كما وعدتكم في المقال السابق أن يكون الحديث عن الحركة الفنية بجمهورية مصر العربية فيما يخص الفن السودانى حيث التقيت بكثير من المبدعين السودانيين والحركة الفنية بين السودان ومصر قديمة وهناك تواصل كبير بين الثقافة المصرية والسودانية على المستوى الفني والدرامي راسخة في وجدان شعبي وادي النيل على سبيل المثال من ناحية الدراما فيلم (رحلة عيون) الذى شارك فيه الفنان الراحل (صلاح بن البادية) مع الفنانة القديرة (سمية الألفي) وشارك الفنان (محمد السني دفع الله) مع النجم الكبير (عادل إمام) في فيلم (الإرهاب والكباب) وحديثاً شارك الفنان السوداني القدير (عبد الخالق محمد عمر) مع الفنان الكبير (يحيى الفخراني) في مسلسل (الخواجة عبد القادر)، فهذا يدل على التداخل الثقافي والفني الكبير.
على المستوى الغنائي قابلت في زيارتي كثير من الفنانين السودانيين المبدعين وجلست معهم في (قهوة الكابتن) المعروفة باسم قهوة الفنانين بـ(حي عابدين) في وسط القاهرة جالست فيها الفنان (صلاح سلطان) صاحب الإمكانيات الصوتية المهولة وهو يعتبر النجم الأول على مستوى الفنانين السودانيين بـ(جمهورية مصر العربية) ويحمل كثيراً من الصفات السودانية من كرم وشهامة. وقابلت الفنان (جمال عبد الحميد) الذي يعرف بـ(جمال بورتو) نسبة الى (بورتسودان) وهو يتغنى بكثير جداً من اللهجات الإفريقية وله أدوار كبيرة على مستوى الروابط الفنية السودانية . جالست فيها الفنان (مصطفى السني) وتحدثنا عن الحركة الفنية بين مصر والسودان وجالست الفنان (السمان) المصري الجنسية الذي يجيد الغناء السوداني بمهارة عالية جداً وجالست فيها عازف الإيقاع (رمضان السوداني) الذي يتحدث اللهجة المصرية بطلاقة أكثر من أهلها وعازف الكمان (عبد الله محمد نور) الرجل أنيق المظهر والجوهر و(عمرابي) عازف الكمان الشهير الذي استقر به المقام هناك كما لا أنسى صديقي الودود الموسيقي والملحن (عثمان وداعة). والتشكيلي (صلاح طه).
فكانت مسامرات عن الحركة الفنية هناك وأدوار الفنانين تجاه الروابط الأزلية المشتركة فكان ميلاد لمجموعة (وحدة وادي النيل) بقيادة الإعلامية المصرية (شادية الحصري) التي سيكون لها ما بعدها من برامج تصب في خانة الوحدة والدفع بها إلى الأمام.
مواقف كثيرة جداً تستحق الوقوف عندها من (عم سعيد) بالقهوة أسفل الفندق الرجل الذي يجيد النكتة وسرعة البديهة.. كما لا أنسى وأنا داخل على (بنك مصر) شارع ستة وعشرون يوليو في حاجه لتحويل بعض الدولارات للعملة المصرية وزمن البنك على وشك وكالعادة غير مرتدى الكمامة وغير مهتم بها وأنا داخل البنك فإذا بمشرف الصالة يمنع أحد المصريين من دخول البنك لأنه غير مرتدي الكمامة وهيأت نفسي لنفس المصير فسألني المشرف عن معاملتي التي أريدها داخل البنك فوضحت له أنني أريد استبدال دولار بعملة مصرية فقابلني بابتسامة عريضة وأخرج لى كمامة من جيب بدلته وأعطاني لها بكل سرور ووجهني في إتمام المعاملة إلى أن خلصت معاملتي وودعني بنفس الابتسامة فهذا بمثابة درس في الوطنية وإعلاء قيمة الوطنية.
قابلت أيضاً الناشطة الثقافية والاجتماعية (ماريا اليمني) وهي رائدة في مجال المنتديات الثقافية في مصر والسودان امرأة واسعة المدارك والثقافة تحدثت لنا بحضرة صديقي رجل الأعمال الشهم (جمال بابكر) عن تجربتها الثقافية من خلال المنتديات والمضايقات الكثيرة التي تعرضت لها من النظام البائد واتهامها بالشيوعية وهي منها براء غير أنها محبة للغناء والموسيقى والثقافة فهي امرأة مختلفة الملامح والتفكير.