كتب الأستاذ نائل بلعاوي الألماني الجنسية السوري الأصل، لم اسمع حتى اللحظة من يقول شكراً للحكومة على هذا الأداء البارع لا في النمسا ولا في جارتها الكبيرة ألمانيا على اعتبار أن الجارتين قد حققنا إنجازاً لافتاً خلال الأيام الماضية في الحرب المفتوحة ضد وباء كورونا.
لا احدٌ يقول شكراً لميركل مستشارة ألمانيا أو سيباستيان كورتز رئيس الحكومة النمساوية.
ولا أحدٌ يمدح القيادة الحكيمة للمرحلة الحرجة وأقصى ما يمكن ان يقوله النمساوي او الالماني تعليقاً على النتائج الجميلة التي تحققت في البلدين لقد قامت الحكومة بما عليها أن تقوم به أو (يبدو أن الإجراءات التي اتخذوها كانت صحيحة).
اليوم قلت لصديق نمساوي هاتفياً أعجبتني الحرفية العالية لحكومة كورتز خلال الأزمة.
فأجاب الرجل هذا دورها المنتظر، وإن لم تحققه فعليها ان ترحل.
فقلت له ولكنها حققته ألا تستحق الشكر على ذلك.
قال لا ولماذا نشكرها.
كورتز وأعضاء حكومته يتقاضون أجوراً شهرية عالية للقيام بمثل هذه الأدوار وفي مثل هذه الأزمات تحديداً. لقد وجدوا في مناصبهم لأجل هذا بالضبط وهم يعملون على خدمتنا، يا صديقي هذا شغلهم.
شكراً، تعني أن الحكومة قد قدمت هدية من عندها لنا وهذا غير صحيح.
لو شكرناها اليوم فعلينا ان ننحني أمامها غداً ونردد مثل القطيع، شكراً لكم على كل شيء تقومون به أو لا تقومون به.
عند نهاية المكالمة أخبرته بأنني سأكتب نصاً عن الكيفية التي تتم عبرها صناعة ثقافة العبودية وتحويل (القادة) الى الهة .
وأن شكراً الصغيرة هذه هي فاتحة جيدة لقراءة كتاب الاستبداد الكبير والكرية.
أيها الشعب السوداني أرأيتم كيف ساد الغرب العالم، وكيف صارت الشعوب هي تصنع الحكومات وتحاسبها على القيام بواجباتها ولا تشكرها وهي تصنع خداماً وليسوا حكاماً الهة، وكل مواطن يعرف مسؤوليته وواجباته تجاه دولته ومسؤولية الحكومة تجاه شعبها.
الذي جعلنا كدول عالم ثالث نتخلف هو صناعة البشر المالهين وعدم معرفتنا لحقوقنا ولا إدراكنا لواجباتنا ولا معرفة دور حكومتنا نحونا.
أيها السادة، الشعوب المتقدمة تشكر حكومتها وتنعتها في صناديق الانتخابات، فإن أعجبت بأدائها صوّتت للنواب أحزابها واعادتها، وإن كرهتها أسقطت مرشحيها من أحزابها في الانتخابات العامة.
عرفتم الفرق بين صناعة الحكام الالهة والحكام خدام الشعب.
قطعاً نحتاج ان نتعلم ان الديمقراطية سلوك وممارسة ليس قولاً حافياً جافاً ولا دق حنق.
شُكراً للدولة التي تصنع حكاماً خداماً.
وشُكراً للحكام الذين يعلمون أنهم خدام الشعب، وشكراً للشعوب التي عرفت حقوقها وألزمت حكامها باحترامها والعمل لها.
متى نصل لهذا في السودان..؟ غداً بإذن الله وغداً لناظره قريب.