شاعرية دافقة ومحتشدة بالكثير من الجماليات .. عبد العال السيد.. شاعر زهرة السوسن
كتب: سراج الدين مصطفى
افتقدتك يا صبا عمرى وشبابي
افتقدتك لما زاد الشوق عذابي
افتقدتك فى غيابي وفي اغترابي
وافتقدت الابتسامه
والعيون الساحره يوم يسحر كلامها
ويا حبيبة عمري في الدنيا وزحامها
هذه المفردات بغير لحنها الجاذب والساحر الذي وضعه الفنان المدرسة الهادي الجبل، فهي تؤشر على شاعر له شاعرية دافقة ومحتشدة بالكثير من الجماليات.. عبد العال السيد شاعر طويل القامة عميق المفردة ومغاير في كل تفاصيل كتاباته منذ أن أعلن حضوره عبر أغنية زهرة السوسن:
زهرة السوسن
عطرك الفواح للنفوس مسكن..
قلت ليك طلي وحي لو أمكن
قلتي لى لا لا فى الربيع أحسن
والربيع أهو فات
وأنت ما جيتي
وحزنت الساحات
وجرحي صحيتي
شخصية ذات خصوصية شديدة:
وهذه الأغنية انتشرت في سبعينيات القرن الماضي حينما جاء من قرية القولد للدراسة في جامعة القاهرة الفرع التي درس فيها ونال بكالريوس إدارة الأعمال وهو الآن في غربته يؤدي رسالة إنسانية أخرى بجريدة عكاظ السعودية التي يعمل فيها كصحفي.. وعن أيامه الأولى وقبل صعود نجمه يقول عنه صديقه الشاعر عبد الوهاب هلاوي: تلازمنا أنا وعبد العال السيد لسنوات طويلة عندما كان العمر أخضر كنا شلة ومعنا الراحل سعد الدين إبراهيم عز الدين هلالي والتجاني حاج موسى.. كان عبد العال أصدقنا كلمة وأميزنا مفردة ولعل طبيعته التي جاء بها منحته تلك الدفقة الشعورية الصادقة، ولعل ما كتبه من أغنيات ظلت راسخة في خاطرنا جميعاً.. وأضاف هلاوي: عبد العال صاحب شخصية ذات خصوصية شديدة ويحمل نفس جينات الصدق التي يحملها أهلنا في الريف وهو تلقائي يعيش الحياة دونما تكلف.
شاعر شفيف ومدهش:
تلاحقت تجربة عبد العال بعد ذلك وبدأت تأخذ شكلاً أكثر عمقاً وخصوصية، وهذا اتضح في غنائيته مع مصطفى سيد أحمد.. وعن علاقته بالراحل مصطفى سيد أحمد يحكي الشاعر مدني النخلي وهو اللصيق بهذه التجربة ويقول: عبد العال السيد هو الشاعر الغنائي الوحيد المظلوم من أجهزة الإعلام.. وعبد العال شاعر شفيف ومدهش وهو من أوائل الصحفيين الذين كتبوا شعرا غنائياً جديداً من حيث موضوعاته، ولكن عبد العال أضرت به الغربة كثيراً وحدت من انتشار شعره الغنائي الذي لا يماثله أي شعر موجود في الساحة، وإذا توقفت في أغنية الدنيا ليل غربة ومطر:
الدنيا ليل غربه ومطر
وطرب حزين وجّع تقاسيم الوتر
شرب الزمن فرح السنين والباقي
هداهو السفر
يا روح غناي الغربه
ملت من شقايا وغربتي
وبقيت براي حاضن اساي
والوحشه ملت من أسايا ووحدتي
لا غنوه لا موال يبدد حسرتي
غير الشجون يا ملهمه
فضاءات أخرى لنصه الشعري:
هذه الأشعار تبدو وكأنها ملحنة لأنها تحتشد بموسيقى عارمة ودافقة.. وعبد العال استطاع أن ينفذ لعوالم عربية أخرى واستطاع أن يفتح فضاءات أخرى لنصه الشعري.. الفنان المدرسة الهادي الجبل تغنى لعبد العال السيد بالكثير من الأغنيات ولعل أشهرها أغنية افتقدتك:
افتقدتك يا صبا عمرى وشبابي
افتقدتك لما زاد الشوق عذابي
افتقدتك في غيابي وفي اغترابي
وافتقدت الابتسامه
والعيون الساحره يوم يسحر كلامها
ويا حبيبة عمرى فى الدنيا وزحامها
وهناك أغنيات أخري مثل صوتك:
إشتقت لصوتك كتير
صوتك صباحات الندي
صوتك بحار طيبة وعبير
شعر يحتشد بالغنائية:
الهادي الجبل حينما سألته عن عبد العال قال سريعاً (يا سلام دا شاعر أصلو ما حصل)، بهذه التعابير العفوية تحدث الهادي عنه وأضاف قائلاً: يمتاز شعر عبد العال بالبساطة في المفردة والمعنى، وهو يكتب الكلام السهل غير المعقد، لذلك من البديهي أن تمشي كل أغنياته بين الناس، واسترسل الهادي مضيفاً أن عبد العال من الشعراء القلائل الذين يكتبون الشعر الذي يحتشد بالغنائية والفكرة الجديدة والموضوع الجاد والطرح الذي لم يسبقه اليه أحد، وأنا أتمنى أن يعود من الغربة ليساهم بكتاباته في ترقية الذوق العام.