صلاح الدين عووضة يكتب : ســـفاري !!
واليوم جمعة..
ولابد من التذكير – في كل مرة – تجنباً لعبارة (الناس في شنو… وانت في شنو)..
رغم إنني – وفي كل مرة – لا أعرف (الناس في شنو)..
لا أعرف بأيِّ شيء هُم مشغولون لدرجة أن يُعاب علينا انشغالنا بأشياء غيرها..
اللهم إلا ما نعرفه من انشغالات راهنة..
فمنهم من مشغولٌ بالتمكين… ومنهم من مشغول بالتبرير… ومنهم من مشغول بالفارغة..
ومنهم من مشغولٌ بالتنصيب..
فبحمد الله تَمّ – بنجاح – تنصيب أول إمبراطور في تاريخ بلادنا هو (مناوي الأول)..
ثم منهم من مشغول بالذي جعلناه عنواناً لكلمتنا هذه..
فمن معانيها – قديماً – السفر برّاً في سياق رحلات استكشافية لفائدة البشرية جمعاء..
ولكن الذين نعنيهم جعلوا (السفاري) بالطائرة..
وهذا معنىً حديثٌ؛ يعود فضل (استكشافه) لوزيرة خارجيتنا مريم (طيارة)..
ثم ما من فائدة أصلاً؛ سوى الفوائد الشخصية..
كما أن كلمة سفاري هذه هي اسم لفندق… ولعربة… ولمتصفح… وللاعب كرة..
واللاعب هذا هو مدافع المريخ السابق محمد علي سفاري..
ومحمد علي سفاري يُهاتفنا مساء أمس من الفاشر ليبدي إعجابه بالذي نكتب..
فأُبدى إعجاباً – مُقابلاً – بالذي ينطق به..
فإن كنت أنا – كما يقول – أُطرِّز الكلمات على الورق فهو يُطرِّزها عبر الأثير..
وكأنما كان يستلهم أحرفه من قوز قزح سماء الفاشر..
فعندما سألته عن طقس مدينته أجابني – ضاحكاً – بأن الطقس طقسان؛ طبيعي وسياسي..
أما الطبيعي – يقول – فهو خريفيٌّ مُدهشٌ..
وأما السياسي؛ وهنا تتغير نغمة ضحكته المرحة إلى ما يشبه موسيقى تايتانيك لحظة غرقها..
نسيت تذكيركم بأن سفاري هذا ليس هو سفاري نادي المريخ..
وإن كان ما يجمع بينهما هو الفن… فن الاستخلاص..
فذاك يستخلص الكرة من بين أقدام المُهاجمين في سهولة استخلاص الشعرة من العجين..
وهذا يستخلص الحروف من بين براثن الاستعصاء..
يستخلصها في عذوبة استخلاص موزارت للألحان من جوف عذابات حياته القصيرة..
ونحن حياتنا أضحت أيّاماً ذات عذابات طويلة… متطاولة..
فمن حقنا – إذن – أن نستخلص من بين براثنها يوماً واحداً نحاول أن نخدع أنفسنا فيه بالسعادة..
وهو مثل يومنا هذا… من كل أسبوع..
فنبحث عن مكامن الجمال؛ في طقسٍ خريفي… في نسمة دجى… في تغريدة عصفور..
فإن لم نجدها نبحث عنها في ماضي الذكريات..
كذكرى تلكم الغيمة ذات الحجاب التي أظلتني ذات أصيل بدروب دبروسة / التوفيقية..
أن نبحث ونحن في حالة تجوال… وتطواف… وترحال..
وســـفاري !!.