أحمد الجعلي يكتب : فيروس كورونا ونجومية مصعب محمود
* منذ أن خلق الله هذا الكون وأوجد فيه الإنسان، أنتجت البشرية أرقاماً لا يمكن للعقل أن يتخيّلها، ولكن يمكن للعقل أن يحتفظ بعددٍ من هؤلاء البشر في حقب زمنية مختلفة ولم يتسرّبوا من بين ثقوب الذاكرة الإنسانية.
* ففي كل عصر وزمان وفي كل ميدان ومجال هناك أسماءٌ راسخةٌ ولامعةٌ تأبى أن تخبو رغم زوال الأجساد وتعاقُب الأعوام والقرون.
* ويظل سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم هو الاسم الأبرز والأثر الأعظم والنجم الألمع والقائد الملهم دُون مُنازعٍ.
* وفي كل زمانٍ ومجالٍ يبزغ نجم وتحتفظ الذاكرة البشرية باسمه على أوسع نطاق، مثلاً خالد بن الوليد وهتلر ونابليون لمعت أسماؤهم في الجيش والحروب.
* وفي الكرم حاتم الطائي، والبخل أشعب، والمال قارون وغير ذلك من أسماء وفي مجالات شتى.
* والشأن الرياضي ليس بمعزلٍ عن هذا الحديث، فالذاكرة الكروية احتضنت اسم بيليه ومارادونا وباكينباور ورونالدينو ورونالدو وميسي وغيرهم.
* قد نحتار في كيف صنع هؤلاء نجوميتهم، ولكننا قد لا نحتار كثيراً إذا وقفنا على المنحة الإلهية لكل واحد منهم وفي مجاله وهي الموهبة والتي تتطوّر بالجهد والاجتهاد لتأخذ بمجامع القلوب والألباب.
*وكم من أصحاب موهبة لم يجتهدوا ولم يُطوِّروها فاندثرت ولم تتشرّف الذاكرة المُجتمعية من الاحتفاظ بأسمائهم.
* فنجد الناس يقولون هذا نجم بداهة، ولكن ما هو المعيار الذي استندوا عليه لينصبوا فلاناً نجماً؟ وهل هناك فرق بين النجومية والشُّهرة؟.
* لنجيب على الاستفهامين أعلاه، نجد أنّ المنحة الإلهية (الموهبة) وجهد الإنسان في تطوير موهبته وعمل قيمة مُضَافَة لها يُساعد في اعتلاء مَنَصّات النُّجوميّة.
* ونجد أنّ أسس معايير النجومية لا تختلف من مجالٍ لآخرٍ، فهي ذاتها في الفقه والفن والشعر والأدب والتمثيل والقيادة والعلماء.
* نَجد أنّ عوامل أخرى داخلية أو خارجية تدخل في صناعة النجم كالإعلام والوجاهة أو الجمال والأناقة إلى جانب الذكاء الاجتماعي والوجداني والإنجازات والبطولات وغير ذلك من عوامل.
* وفي كل الأحوال، يظل النجم نجماً يعرفه الناس بفطرتهم، فهو وحده من يستطيع التسلُّل أي حصون قلوبهم فيأسرها وينتزع منها الآهات والتنهيدات إعجاباً بما يقدم.
* أما الفرق بين النجومية والشُّهرة حسب رأيي الشخصي المتواضع هو أنّ النجم أبقى أثراً وأكثر فائدةً ويكون اسمه عصيّاً على النسيان، وكثيراً ما نخلط بين الاثنين في مُجتمعنا.
* فصاحب المال الذي يكتنزه كأرقام وممتلكات وعقارات دون أن تكون له أعمال خيرية يستفيد منها المُجتمع، يصبح مشهوراً وليس نجماً رغم وزنه المالي والاجتماعي.
* لاعب الكرة الموهوب المُراوغ يصبح مشهوراً، إذ لم يَقُد فريقه لمنصات التتويج والفوز بالألقاب والبطولات.
* وحتى اللاعبين الذين يقضون فترات زاهية مع فرقهم ويُساعدونها في الفوز بالبطولات ثم يختبئون بعد اعتزالهم ولا يدري جمهورهم أين هُم هؤلاء ليسوا بنجوم، فالنجم من تواصل عطاؤه وبريقه ولمعانه حتى وفاته والوفاة أيضاً تصبح حدثاً ويبحث الناس عن سببها.
* انطلاقاً من هذا الحديث، كم عدد النجوم في مُجتمعنا في كل المجالات الفقهية والفنية والأدبية والرياضية وحتى السياسية وغيرها؟.
* وعلينا أن نعلم أن ظروفاً مُعيّنة تتوفّر لشخص ما يُمكن أن تخلق منه نجماً ولكن بمدة صلاحية تنتهي معها النجومية بزوال المُؤثِّر.. مثال: (ثورة ديسمبر.. دسيس مان).
* هذا يعني أن هناك نجومية مؤقتة ولكن هناك من يستطيع الإبقاء عليها أطول زمن ممكن.
* في المساحة التالية من هذا المقال، دعوني استعرض باختصار مشروعاً لنجم وهو الزميل الإعلامي مصعب محمود وتجلي ذلك الأمر بعد إصابته بفيروس كورونا اللعين، حيث تداول الناس الخبر وتعاطفوا معه ودعوا له.
* حتى بعد تعافيه وعودته لمُعانقة مُشاهديه وجمهوره كان ذلك حدثاً تناولته مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام التقليدي بالصحافة الورقية (تريند).
* ذلك الاهتمام الذي وجده مصعب بمُتابعة لحالته الصحية من الكبار والصغار.. الزملاء والمعجبون وعامة الناس كان استفتاءً حقيقياً لمشروع نجومية الأخ مصعب محمود.
* مصعب صاحب موهبة ظهرت للناس من خلال عمله بعدد من المحطات الإعلامية المسموعة والمرئية والتي صقلها بجدّه واجتهاده وذلك كان كافياً ليتسلل إلى قلوب الكثيرين فينال الرضاء والإعجاب.
* كما أنّ مصعب يتمتّع بذكاء اجتماعي كبير هذا ما أضاف إليه الكثير لأنّ من بين الزملاء من يفوقه أو يساويه موهبة ولكن ينقصه ذلك الذكاء الاجتماعي.
* نتمنّى أن يعمل الزميل مصعب باجتهاد أكبر وبشكل ممنهج ليكمل مشروع نجوميته فهو قادرٌ ويمتلك ما يعينه على ذلك.