بالرغم من الحاجة الملحة لوقف الحرب التي طالت مدتها في الولاية، إلا أن الشيء الواضح أن موقف الحركة الشعبية قطاع الشمال في المفاوضات ليس لديها الرغبة للسلام والدال على ذلك هو موقفها المتعنت حيث وضعت شروطاً تعجيزية تحول دون التوصل إلى نتائج إيجابية تفضي أخيرًا للتوقيع على مسودة سلام ترضي طموحات الطرفين، إذ أنها طلبت بأمور يصعب على الحكومة الانتقالية قبولها مهراً للسلام في البلاد .
ولقد جاء في مستهل إعلان المبادئ في سبيل إيجاد تسوية سلمية بوقف الحرب من جانب الحركة الشعبية الآتي: تغيير أيدلوجية الحكم في الدولة المستمد من الشريعة الإسلامية واستبداله بعلمانية التوجه في تسيير روتين العمل الميداني وشرعت في هذا الخصوص ووضعت النقاط على الحروف إذ قالت بصريح العبارة:
1/ استبدال يوم الجمعة بيوم الأربعاء لكي يكون عطلة رسمية في البلاد.
2/ عدم كتابة بسم الله الرحمن الرحيم في ترويسة المخاطبات الرسمية في أروقة مكاتب الدولة.
3/ إسقاط واجب المواطن من دفع الأموال لديوان الزكاة وقفل جميع المكاتب والمؤسسات ذات الصلة بها.
4/ عدم رفع الأذان في المساجد والتلفاز بمكبرات الصوت.
5/ إلغاء كل القوانين والتشريعات ذات الصلة بالدين الإسلامي.
هذه هي مطالب الحركة الشعبية كحد أدنى لوقف الحرب بالعدم تطالب بحق تقرير المصير للمنطقتين جبال النوبة والنيل الأزرق.
عليه، إن الحركة الشعبية قطاع الشمال بناء على مقترحاتها أعلاه أنها فرضت نفسها أكثر مما يجب وما نوهت إليه في هذا الخصوص أمر يفتقر إلى الحكمة والموضوعية لأنها حادت من أصل المطالب التي حمل أبناء النوبة والنيل الأزرق السلاح من أجلها فكونها تقترح وتصر على احتكام الدولة بالنهج العلماني مثل هذا الطلب يتطلب إجماع من كل السودانيين في شكل مؤتمر دستوري لاختيار النمط أو إذا صح التعبير الكيفية التي تحتكم إليها الدولة كآلية متفق عليها لتسيير دفة الحكم وغالبا ما يتم اختيار التشريع الإسلامي، وذلك لعدة اعتبارات منطقية إن السواد الأعظم من السودانيين مسلمون وعدد غير المسلمين فيه بسيط جداً لا يمكن أن يقبلوا تغيير تحكم التشريع الإسلامي بالعلمانية فمن هذا المنطلق لا يجوز للحركة الشعبية أن تتدخل في مسألة توجه الدولة العقائدي وتكتفي بمقولة الدين لله والمجد للوطن وكفى بالله وكيلا.
إني لا أرمي باللائمة حول عدم الرغبة الأكيدة في السلام على الحركة الشعبية قطاع الشمال وحدها كذلك الحكومة ممثلة في سلطات ولاية جنوب كردفان أنها لا تريد السلام في تلك الولاية لماذا لأن المسئولين الذين جاءوا إلى تلك الولاية بحكم المنصب يرون كأنهم مغتربون فيها في شكل انتداب من دولة أخرى والغرض من مجيئهم إليها لتصليح أوضاعهم المالية (بالخم واللم) والدليل على ذلك همهم الوحيد هو جمع الأموال حتى ولو بطرق غير مشروعة وما يضرهم شيء ولو استمرت الحرب لعقد آخر من الزمان إو إلى ما شاء الله وقدر والدليل على ذلك هو تدمير الولاية من الناحية الاقتصادية والتنموية وأصبحت كناقة صالح تحلب شهداً بدل اللبن، لأن مواردها مهدرة كالقطع الجائر للأشجار من أجل الحطب والفحم بدون دفع رسوم مستحقة لمصلحة الغابات ولم يكتفوا بهذا القدر من الاعتداء على مقنياتها وصلت أيديهم إلى المواد الاستهلاكية المدعومة من جانب الحكومة كالدقيق والوقود بمشتقاته بنزين وجازولين إذ تؤخذ في شكل تصاديق وتباع في الأسواق علناً دون رقيب أو حسيب من جانب السلطات لأنهم هم المستفيدون والأدهى والأمر أنهم يفضلون استمرار الحرب في الولاية على السلام لعل بذلك يستغلون السلطة والنفوذ تحت ستار العمل الرسمي لابتزاز حقوق المواطن بالدواعي الأمنية ليجهزوا على ممتلكاته ولا يحظى بأي إكرامية مقننة من جانب السلطات لإسناد الإجراءات إلى دائرة الاختصاص المعنية بها، بل هنالك تغول بطرق غير مشروعة على ممتلكاته، فالوضع في الولاية يحتاج إلى حملة إنقاذ سريعة جداً من الشباب لأن آباءهم وجدودهم حملوا السلاح ووقفوا ضد الحكومات المتعاقبة على السلطة في البلاد ولم يحققوا (الدقعة) أربعون سنة هم ما بين السعي والهرولة وما جابوا شيء أكثر من الساحق الماحق والبلا المتلاحق بالنسبة لرعاياهم إذ أصبحوا كالأنعام بل أضل فثورة الشباب السلمية منحتكم الفرصة الكافية لكي تأخذوا حقوقكم بالوسائل السلمية بدون ميتة أو خراب ديار وحققت الهدف المنشود ألا وهو حق التظاهر السلمي والوقفة الاحتجاجية والاعتصام في بوابات دوائر الاختصاص كإجراءات مفروض تتخذ من أجل تداول السلطة بالطرق السلمية.
نخلص للقول بالمختصر المفيد، ما يحدث الآن من مشاكل مميتة في تلك الولاية هو غياب دور الشباب كمصلح اجتماعي في الحل والترحال والمفروض عليهم أن يكتسحوا الساحة ويمسكوا بزمام الأمور في الولاية لأن الوقت وقتهم ويجب أن يستفيدوا منه فإبعاد الكهول من جانب الشباب واجب ويقولوا لهم بصريح العبارة يا بابا ويا جدو أخلدوا الى الراحة والاستجمام كفاكم معاناة ومقابضة فيما تبقى من عمركم إذهبوا إلى منازلكم أو إلى دور الرعاية الاجتماعية ولا يكتفي الشباب بهذا القدر بل يطالب الفريق أول عبد العزيز آدم الحلو أن يلقي السلاح أرضًا دون قيد أو شرط ومشكور على ذلك وأنتم يا أبنائي الأدرى بمصيركم بعد.
وهذا ما لزم إيضاحه بإيجاز وللبل بقية..