بهاءالدين قمرالدين يكتب : ولماذا يتفاوض أهل (القضية والبيت الواحد) أصلاً!؟ (1)
قال عضو مجلس السيادة الانتقالي؛ محمد الحسن التعايشي؛ إنّ مجلسي السيادة والوزراء سيناقشان خلال الأيام القادمة قانون نظام الحكم لإقليم دارفور تَوطئةً لإجازته!
وكشف التعايشي عن تشكيل لجان إشرافية للمُضِي قُدماً نحو عقد مؤتمر نظام الحكم؛ مؤكداً الانتقال إلى نظام الإقليم الفيدرالي كأحد مُستويات الحكم.
وقال التعايشي لـ(الصيحة)، إن عودة النازحين تمثل محوراً أساسياً في تنفيذ اتفاق السلام؛ مشيراً إلى أن هنالك (4) ملايين نازح ولاجئ خارج الوطن والديار؛ وشدد على ضرورة تشكيل القُوة المُشتركة لتأمين عودتهم إلى مناطقهم.
وقال إن الصراعات التي تحدث من قت لآخر في كردفان ودارفور والشرق ناتجة عن تسليح النظام البائد للمجموعات الأهلية في تلك المناطق؛ مشدداً على ضرورة معالجة تلك الصراعات بجمع السلاح من كل المواطنين؛ بجانب معالجة قضايا الأراضي والحواكير؛ عَلاوةً على تنفيذ بند الترتيبات الأمنية؛ ونشر القوات المشتركة لحماية المدنيين خاصة في دارفور .
ولفت التعايشي الى أن ملف الترتيبات الأمنية به تعقيدات ناجمة عن التشوُّهات التي حدثت خلال الثلاثين عاماً الماضية من حكم الإنقاذ.
مشيراً إلى تعدد الجيوش خارج المنظومة العسكرية؛ الأمر الذي ساعد في إطالة أمد الصراع بالبلاد.
لافتاً إلى أن الملف يُحظى باهتمام كبير من قِبل الحكومة؛ وتمت معالجته بدمج كل القوات وبناء جيش قومي موحد يحمي الدستور.
وأشار التعايشي إلى أنّ تنفيذ بند الترتيبات الأمنية يُواجه تحديات كبيرة؛ أبرزها توفير الموارد المالية؛ لافتاً إلى الظروف المالية الصعبة التي تمر بها البلاد؛ مؤكداً أن كل الآليات المنوط بها تنفيذ البند تمّ واكتمل إنشاؤها.
مُضيفاً إلى أنّ الاتفاقية نصّت على تخصيص ميزانيات مُعيّنة لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية بدارفور والمنطقتين وشرق السودان.
وأكّد التعايشي أنّ تأخير قيام المؤتمر التشاوري ساهم إلى حدٍّ كبيرٍ في تأخير تنفيذ اتفاق مسار الشرق.
لقد تطرّق عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي في حديثه أعلاه؛ إلى قضايا مهمة جداً؛ يجب الوقوف عندها طويلاً؛ لجهة أهميتها الكبرى في تنفيذ اتفاق سلام جوبا وتنزيله على أرض الواقع؛ ووضع حدٍّ ونهاية لمسلسل الحرب والموت والهلاك والدمار في بلادنا؛ والذي استمر أمداً طويلاً؛ واقعد بالوطن وعطّل كل مشاريع التنمية والحياة والإعمار؛ حيث قضت الحرب اللعينة على الأخضر واليابس وأهلكت الحرث والنسل؛ وسجنت البلاد في عصور الكهوف والظلام!
ومن أهم تلك القضايا؛ مأساة النازحين واللاجئين في الوطن ودول الجوار!
فقد أجبرت الحرب المدمرة، الملايين من المواطنين وأهل البلد للنزوح إلى خارج مناطقهم؛ أو الهروب إلى خارج السودان لاجئين؛ خوفاً من آلة الموت والقتل التي أعملتها فيهم الحرب اللعينة!
وعاش أولئك المواطنون تحت وطأة ظروف قاسية وأوضاع إنسانية صعبة؛ أدناها الإحساس بالغربة والبُعد عن الديار والأهل؛ علاوةً على سوء الأوضاع الحياتية والمعيشية والإنسانية في معسكرات النزوح واللجوء؛ والتي لن تكون مثل الوطن بأيِّ حال من الأحوال وبأيِّ شكل من الأشكال!
وعودة النازحين واللاجئين إلى ديارهم ووطنهم؛ هو أمرٌ ليس سهلاً يتم فقط (بجرة قلم) في المفاوضات، ويُدرج ضمن البنود الأمنية أو العسكرية أو الإنسانية؛ ويكون بذلك في تمّ حله جذرياً ونهائياً!
لا… ثم لا…. إن عودة النازحين واللاجئين؛ هي عملٌ كبيرٌ جداً؛ وهي مهمة صعبة وجليلة وعظيمة؛ تتطلب ترتيبات وإعدادات (لوجستية) وأمنية ونفسية وإنسانية وثقافية ضخمة وخاصة؛ تتطلّب تكاتف كل الجهود الوطنية والداخلية والإقليمية والدولية والعالمية!
فأنت تُريد إعادة (إنسان) هو كتلة من لحم ودم وأحاسيس ومشاعر؛ تريد إعادته ودمجه في مُجتمعه الذي فارقه مجبراً ومكرهاً ومضطراً زمناً طويلاً؛ هو إنسان في المقام الأول وليس (حيواناً) أو حجراً أو جماداً أو قطعة أثاث تُحرّك وتُنقل من مكان إلى مكان!
إنّ إعادة الإنسان اللاجئ تتطلّب أولاً تأهيلاً نفسياً عالياً وإعداداً عاطفياً وإنسانياً خاصاً؛ حتى يخرج من (صدمة التغريب) والإبعاد عن الوطن زمناً طويلاً؛ ويتأقلم ويتكيّف مع الوضع الجديد ويكون قادراً على الاندماج والعيش في مُجتمعه الذي تغرّب عنه ردحاً من الزمان!
وهذا دور كل مؤسسات وأفراد المجتمع والجهات المسؤولة؛ التي يجب أن تعمل بتناغُم تامٍ ويد وروح واحدة من أجل إنجاح هذه المهمة الكبيرة والعظيمة والعمل الجليل؛ حتى لا يُصاب العائدون إلى ديارهم وأوطانهم بصدمة نفسية وعاطفية حادة؛ وردة وجدانية عنيفة قاتلة؛ يحسون فيها بالغربة وسط ديارهم وبين أهاليهم؛ هي غربة الذات؛ التي هي أكثر إيلاماً للنفس من غربة الأوطان, فيُفضِّلون العودة إلى معسكرات النزوح واللجوء؛ التي تصبح لهم أكثر أمناً ودفئاً وحناناً من الوطن، وتلك مصيبة فادحة وصدمة قاتلة!
ونواصل