفتية القوية والعمال المهرة والصنايعية والفنيين والتقنيين وهو يزخر بالعلماء والخبراء المختصين في كافة العلوم والمعارف في مختلف المجالات بمؤهلات علمية رفيعة وخبرات تراكمية وقدرات هائلة على التخطيط ووضع الاستراتيجيات ومنهم أعداد كبيرة يعملون في الخارج ولو استقرت الأوضاع في الداخل وأتيح لهم العيش الكريم الذي يليق بهم واستقروا وقدموا خبراتهم وقدراتهم وعصارة علمهم وفكرهم مع رصفائهم بالداخل فإنهم سيساهمون مع أبناء شعبهم الآخرين في نهضة الوطن والارتقاء به لقمة سامقة وذروة شامخة… والسودان يملك مقومات أن يصبح دولة عظمى. وإن دولاً أخرى أقل منه في الإمكانيات والموارد وتعدد مصادر الثروة قد نهضت وعلى سبيل المثال فإن اليابان الدولة الغنية الصناعية الكبرى لا تملك نصف ما يملكه السودان من موارد وثرواث وكنوز وتستورد بعض الخامات الصناعية وعانت من ويلات الحرب العالمية الثانية وضُربت في عام 1948م بالقنابل الذرية في هيروشيما وناجازاكي ومع ذلك استطاعت اليابان بالهمة العالية والقيادة الواعية الرشيدة والتخطيط السليم والتنفيذ الجاد والعمل والإنتاج أن تنهض وتصبح قوة صناعية واقتصادية ضاربة ومن دول الصدارة في العالم. وألمانيا خرجت من الحرب العالمية الثانية وهي مهيضة الجناح ومثخنة بالجراح وقسمت لدولتين هما ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية ووضع حاجز يفصل بينهما ورغم ذلك نهضت وأصبحت من دول المقدمة في العالم وتوحدت مرة أخرى وحدث اندماج تلقائي لأن لغتهم وثقافتهم وسحناتهم وجذورهم وأصولهم واحدة وهم شعب واحد وتاريخهم مشترك وبقوة الشكيمة ومضاء العزيمة والهمة العالية والعمل والإنتاج ارتقت ألمانيا لذروة عالية.
والسودان نال استقلاله منذ خمسة وستين عاماً والوضع الذي فيه الآن من حيث الخدمات والتنمية ومستوى معيشة ودخل الفرد يقل كثيراً عن ماهو متوفر ومتاح له من إمكانيات وثروات هائلة غير متوفرة لدول كثيرة غيره نهضت وارتقت لقمم سامقة، ولكنه بكل أسف يستجدي الآن المنح والهبات لسد الفجوة الغذائية!! وبلا خوض في التفاصيل التي تحتاج لملفات ووقفات طويلة قادمة أوجز أن من بين أسباب التقهقر للخلف الصراعات الحادة والمنافسات الشرسة حول السلطة وجاهها وأبهتها ومن الأسباب أيضأ الحرب الاستنزافية التي امتدت لأمد طويل بين الشمال والجنوب والتي أعقبتها بعد توقفها بؤر ملتهية عديدة وحمل للسلاح وحروب فقدت بسببها أرواح كثيرة عزيزة. وحدث تدمير لا تعمير ونزوح ولجوء للخارج وتعطيل للتنمية والخدمات واستنزاف أموال طائلة…الخ وكانت الخدمة المدنية راسخة وأخذت تتقهقر للخلف وهبطت من الثريا للثرى. وعمت الفوضى والهمجية وضعفت المؤسسية وعلى سبيل المثال كان في السودان كله بشماله وجنوبه أربعة وثمانون مجلساً ريفياً أقيمت بعد اجازة وتنفيذ قانون مارشال 1951م وكان بالسودان تسع مديريات فقط وفي العهد السابق تم تدمير الحكومات المحلية عن قصد وإقامة هياكل حكم خاوية وعلى سبيل المثال أقيم في دارفور الكبرى بكل ولاياتها أربع وثمانون محلية على رأس كل منها معتمد. والمحلية كانت تسمى محافظة وقبلها كانت تسمى مديرية، وهذا يعني أنه أقيمت في أقليم درافور وحده أربع وثمانون مديرية وعلى ذلك قس في بقية الولايات الأخرى، وبالنسبة للاقتصاد تضاربت السياسات وتناقضت وسعى بعض المنظرين والمنفذين للتعامل بطريقة تعلم الزيانة في رؤوس اليتامى والمؤسف أن الإذعان والرضوخ والخضوع المذل وتنفيذ الفواتير والخطط والسياسات التي تُملى من الخارج، قد أورد اقتصاد البلاد موارد الهلاك، ونحن جزء من العالم نتفاعل معه ولا ننفصل منه، ولكن وفق رؤية وطنية ومعطيات داخلية مع مد الجسور مع الخارج ببصيرة نافذة بلا ذيلية وتبعية عمياء.
والمطلوب الآن إنهاء الهرجلة والهمجية السياسية وإرساء دعائم المؤسسية من القاعدة في تسلسل هرمي حتى القمة. ومن المطلوبات اللازمة إيلاء المنظومة الدفاعية أقصى درجات الاهتمام ودعم الجيش القومي، لأن بقوته ومنعته وبمساندته والوقوف خلفه وشد أزره حفظ للأرض والعرض وحماية الوطن والجيش الباسل هو حائط الصد الفولاذي القوي مع ضرورة وجود جهاز أمن واستخبارات قوي يضم كوادر مهنية قادرة ومؤهلة ويكون قومياً لا حزبياً أو خاضعاً لأي تنظيم سياسي، وألا تكون مهمته هي الحفاظ على كراسي الحاكمين كما كان يحدث من قبل، ولا بد من إزالة الصورة الذهنية القبيحة التي أحدثتها الممارسات اللئيمة القديمة في العهد السابق من بطش وتعذيب وبيوت أشباح وانتهاك لحقوق الإنسان. والضرورة تقتضي الآن عاجلاً لا آجلاً أن يكون جهاز الأمن الخارجي على درجة عالية من الكفاءة والاقتدار لئلا تُختَرق السيادة الوطنية ويحشر الآخرون أنوفهم في مسائل داخلية سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية.. الخ، مع منع أي دبلوماسي أجنبي من أن يتعدى حدوده ويسرح ويمرح كما يشاء. وفي ظل ما يسمى زوراً وكذباً بالمناطق المحررة فإن طائرات الخواجات تأتي وتهبط وتقلع راجعة للخارج دون رقيب أو حسيب أو تفتيش مما جعل الشك يتسرب بأنهم ربما يهربون ويأخذون معهم كميات من الكنوز والمعادن النفيسة وربما يفعلون ذلك في مناطق طرفية أخرى غنية بمعادنها وكنوزها وتقلع طائرات هؤلاء الخواجات في غفلة بلا رقيب أو حسيب!!
والعمل والإنتاج هو وسيلة التقدم دون تضييع للوقت والجهد في معارك سياسية صغيرة وفي سفاسف الأمور. والسودان مؤهل ليكون دولة عظمى ولكن!!.. ولا بد بالعمل والتنفيذ من إزالة كلمة لكن هذه.