الكدمول .. ثقافة وافدة أم إرث محلي؟
تقرير الجنينة: فاطمة علي سعيد
ارتداء الكدمول
على الرغم من إصدار السلطات قرارا بمنع ارتداء الكدمول بولايات دارفور، لكن لا زالت مظاهره موجودة بولاية غرب دارفور الجنينة، وصار يمثل زياً مثله مثل الطاقية السودانية .
وشكا المواطنون بالجنينة من استمرار ظاهرة الخطف والنهب بالمواتر وحمل السلاح وارتداء الكدمولِ في أطراف الولاية مما عرضهم للخطورة التي ربما تؤدى للموت، وشدد المواطنون على ضرورة تفعيل قرار منع الكدمول وسحبه من الأسواق ومنع دخوله الولاية من الحدود .
منع الجريمة
ويقول مراقبون محليون إن ارتداء الكدمول برز التلثم به منذ عام 2002 بداية الكفاح المسلح الثوري بدارفور، بدأ استخدامه بكثافة وأصبح أحد سمات الزي الرسمي الثوري لمقاتلي الحركات، واستغلت العصابات النهب المسلح المتفلتة والتلثم به وأصبح يصنف خطراً، ولم يعد غطاء لقهر الظروف المناخية وقناعاً سلمياً. وأدت إلى تغيير الصورة الذهنية للكدمول وأصبح يرتبط بثقافة الاقتتال والإجرام لعصابات النهب بالدراجات البخارية، مضيفين: مما حدا السلطات لإصدار قرار حظر ارتدائه ومنع استخدام الدراجات ومصادرتها ما عدا للشرطة المرورية، منعاً للجريمة، لجهة أن ارتداءه أصبح من وسائل زعزعة الأمن والاستقرار بدارفور، مشيرين إلى أن معتصمي نيرتتي وكبكابية كانت أبزر مطالبهم منع الكدمول واستخدام الدراجات الهوائية .
ثقافة صحراوية
فيما يرى آخرون أن لبس الكدمول يعتبر ثقافة صحراوية وافدة وتعود جذوره الى ثرات قبيلة الزغاوة بتشاد، ويستخدم كعمامة تسمى الكرمبيل لقناع يقي من أشعة الشمس والرياح الرملية في المناطق ذات الطبيعة الجافة منعًا لجفاف الفم والأنف وعدم الشعور بالعطش، موضحين أن أجدادهم القدامى كانوا يسيرون في الصحراء لمسافات طويلة ومناطق جرداء، مضيفين أنه مشتق من لهجة الزغاوة، معتبرين أنه لبس سوى عمامة لا يشير لأي تنكر أو عدوان، لكن جزء من متطلبات البيئة التي يعيشون فيها، وانتشر بين القبائل كزي رسمي بعيد عن أي أغراض عدائية حتى أصبح أحد مظاهر الزي الدارفوري .
عربية وأفريقية
وأوضح المواطن بمدينة الجنينة حمد حسن أن الكدمول لم تتميز به قبيلة محددة تاريخياً أو ثقافياً، وأضاف: اشترك في ارتدائه سكان المناطق الجافة سواء عربية أو أفريقية مع اختلاف ألوانه، موضحاً أن الكدمول يبلغ طوله 100 إلى 200سم، ويعتبر اللونان الأخضر والبني الرئيسيين فيه ويعتمد السعر حسب الجودة، لافتين أن الكدمول يصنع من أقمشة قطنية تأتي من الجزائر وليبيا، نسبة لبرودته في اللبس ويصل سعره إلى 500 دولار وأن شكله أقرب الى العمامة السودانية، ويلف حول الرأس والرقبة ويغطي الوجه ما عدا العينين التي يرتدي عليها النظارة منعاً للأتربة وجفاف الفم .
ويمثل الكدمول سمة من سمات سكان المناطق الصحراوية الجافة التي تقع على الشريط الصحراوي شمال وغربي السودان مرورا بتشاد والنيجر وجنوب المغرب ومالي، ويعتبر الكدمول ثقافة سائدة ترجع أهميته إلى طبيعة المناطق البيئية من ارتفاع درجة الحرارة بالإضافة إلى الغبار والأتربة الرملية، لذلك يستدعي ارتداؤه لإخفاء وتغطية معظم ملامح الوجه .
خارجون عن القانون
فيما انتقد قيادي بالجبهة الثورية أحمد وادي، وصف ارتداء الكدمول أداة لارتكاب الجريمة بسبب استخدام الخارجين عن القانون له، داعياً السلطات البحث عن اسباب التفلتات الأمنية واتخاذ قرارات لفرض هيبة الدولة مطالباً بنزع السلاح من أيدي المواطنين وحصره بالقوات النظامية ومعالجة المشكلة بدلاً عن اللجوء إلى منعه لجهة انه يشكل نوعاً من الاعتداء على ثقافة وإرث المجتمعات، نظراً لظروفهم المناخية والبيئية معتبره مثله مثل العمامة السودانية .
وأوضح أن الكدمول يعتبر ملائماً لتحركاتهم بالسيارات المكشوفة ذات الدفع الرباعي، لافتًا أن هناك مساعي أن يصبح يوماً عالمياً للكدمول والاحتفاء به كإرث ثقافي على أن يخصص له يوم من شهر يونيو من كل عام، وزاد: نسبة لفترة فصل الصيف الحار .
وتأسف أن يكون وسيلة للتنكر والاحتيال والنهب، مشيراً لاستخدامه لنهب وقطع الطرق مما أصبح يمثل خطراً بالمدن .
مظهر ثقافي
وأضاف: بعد توقيع اتفاق سلام جوبا ظهرت أنواع اخرى للكدمول وكل فصيل يرتدي ألواناً مميزة، أحيانا فوق الخوذة العسكرية لتصنيفهم عن الكدمول المدني، وأيضاً ظهر الكدمول النسائي بألوان متعددة كمظهر ثقافي.
في الوقت الذي أصبح منع الكدمول موضوعاً رئيسياً ، صار منظر من يرتدونه وهم ملثمون يتميزون به اكثر من لفافة على الرأس، ويشار إلى ان الكدمول موجود بالمناطق الصحراوية، وساعد في انتشاره الحرب التي وقعت بدارفور بين حركات الكفاح المسلح والحكومة لاسيما غرب وشمال دارفور 2003م، واستغله المتفلتون للنهب وقطع الطرق وأصبح يمثل خطرًا بدلا عن أنه غطاء لقهر درجة الحرارة .
كلمة أمازيغية
اعتبر حسب ما أفاد تقرير خبراء أن كلمة كدمول غير عربية واعتبروها كلمة أمازيغية لارتداء الطوارق له في مالي والجزائر والنيجر والمغرب وليبيا، وبحسب ما ذكر احد منسوبي الحركات أن الكدمول دخل دارفور عبر الصراع التشادي التشادي مع اشتداد الصراع بين الرئيس الراحل ادريس ديبي وحسين هبري بمنطقة “عين سيرو” الحدودية، واكد أن مقاتلي حركة العدل والمساواة أول من استخدمه. مما يوضح أن الكدمول مستخدم وموجود قبل ظهور الحركات المسلحة، وليس هناك مصدر لغوي محدد يرجع له معنى كدمول أو كدمور ولكن هو أقرب في شكله للشال المعروف، فهو موروث ثقافي اجتماعي بجانب لبسه لأسباب بيئية صحراوية وليس تنكرًا او قتالًا كما استغل ويمثل دلالة معينة، ولا يمكن وصفه بالظاهرة وقطاع عريض من أهل دارفور يستخدمونه.