صلاح الدين عووضة يكتب : حــــِلَّك!!
لا حَلَّك… من الحل..
وهي مفردة عامية أعرف معناها؛ ولا أعرف لها أصلاً… ولا مصدراً… ولا تصريفاً..
وتعني – بعامية أخرى – (عيش يا حمار)..
وهي عامية – الثانية هذه – مشتركة بين شعبي وادي النيل؛ كحال مشتركات عدة..
وقد تُقرأ أيضاً (موت يا حمار)… والمعنى واحد..
أو ربما يكون أصل الكلمة (حِلَّك): حل… يحل… حلاً؛ بيد أنه اشتقاق لغوي شاذ..
ولكنه ليس أشد شذوذاً من الذي جعلنا نختارها عنواناً لكلمتنا هذه..
من وعودٍ من تلقاء مسؤولي حكومة فترتنا (الانتقامية) مسبوقة بمفردة (حِلَّك)..
فكل من يعد منهم بشيء يردد في سره (حِلَّك)..
تماماً كحال الكثيرين من شعبنا – الآن – عند اضطرارهم إلى ما يستوجب الوعد..
وعودٌ للتاجر… أو الجزار… أو الصيدلي؛ على سبيل المثال..
ثم يردد المستدين – المسكين – دوماً في سره (حِلَّك على ما يحين موعد السداد)..
ودوماً يحين هذا الأجل سريعاً..
فالزمن هنا نسبي… وفقاً لنظرية النسبية؛ وعبر عنها زميلنا فضل الله محمد شعراً:
الغريب الساعة جنبك تبدو أقصر من دقيقة…
والدقيقة وانت مافي…. مُرّة ما بنقدر نطيقها…
مع الفارق – طبعاً – بين المرددين لهذه المفردة من حيث الشعور بوطأة الوعد..
فالمسؤول الذي يعد لا تفرق معه… أو (ما فارقة معاه)..
فإن جاء اليوم الموعود – وعجز عن الوفاء بما يوعد به – فما من مشكلة خالص..
فالوعد التالي جاهز… أو التبرير المُتثاقل جاهز..
وقد أشرنا كثيراً إلى عدد المرات التي وعد فيها حمدوك بتكوين المجلس التشريعي..
وعقب كل وعدٍ تكمن مفردة (حِلَّك) وراء أكمة اللسان..
وكذلك وعودٌ منه – ومن آخرين – بتخفيف الضوائق عن الشعب بعد استفحالها..
فإذا بالوعود تذهب جفاء… ويمكث ما يضر الناس..
وكذلك يمكث (من) يضرونهم؛ ويرفضون التنحي بعد أن ذاقوا شهوة السلطة..
فليمت الناس… كموت الحمار في المثل الشعبي ذاك..
أو فلتعش يا حمار إلى أن يأتيك الفرج؛ اختر ما يعجبك: الموت… أو العيش..
فلا شيء يهم ما دام رزقنا يأتينا رغداً من كل مكان..
دراهم من الإمارات…. أو من الغرب دولارات…. أو من وزارة المالية نثريات..
أو من شركة (السهم الذهبي) فارهات..
وقبل يومين حل الموعد الذي ضربه وزير الطاقة بشأن الكهرباء؛ (15) أغسطس..
كان قد قال لهم قبل أشهر (أصبروا حتى منتصف شهر 8)..
وحينها – واصل قائلاً في سياق وعده الكذوب – ستنتهي مُعاناتكم مع قطوعاتها..
وحل أوان الوعد؛ وما زال الحمار عائشاً لم يمت..
فالناس في نظرهم – لا مُؤاخذة – ما عاد هنالك كبير فرق بينهم وبين الحمير..
بل إنّهم تحمّلوا ما لا تتحمّله الحمير نفسها..
ومن ثم فلا ضير في مُمارسة (الاستحمار) عليهم ممثلاً في الوعود المخملية..
سيما وأنّ من بينهم من صار (قطيعاً) لنا..
فهم يدافعون عنا بالحق والباطل – و(عمَّال على بطَّال) – كأشباههم قطيع المعزول..
والآن سيخرج عليكم وزير الطاقة بتبريرٍ يملؤكم بشيء من (طاقة)..
سيقول لكم (فهمتموني غلط)..
فأنا ما كنت أقصد شهر أغسطس من عامنا هذا… وإنما العام الذي يُعلن فيه البرلمان..
والبرلمان هذا باتت وعوده في كثرة فارهات الوزراء..
يا أيها الناس (يحلَّكم الحل بلة)..
وما الذي حلَّ ببلة هذا؟… ظل ينتظر الحل انتظار الحمار للعليق إلى أن أتاه أخيراً..
وأنت – أيها الشعب – هل لديك قدرة على مثل صبر بلة؟..
إن كانت الإجابة (لا) فلا حل لك – إذن – سوى (الحل في البل)..
اما كانت (نعم) فانتظر انتظار الحمار..
وحِــــلَّك!!.