صالح الضي:
ظل صالح الضي بمصر زمناً طويلًا نشطاً في كل المحافل حيث عمل في إذاعة ركن السودان مسؤولاً عن قسم الموسيقى فيها، وشارك المصريين في (أوبريت الجلاء) السنوي، كما شارك مع فرقة رضا الغنائية الاستعراضية التي أعجبت بلحن أغنيته (أوعك تخلف الميعاد) لتضع عليها لحن رقصة (الحمامة) التي أدّتها الفرقة لاحقاً بالمسرح القومي بأم درمان وسط إعجاب السودانيين.
ورغم هذا النشاط لصالح الضي بالقاهرة، إلا أن مأمون عوض أبو زيد استطاع أن يقنعه بضرورة العودة إلى السودان بسبب تهيئة ظروف الإبداع بالداخل، فعاد في العام 1972م يحمل معه أغنياته منوّتة بشكل علمي.. وسرعان ما سجل للإذاعة منها (دلال)، (الميعاد)، (رسالة)، وبدأ يتفاعل مع المجتمع مشاركاً في أفراحه ومناسباته ويستجيب لكل الدعوات التي تصل إليه من الأهل والأصدقاء.
حكاية عن حبيبتي:
“حكاية عن حبيبتي” التي يغنيها الفنان الكبير أبوعركي البخيت.. وهذه الأغنية في نظر الكثيرين من النقاد تعتبر النقلة التجديدية في الأغنية السودانية.. لأنها كنص شعري حفلت بالتجديد المثير والمغاير وحتى لحنها كان يوازيها من حيث التحديث والتجديد في شكل الألحان التي كانت سائدة في ذلك الزمان..
مثلت الأغنية فتحاً جديداً في الأغنية السودانية وانحاز لها الكثيرون ومنهم الصحفي أسامة الخواض الذي كتب عنها وقال بأنها أغنية المستقبل لأن كل مفردة شعرية أو موسيقية كانت فيها قدر من (الشوف) للزمن الآتي.
محمود عبد العزيز:
المهندس الموزع الموسيقى الروسي ميخائيل.. الذي يوزع لأكبر الفنانين في روسيا سجل شهادة بحق محمود عندما استمع لأغنية (خلي العيش حرام)، بحسب د. الفاتح حسين، حيث قال (أول مرة أسمع صوتاً موزوناً كما الآلة الموسيقية)، وتمنى أن لا يسكت.. ود. الفاتح شارك في مسيرة محمود من خلال البوم (سكت الرباب) الذي تم تسجيله بروسيا من ألحانه وتوزيعه والأغنية التي حملت اسم الالبوم كلمات د. وجدي كامل، وقال الفاتح إن محمود يتميز بهبة من هبات الله، وهي الصوت حيث له شكل أداء ممتاز ومتفرد، وقال إنه من خلال تجربته معه أنه أدهش الروس وكان كبير دهشتهم لأنه لم يدرس الموسيقى.
فلسفة محيي الدين الفاتح:
محيي الدين الفاتح.. اسم يتطاول كالنخلة في عالم الشعر.. فهو واحد من قلائل لهم مقدرة الإدهاش بالمفردة وفضائها الموسيقي والجمالي.. وظل محيي الدين الفاتح حاضراً في كل المنابر الثقافية ناثراً شعره وعبيره الدافق.. فهو رغم قصائده البديعة لكنها لم تجد طريقها للغناء، وهو له فلسلفة خاصة في ذلك (أميل للاعتقاد ــ مع حبي للغناء ــ أن الشعر الجدير بالبقاء لا يحتاج الى تلك الحفاظة المتمثلة في اللحن والأداء الموسيقي وإلا لما وصل إلينا ابن الرومي والمتنبئ ولا الحاردلو، ولكن اختبار عافية القصيدة على قوامها الخاص أفضل عندي من محاولة إخفاء وجهها من خلف ستار اللحن والأداء الموسيقي.