آمال عباس كتب : وقفات مهمة قضايا المرأة العربية
الحلقة الدراسية التي نظمها الاتحاد النسائي العربي مع اتحاد نساء السودان حول أهمية تأهيل وتدريب المرأة العربية لتلعب دورها في مجتمعاتها الحديثة. جعلتني أفكر بصورة مركزة مع اقتناعي التام بأهمية الموضوع المطروح للمناقشة.. أفكر حول قضية المرأة العربية اجتماعياً وسياسياً.
أذكر في عام 1973م قرأت بحثاً في مجلة دراسات عربية.. للدكتور خليل أحمد خليل بعنوان “المرأة العربية والتغييرات الرئيسية في عصرنا”، وردت فيه تعريفات وتحليلات طريفة حول كلمة امرأة ونساء.. وبقدر طرافتها لها مدلولها الاجتماعي وتأثيرها على واقع المرأة العربية في جميع مجالات الحياة.. في صدر البحث جاء الآتي: “لعل خير مدخل الى البحث في موضوع التمييز بين الرجل والمرأة القيام باستقصاء لغوي بسيط.. فكلمة امرأة في اللغة مشتقة من فعل “مرا” أي طعم وهنا تواجهنا صلة المرأة بالطعام ويقال مرا فلان مرءا أي صار كالمرأة هيئة أو حديث.
وتجمع المرأة على غير اشتقاقها فيقال نساء ونسوة وتعرف المرأة بأنها مؤنث الرجل والنساء تعني “المناكح” وهنا تواجهنا صلة المرأة بالجنس.. واذا تناولنا أصل النساء وجدناه مشتقة من فعل نسا ينسو ومعناه ترك العمل.. وكأننا بالمرأة نعني البطالة.. وترتبط المرأة بعدة أفعال رئيسية أولها فعل “حرم” ويعني منع والحرم هو النساء لرجل واحد ويقال حرمة الرجل أي حرمة أهله والحريم يعني النساء أي ما حرم ولم يمس.. وكلمة حرامي مشتقة من هذا الفعل وهو يعني فاعل الحرام.
هذا أصل التسمية لغوياً كما ورد في بحث الدكتور خليل، وواضح أن الدلالة كبيرة سواء كانت اقتصادية أم اجتماعية.. وبالرغم من عوامل الزمن حيال مسيرة الانسان النضالية من أجل حياة أفضل أوجدت للمرأة العربية بعض الحقوق المدنية والسياسية وبرزت مشاكل جديدة كحق التعليم والعمل والحقوق المهنية.. وحق التدريب وحق الانتساب للنقابات والاتحادات.. إلا أنه ما زال في كثير من البلدان العربية اتجاه تقليدي يؤمن بحرمان المرأة من حقوقها الاجتماعية والاقتصادية ويتعامل معها كحريم حديث تتحجب وتقبع داخل الجدران لتؤدي وظيفة وحيدة هي “إمتاع الرجل وإنجاب الأولاد”.
ووجود هذا الاتجاه لا يعني الاستسلام له.. ولا يشير الى عدم وجود حركة نضالية تقودها النساء بمساعدة العناصر المتقدمة والتقدمية من الرجال في جميع المجتمعات والأمثلة على ذلك كثيرة.
فبعد الظروف السياسية التي صنعها وعاشها العالم العربي منذ الربع الأول من القرن العشرين والتي شهدت بداية التحرك الوطني الذي ساهمت فيه المرأة عام 1919م هدى شعراوي في مصر.. وشوقي في قصائده وبعد الحرب العالمية الثانية أخذت المرأة العربية مكانها في مواجهة مشاكل التحرر الوطني.. في السودان ومصر وسوريا ولبنان والعراق وتونس.
تناضل على صعيدين الأول التحرر الوطني والثاني التحرر من مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية المزمنة.. وفي هذا كما أسلفت لم تقف المرأة وحدها فقد وقف مع قضيتها الرجال تفهموا القضية ودافعوا عنها.. بقدر ما وقوف البعض ضدها.. في مصر وقف قاسم أمين وسلامة موسى وشوقي وغيرهم كثر.
سلامة موسى في كتابه “المرأة ليست لعبة الرجل” يقول:
“لقد كان هذا المجتمع المصري مثل بقية المجتمعات العربية يحيا على الرجال وحدهم.. وكانت المرأة مضروب عليها الحجاب تعيش بين أربعة جدران في المنزل تختبئ وراء الأبواب والشبابيك وهذا الاحتجاز المنزلي للمرأة ما هو إلا قتل لها بداعي العرض.. وأساس احتقار المرأة”.
ويتساءل سلامة في نفس الكتاب قائلاً: “ماذا في البيت يستحق أن ترصد له الزوجة نفسها ووقتها وفراغها؟؟”.
يجب على المرأة المتعلمة أن تعمل خارج البيت وتؤدي خدمة اجتماعية لوطنها. البيت أصغر من أن يستوعب كل إنسانيتك وكل عقلك وكل قلبك، لأن الدنيا الواسعة هي بيتك الأول.
وعلى امتداد البعض من البلدان العربية تكونت الجمعيات النسائية الخيرية والأندية النسائية التي ترمي إلى إحداث التغيرات الإصلاحية التي تنادي بتعليم المرأة ومنحها حقوقها المدنية والاجتماعية.
