عباس رمزي يكتب :الاستقطاب القبلي في شرق السودان تجاوز حدوده
الأمر المقيت والمميت في شرق السودان هو أن المركز يتدخل ربما بحسن النية لكنه يصب الزيت على النار منذ اندلاع الثورة المجيدة، ونحن نكتب ونخاطب المركز أن لا يهملوا الشرق وأن لا يعتبروا الشرق بقعة مقدور عليها وخاصة قوى الحرية والتغيير خاطبناها مئات المرات أن يكون هناك نفر محايد ليس له ولاء حزبي ولا قبلي وهم كثر في الشرق، لكن لهم آذان لا يسمعون بها وأعين لا ينظرون بها الذي يجري الآن ما بين المركز والشرق هو كالآتي…. يتحرك وفد قبلي لمقابلة البرهان أو حمدوك ثم يعود دون أن تعلم القواعد ماذا حدث في هذا اللقاء . ثم يتحرك وفد قبلي مناوئ للأول فيقابل ذات المسؤولين برهان وحمدوك، ثم يعود الوفد ولا يعلم أحد ماذا حدث وماذا تم في اللقاء لنتفاجأ بذهاب الوفد الأول وظل المشهد متكررا ولا تعلم القواعد ماذا يدور. ثم يبدأ الشحن القبلي بارتفاع حتى يكاد أن ينفجر.
وفي هذا المشهد المخيف الخاطف للاستقرار والطمأنينة تقف قوى الحرية والتغيير متفرجة ولا تملك لنفسها أمراً. أنا لا ألوم قوى الحرية والتغيير ولكن ألوم المركز كان واجبه إعلان ماذا قال لتلك الوفود فأصبح التعتيم على القواعد من زعماء القبائل والحكومة فتبداء القواعد بالتخمين والتوقعات ورفع سقف التوقعات مما يشحن النفوس بالضغينة، لأن الحقيقة غائبة عن القاعدة، ومما يزيد الطينة بلة بعض الأطراف تقوم بتزوير الحقائق وتنقلها للمركز فيزداد المركز ربكة مما هو عليه. كما أن هناك من الأحزاب السياسية ما يلعب لعبات قذرة قافزاً فوق كل ماهو وطني وقيمي وأخلاقي بالتفكير في تبوؤ مركز يؤهله للانتخابات فيقوم بدعم كل الأطراف المتصادمة، ويقدم لهم الوعود الكاذبة فيهيج ويؤجج نار القبلية وتعلو النعرات القبلية بتلك الوعود من هذا الحزب أو ذاك مما يجعل النزعة القبلية تشتد، فسلوك كهذا لا يمكن إلا أن ندرجه في خانة الخيانة العظمى. ففشل المركز في سد الهوة وفشلت الأحزاب في تقارب وجهات النظر ووقفت قوى الحرية والتغيير عاجزة تماماً أمام مشهد بالغ الخطورة مستعصياً عليها إدخال يدها في هذا اللهيب الحارق.
الحل يجب أن يكون كما ذكرت التحدث إلى أناس محايدين سياسياً وقبلياً لماذا؟ ليس كل أفراد القبائل متعصبين هناك المعتدلون والحادبون على استقرار الشرق وهؤلاء يعرفهم الجميع. فكل قبائل الشرق يحملون سمة التسامح والصفح والدليل في العام الماضي2020- 2021 قمت بتكوين ما يسمى بالتجمع الجماهيري الموحد لولاية كسلا، هذا التجمع ضم جميع ممثلي قبائل ولاية كسلا وعقدنا حوالي16 اجتماعا ووضعنا وكتبنا دستورا في محاولة صادقة وجادة لسحب البساط من سطوة وهيمنة القبلية، وكدنا أن نعبر لكن إرادة الله أن أصبحت مريضًا وغادرت بعدها الخرطوم لسنوات بسبب الظرف الصحي الذي استمر سنين، وعندما عدت نظراً لسرعة التحولات في الولاية وجدت تباعد الناس ودخلوا في أتون اقتتال ولكن عهدا قطعته مع ربي أن يعود التجمع الجماهيري وسنحل قضايانا وقادرون على توحيد صفنا مرة أخرى إن شاء الله تعالى.