عنوان ناقص..
والتتمة له هي كلمة البحر في البداية… ليصير: البحر بيضحك ليه؟..
وهو فيلم مصري شهير..
ولكنا نستبدل كلمة البحر هذه باسم وزير عندنا هنا في السودان..
والسودان كان قبيل العيد أحد أهم أخبار الاقتصاد في وسائل إعلام خارجية..
وخلاصة الخبر: رقم قياسي للتضخم في السودان..
فقد بلغ الشهر الماضي 412%… قياساً إلى 375% في الشهر السابق… وهو نفسه قياسي..
وفي اليوم ذاته كان وزير المالية يعقد مؤتمراً صحفياً..
ولا يهمنا في هذا المؤتمر ما قاله من مكرور الكلام… من قبيل تصبر بس..
والمخاطب بالصبر هذا – طبعاً – المُواطن المسكين..
وكأنه بات شعاراً عنده… وعند رفقائه؛ حل محل شعار تسقط بس..
أما هو – ورفقاؤه هؤلاء – فممنوعون من الصبر… ومنفتحون على الصرف..
صرف من لا يخشى الفقر..
وقد تحدّينا الحكومة – قبل فترة – بأن تنفي إضافة فارهة رابعة لكل وزير..
وتعبنا – وفترنا – ونحن نحكي عن تقشف أنظمة سابقة..
منها ما هو حزبي… ومنها ما هو انتقالي… ومنها ما هو عسكري أيضاً..
نعم؛ حتى أنظمتنا العسكرية كان منها ما يجتهد في التقشف هذا… مُراعاةً لظروف الناس..
وظروف الناس من ظروف البلاد..
ومن هذه الأنظمة العسكرية نظاما كلٍّ من نوفمبر… ومايو..
أو بعبارة أخرى؛ كل أنظمة بلادنا العسكرية عدا نظام الثلاثين من يونيه..
فهو نظامٌ شذ عن القاعدة التقشفية هذه..
ولم يُدانيه شذوذاً – أو يُشابهه – إلا نظام فترتنا الانتقالية هذه؛ في مفارقة عجيبة..
وسبب المفارقة أنّها فترة حكم أعقبت ثورة شعبية..
ثم هي ليست كسابقتيها من ثوراتنا الشعبية منذ الاستقلال؛ أكتوبر… وأبريل..
وإنما هي ذات دماء سالت أنهارا..
أما أشهر تقشف راعى حال البلاد – والعباد – فهو الذي كان في حقبة الحزبية الثانية..
وفي مفارقة عجيبة أخرى كان مفترعه وزيراً للمالية كذلك..
وهو حسين الهندي؛ وشتان ما بين الوزيرين من إحساس بالوطنية… والإنسانية..
فالهندي كان مهموماً بقضيتي الاقتصاد… والمواطن..
مهموماً لدرجة اقتراحه بتبني حكومته سياسة تقشفية تكون قدوة للآخرين..
رغم أن جنيهنا كان وقتها يساوي ثلاثة دولارات..
وجرّاء هذا التقشف اكتفى كل وزير – وسيادي – بعربة واحدة..
عربة واحدة – متواضعة – يا أصحاب الفارهات الأربع… وتحكمون باسم الشهداء..
كل هذا – كما قلنا لا يهمّنا – وليس موضوعنا الآن..
كما ليس موضوعنا حالة البؤس التي صبغت وجوه المواطنين قبل – وبعد – العيد..
بل منذ ما قبل – وما بعد – سقوط الإنقاذ..
وإنّما الذي يهمّنا شيءٌ واحدٌ… في جملةٍ واحدةٍ… نصيغها في سؤالٍ واحدٍ:
جبريل بيضحك ليه؟!.