ولما كانت الحركة السياسية في العالم العربي لم تقنع بحد الاستقلال والاصلاحات الثانوية وإنما تحولت الحركة التحريرية في بعض البلدان العربية الى حركة ثورية رافعة لشعارات التغيير الاجتماعي الجذري والتحول الاشتراكي.
وهنا تغير مفهوم الحركة النسائية وأخذ يكتسب عمقه الإيجابي باعتبار أن المجتمع الاشتراكي هو وحده الذي تجد فيه المرأة ذاتها إنسانة محترمة ومواطنة مقدرة لها حقوقها وعليها واجباتها.
أردت أن أقول إن دور المرأة العربية أساسي ورئيسي في مسار التغيير العربي نحو بناء المجتمع الاشتراكي.. وقصدت الإشارة إلى أن الواجب المقدم أمام التحرك الوطني على امتداد العالم العربي هو تدمير الأشكال الاقتصادية والمؤسسات الاجتماعية والثقافية التي ما تزال تعترض سبيل المرأة التي أصبح واجبها الأول المساهمة في عملية التحول الكبرى التي تشهدها المجتمعات العربية الرافعة لألوية البناء الاشتراكي.
وأردت أن أقول أيضاً إن أي قدر من الحقوق تناله المرأة في ظل المجتمعات الرأسمالية والبرجوازية.. لا يحدث تغييراً ثورياً في الحياة الاجتماعية والسياسية.
فالديمقراطية الغربية لا تعني ديمقراطية التعابير الضخمة والأقوال الطنانة عن الحرية والمساواة.. وتخفي وراءها الاستبعاد وعدم المساواة للمرأة.. بقدر ما تحمل هذه الديمقراطية من غبن واضطهاد لبقية قطاعات الشعب الكادحة.. وبهذا لا يكون هنالك واجب أمام النساء في هذه المجتمعات سوى النضال في سبيل الاشتراكية الحقة..
والخلاصة أن لا تحرر عربي بدون نضال المرأة.. ولا حل جذري لمشكلة المرأة بدون تحرر وطني وبناء اشتراكي.
- وجهة نظر:
الموقف من التراث
جميل جداً ومطلوب بإلحاح الاهتمام بالتراث الشعبي في جميع مجالات الحياة.. لا سيما التراث الثقافي والذي يشكل واقعاً اجتماعياً معيناً من ناحية السلوك والقيم والعادات والتقاليد.. ولكن هناك حقيقة كبيرة وهامة بقدر أهمية التراث نفسه فليس كل ما هو قديم أو معتقد فيه.. تحتاج لإظهاره وتقديمه أو بمعنى آخر ليس كل قديم عظيم لأنه قديم.. ولذلك ولخطورة الأمر يجب أن يكون لدينا تصور واضح لمفهوم التراث الثقافي ثم طبيعة الوظيفة التي نريد أن يشغلها في بناء الواقع المعاصر.. بحسبانه خلاصة لنشاط الوعي الانساني لدى السودان في واقع ماضٍ من تاريخه.
مناقشة هذه الحقيقة تفرض ذاتها بين النظريتين المتباينتين حول قضية بعث التراث الثقافي.. فواضح أن هناك نظرة عفوية للتراث باعتبار أنه مجموعة من الظاهرات ليس بينها صلة أو رابطة وهؤلاء لا يأخذون كل ما هو ماضٍ مأخذ الجد والإيمان به.. بلا مناقشة ولا تنقيب.
والنظرة الثانية وهي اعتبار التراث كائناً حياً ومتحركاً بصورة دائمة وحيويته وحدة متماسكة بين الماضي والحاضر يسكن فيها المستقبل.
وعلى هذا نجد أمامنا مفهومين حول قضية واحدة ومهمة. الموقف الأول.. الانطلاق من الماضي وحده وعبادته والفكر بالحاضر والمستقبل أو بالأصح البقاء في الماضي وحده.. وهذه النظرة إن تركناها ونحن في بداية تحركنا لتوظيف تراثنا في معركة الحياة الى الأفضل نكون كمن يزرع الألغام في طريقه بنفسه.. أردت أن أقول إن التمسك بالنظرة الثانية وهي فهم التراث وتقديمه من الحاضر إلى الماضي ودراسة العناصر الحية فيه.. ودراسة علاقته التاريخية بقضايا الماضي في ضوء قضايا الحاضر وموضوعاته التي يطرحها للبحث من أجل المستقبل.. هو المطلوب بإلحاح في هذه الفترة.. وهذه قضية أساسية من وجهة نظري.
مقطع شعر
من ديوان نار المجاذيب للشاعر محمد المهدي مجذوب وبمناسبة المولد النبوي الشريف إليكم هذا المقطع من قصيدة “المولد”:
صل يا رب على المدثر
وتجاوز عن ذنوبي وأغفر
وأعني يا إلهي بمثاب أكبر
ليلة المولد يا سر الليالي والجمال
وربيعاً فتن الأنفس بالسحر الحلال
وطني السلم في ظلك مشبوب الخيال
طاف بالصاري الذي أثمر عنقود سنا كالثريا
ونصا من فتنة الحسن الحجابا
ومضى يخرجه زياً فزياً
مربع شعر:
قال الشاعر الشعبي في الصبر:
الزول إن كظم غيظو وعليهو اتجلد
ووسع صدره عند وقع البلاء ما اتبلد
صبر أيوب صبح بيهو الليالي بتشهد
معلوم الصبر منو الكمال بتولد
من أمثالنا:
الخير في نواصي الخيل