صلاح الدين عووضة يكتب : مرض بطّال !!
عافانا الله منه..
ومن بين من يقرأون كلمتنا هذه من هُم – غالباً – مصابون به..
وقد يعلمون حقيقة مرضهم هذا… أو قد لا يعلمون..
فهو من الأمراض الخفية التي ربما لا ينتبه إليها الكثيرون ممن أُبتلوا به..
تماماً كما العديد من ذوي الأمراض النفسية الأخرى..
فهو مرضٌ نفسي أيضاً… ويمكنك رصد تجلياته المرضية في أماكن بعينها..
في الإذاعات مثلاً… أو الشاشات… أو الصالات..
كما انتشر كذلك – وبكثافة – هذه الأيام على صحائفنا الورقية والإلكترونية..
ونعني بالصالات صالات الأفراح..
ومن أحد تجلياته هذه حين ترى العروس تُزف متأبطةً ساعد أبيها..
ثم أن تكون الزفة نفسها غريبة الوجه و(الطبل) واللسان..
هذا المرض هو عقدة نقص اسمها الدونية..
ويتفرّع منها عرضٌ – هو موضوع كلمتنا اليوم – اسمه القابلية للاستلاب..
الاستلاب الثقافي… واللساني… والاجتماعي..
ورغم إنه فرعٌ من مرضٍ أساسي – أو عرض – إلا أنه في حد ذاته مرض..
ومرضٌ فضائحي… لأنه يفضح صاحبه سريعاً..
ولا يحتاج إلى طبيبٍ نفساني لسبر غوره… بل كل سليم يمكنه اكتشافه..
كل سليم من الناس المعافين منه..
وأستاذ اللغويات بجامعات بريطانيا – يوسف نور عوض – له تجربة طريفة..
ثم هي أليمة بقدر طرافتها..
تجربة خوض معركة مع بعض العناصر المسببة لهذا المرض السوداني..
وهي عناصر لبنانية… بقناة (الجزيرة) الفضائية..
ولبنان هي منشأ هذا المرض الذي أصاب كثيراً منا نحن السودانيين..
بمثلما أنّ الصين هي منشأ فيروس كورونا..
وقد كانت استعانت به القناة هذه – يوسف نور – في بدايات تأسيسها..
فرأى أن اللهجة اللبنانية هي الغالبة..
ليس بين جنبات القناة وحسب؛ وإنما حتى في بثها الفضائي..
وأقول لهجة لأنّ ما أحدثه اللبنانيون في لغة الضاد أخرجها من كونها لغة..
وذلك من قبيل (أتشكَّرك)… و(أعتذر منك)..
ثم بدعةٌ في التصريف اللغوي مثل (أساس)… و(رئيس)… و(هكذا فعل)..
بدعٌ لو سمعها سيبويه في قبره لتململ..
ولا ننسى التعطيش لحرف الجيم..
فتصدى يوسف لهذا التحريف عبر قناة أُريد لها أن تكون رائدة..
فتصدى له – في المقابل – المذيع جميل عاذر اللبناني..
ودار بينهما سجالٌ لغوي محموم… انتهى بانتصار أستاذ اللغويات..
أو انحازت إدارة القناة لوجهات نظر يوسف هذا..
ولم يكن انتصاراً للذات… وإنما لصحيح اللغة التي تبث بها القناة برامجها..
والآن في بلادنا انتشرت ظاهرة التأثر باللسان اللبناني..
انتشر بيننا المرض النفسي هذا؛ مرض الدونية… مرض عقدة النقص..
انتشر بتجلياته المُضحكة..
انتشر كل الذي انتصر فيه يوسف نور (السوداني) على لبنانيي (الجزيرة)..
ويوسف هذا يُفترض أن يكون مفخرة لكل سوداني..
مثله مثل (الطيبين): عبد الله الطيب… والطيب صالح… وفرّاج الطيب..
بمثلما أن أبا (الطيب) المتنبي مفخرة لكل العرب..
ولكن كأن منا نحن السودانيين الآن من يقولون لابن جنسهم هذا (أنت غلطان)..
وأن جميل عاذر على حق… واللبنانيين جميعهم على حق..
ونحن نقلدهم بكل الفخر..
إنه مرضٌ بطَّال !!.