صلاح شعيب يكتب : على ذمة الوزير خالد: الانتخابات جاتكم
بشرنا وزير شؤون الرئاسة خالد عمر بأن الانتخابات على مرمى عامين فقط لا غير. فقد نقلت عنه مواقع قوله إن “الحكومة ماضية بصورة قاطعة في الترتيب لقيام الانتخابات، ولفت إلى أن إجازة قانون الانتخابات، ومفوضيتها، سيتم خلال الفترة القريبة المقبلة”. وقال الأستاذ خالد في منتدى صحيفة التيار إن عام 2024 سيكون موعدا لحصول البلاد على منتخبينها.
هذا يعني أنه يفصل بيننا أربعة وعشرين شهرا فقط من مواعيد هذا الاستحقاق الديمقراطي. ولو أن الأمر حقا كذلك فأمام القوى السياسية المتنافسة عام واحد، ومن ثم تستهل حملاتها الانتخابية كما هو مفترض. ولو أردت الجد فينبغي أن تبدأ الحملات الانتخابية من الآن فكما يقولون إن ود البدري سمين، وربما ثمين أيضا. ولئن كان الحصان الأسود، أو البرنجي، الذي يبين في اللفة ينبغي أن يُعد لأعوام من التمارين، فما بالك بأحزاب انقطعت عن قواعدها لمدى يقرب من خمسة وثلاثين عاما. ومع ذلك لا يرى عاقل أن قوانا السياسية مستعدة منذ الآن قدر انشغالها بالخروج من مولد الانتقالية ببعض وظائف لقادتها، وكوادرها. وبخلاف ذلك فخوض الانتخابات بعد تلك الفترة الطويلة للأحزاب الرئيسية – على الأقل – ليست لعبة سهلة. ذلك في ظل وجود لاعبين جدد “لياقتهم المالية”، أو اللوجستية، ستكون مما لا شك فيها.
أولا: نأمل أن تلتزم الحكومة بهذا الميعاد الانتخابي حتى تعاد الأمور إلى نصابها، ويكون ممثلو الشعب هم من يحددون مصيره عوضاً عن هذا الارتباك في التحضير، والإعداد للقرار السياسي الآن. ولكن قبل ذلك ينطرح السؤال عن إمكانية مشاركة كل القوى السياسية الرئيسية في إعداد قانون الانتخابات، والتوافق حوله. ذلك لأننا نعلم أن هناك قوى مدنية فاعلة لعبت دورا بارزا في الثورة مدنيا وعسكريا لا تعترف بهذه الحكومة، وتسعى لإسقاطها. وأيضا هناك قوى عسكرية تنتظر جولات من التفاوض حول قسمة السلطة، والثروة. هل يمكن أن تتوافق هذه القوى الوطنية في العامين القادمين على هذا القانون الانتخابي بعد أن يكون بعضها قد أحدث التسوية التاريخية مع الدولة المركزية التي تمثلها قوى الحرية والتغيير؟ وإذا لم تشارك هذه القوى بمبررات محددة في الانتخابات فكيف تأتي نتيجة الاقتراع، ووما هو مدى أهميتها إذا لم يشارك فيها حزبنا الشيوعي؟
ثانيا: المدى الزمني في الفترتين الانتقاليتين قبل انتخابات 1985 و2024 يختلفان كلية. فبعد سقوط نميري امتدت الفترة الانتقالية لعام واحد. فيها جهزت القوانين، وانتهت الحملات الانتخابات عند مراكز الصناديق. وهذه المرة وجدت تياراتنا السياسية مهلة قبل الانتخابات، وربما تزيد المهلة لو أن اتفاقا حدث مع عبد الواحد والحلو وقننا عبره كما فعل مفاوضو جوبا زيادة عامين آخرين حتى يستجمان في الخرطوم، ثم يسافران إلى قواعدها لشحذ الهمم لخوض المعركة الانتخابية. كل شيء وارد.
ولكن هل جاء تأكيد الوزير خالد عمر الواثق لأنه يتحدث من موقع العارف بتفاصيل إمكانية التسوية مع الحلو وعبد الواحد في القريب العاجل؟، وهل لأنه مدرك أن الذين هم خارج الحكومة سيتوافقون مع حكومة حمدوك؟ أم أن الأستاذ خالد لا يلقي بالا بأن تشارك هذه المكونات المغبونة أم لا في الانتخابات؟، وبالتالي قال إن الحكومة ستشرع في أمر إعداد قانون الترشح، والاقتراع، وإجازته رضي من رضا وأبى من أبى.
لو أحسنا النية استبعد أن يكون ذلك منطق قحت الحكومية، وحمدوك، أو حتى خالد. ولكن لا يشئ في الواقع ما يؤكد أن الحلو، وعبد الواحد – إذا أقمنا وزنا لمشاركتهما في الانتخابات – سيوقعان قريبا على اتفاق سلام. نتمنى أن تخيب توقعاتنا، وتصدق توقعات خالد إذا ملك اليقين بأننا على وشك قفل ملف الحرب مع الحلو وعبد الواحد أيضا، وعلى وعد كذلك بأن التيارات السياسية الثورية بلا استثناء ستقبل التنافس الديمقراطي لتمثيل السودانيين.
الانتخابات سمحة. لأنها تضع كل سياسي في محله الطبيعي، وتجعل كل حزب معروف بقربه من تأييد الناخبين من أبناء وبنات الشعب. على أننا لا ندرك هل نعود لتحديد مقاعد للقوى الحديثة في قبة البرلمان كما طالب اليسار، والطائفية، في انتخابات عام 1985، ورفض الفكرة مجلس الجزولي دفع الله. وعوضا عنها كوفئت الجبهة الإسلامية بمقاعد الخريجين التي حصدتها.
خالد لم يتحدث إلا عن انتخابات مرشح ضد مرشح في الدوائر الجغرافية. ولكن ما يخشاه المرء أن يشمل القانون الجديد للانتخابات دوائر خاصة ينفذ عبرها الانتهازيون فيزورون دور البرلمان.