وأخطر ما قاله مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور في حوراه مع صحيفة الصيحة الذي نشر الأيام الماضية:(إن العلاقات التجارية بين دارفور ودول الجوار تضاءلت جداً بسبب الحرب، كما أن النظام البائد عمد عن قصد إلى تحويل المركز التجاري الغربي من دارفور إلى الخرطوم، فقد أغلقت المطارات ومنعت الطائرات التي كانت تأتي من انجمينا وأفريقيا الوسطى والصين والمملكة العربية السعودية والقاهرة لدارفور، وتم توجيهها وتحويلها إلى الخرطوم، لذلك تجب إعادة فتح المطارات وإعادة تلك العلاقات إلى سابق وزاهر عهدها حتى يستفيد منها إقليم دارفور في تصدير واستيراد السلع الهامة, ونحن نسعى إلى ذلك)!
نعم إن هذا الحديث خطير وخطير جدًا,ويكشف ما يمكن أن نسميه ونصفه بـ(الاغتيال الاقتصادي) الممنهج والمقصود والمدروس الذي مارسته الإنقاذ طوال ثلاثين عاماً ضد دارفور الغنية بالموارد الاقتصادية والثروات الضخمة التي تؤهلها لأن تتبوأ المرتبة الأولى اقتصاديًا وتجارياً على كل ولايات السودان!
بيد أن التدمير الاقتصادي والتجاري المستهدف الذي حاربت بسلاحه الإنقاذ دارفور، قعد بها كثيراً وجعلها أكثر ولايات السودان فقراً وهي الأغنى إنتاجاً والأوفر ثروات والأكثر معادن داخل وخارج التربة!
حيث يوجد في دارفور الذهب بكميات ضخمة وبها اليورانيوم والحديد والنحاس والفضة والبترول وغيرها من المعادن الكثيرة ، بل دارفور هي (بحيرة بترول ونفط ومنجم ثروات طبيعي ودائم لا ينفد)!
فضلاً عن المساحات الزراعية الكبيرة والشاسعة والخصبة والأرض البكر، علاوة على الثروة الحيوانية ؛ والأبقار والمواشي والجمال بالأعداد الضخمة عند قبائل البقارة والأبالة!
ولكن رغم كل الخيرات والثروات التي حباها الله بها؛ إلا أن الإنقاذ مارست عليها عن عمد سياسة التدمير الاقتصادي والتجاري والتنموي !
فهل تصدق عزيزي القارئ أن دارفور كانت تأتي إليها الطائرات من دول مثل تشاد وأفريقيا الوسطى والجماهيرية العربية الليبية والصين والقاهرة، وتهبط في مطاراتها محملة بالبضائع والسلع التجارية, وتعود مثقلة بالخيرات والسلع الوفيرة ، مما أنعش فيها حركة الاقتصاد والتجارة والمال، وجعلها تحتل المرتبة الأولى تجارياً واقتصادياً في كل السودان بلا منازع، هل تصدق ذلك!؟
ولكن أبت عقلية (جلب الدمار) التي مارسها المركز بكل حقد وغل تجاه الإقليم إبان حكم الإنقاذ الظالم، أبى إلا أن يحول مركز التجارة الغربي والقلب النابض من دارفور إلى (الخرطوم)، التي لا تملك حتى (واحد) في المئة من ثروات وإمكانيات دارفور، ولا تقدم للسودان (حبة دخن واحدة)، بل هي المستهلك والطفيلي الأكبر، الذي يمتص خيرات وثروات البلاد، وبالله عليكم ماذا قدمت (الخرطوم) للسودان سوى الخيبات والمواجع والدمار والانكسارات الكبرى وتضييع ثروات الوطن وتبديد خيراته وإمكانياته, في السابق والآن في عهد ثورة ديسمبر الظافرة والمجيدة!؟
بل ومارست الإنقاذ سياسة الحرب الاقتصادية والإقصائية، والتدمير الممنهج ضد أبناء دارفور (الرأسمالية) الكبار, وفرضت عليهم الضرائب والأتاوات حتى قضت عليهم وأخرجتهم من السوق بل ومن الحياة نفسها, وخير مثال على ذلك التاجر والرأسمالي الدارفوري الكبير الحاج آدم يعقوب، الذي دعمهم دعمًا سخياً وأسس بنك الغرب الإسلامي، وكذلك ابن دارفور الغني ابن عمر إدريس؛ الذي كان له الفضل الأكبر مع (جار النبي كونكورب) ابن كردفان والرأسمالي الكبير ؛ فقد لعبا دورًا هامًا وكبيراً في استخراج البترول السوداني؛ فقد كان ابن عمر (الإسلامي ) يرفد خزانة الحكومة الخاوية بالملايين في تسعينيات القرن الماضي أيام الإنقاذ الأولى، متبرعاً من حر ماله حينما كانت البلاد خاوية وجائعة وطاوية وفقيرة، فوفر لنظام الإنقاذ الأموال الضخمة وملأ خزائنها التي نسج عليها العنكوت بيته وهربت منها الفئران ! بل واستورد مع جار النبي مصفاة البترول الحالية التي تم إنشاؤها في (الجيلي) بدلاً عن كردفان حسب رغبة جار النبي؛ لكن سياسة الإقصاء والتهميش والعنصرية والجهوية؛ استخسرت المصفاة على دارفور وكردفان و(سرقتها) وأقامتها في الشمال!
ونواصل