عبدالله مسار يكتب : جهاز الأمن والمخابرات مناعة الدولة (٢)
قلنا في الحلقة الأولى، إن حل جهاز الأمن والمخابرات في انتفاضة أبريل ١٩٨٥م عجّل برحيل الحكومة الديمقراطية، وجاء بانقلاب ٣٠ يونيو١٩٨٩م، الآن ننكرر نفس السيناريو بعد ثورة ديسمبر٢٠١٨م.
بعد نجاح الثورة، تعرض جهاز الأمن والمخابرات الوطني لهجمة شديدة من قيادات حزبية ومجموعات مختلفة تعرّضت لمرارات وتعذيب من الجهاز لبعض قيادات من صناع التغيير.
وهذه الهجمة قلّصت من دور الجهاز وصلاحياته، وجعلت الجهاز عمدة بلا أطيان، خاصة وأن صناع الثورة كثر ولا تخلو من أقلام المخابرات وتدخل السفارات. التي يشكل جهاز الأمن والمخابرات السوداني هاجسا لهم، بل هنالك سودانيون لديهم ارتباطات خارج الحدود ووراء البحار كانت تسعى لتقليم أظافر الجهاز ووصفه بأنه جهاز حزبي لحماية نظام الكيزان لا حماية الدولة، ولذلك هذه المواقف من جهاز المخابرات أصابته في مقتل، بل كسرت وقلعت أظافره وقلمت، وبعثرت إمكانيته، وشُرِّد وطُرد منسوبوه، وحل جناحه الضارب (العمليات)، وقللوا من مهامه وجعلوه كاتب عرضحالات وسبطت همم منسوبيه حتى آثر كثير منهم الابتعاد بمحض إرادته ولذلك قلّت فعاليته.
ولكن بحديث الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة في المعايدة الأخيرة أعاد إليه بعض الأمل وهذا تطلب أمرين:
١/ تفعيل قانونه وإعطائه دورا أكبر في الحياة العامة ومهاما وطنية أكبر، ليقوم بالدور المطلوب منه في حماية الدولة السودانية من الاختراق، خاصة وأن المهددات الأمنية المحلية والإقليمية والدولية ضد السودان ارضا وشعبا وثروات وموارد كبيرة.
٢/ عمل اصلاحات في الجهاز ليكون جهازا وطنيا مهنياً كفؤاً ليقوم بالمهام الكبرى الملقاة على عاتقه.
أيضاً عدم قيام أي جهاز أمن موازٍ، حيث كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن جهاز أمن داخلي، هذا سيكون جهازا ضراراً، ويكون جهاز أمن حزبي يتكوّن من عناصر من بعض أحزاب قحت، وتشير المعلومات ان بعض أحزاب قحت لديها كتائب ترغب في إدخالها لجهاز الأمن الداخلي والذي فصل خصيصاً لاستيعاب هؤلاء الحزبيين. وهنا نكون بدّلنا امنا حزبيا بأمن حزبي.
عليه، أعتقد ان البلاد محتاجة لجهاز أمن مهني ووطني وقومي ومؤهل ومقتدر ليكون جهاز مناعة للدولة من فيروسات الاختراق.
وعليه، نتوقع بعد حديث رئيس مجلس السيادة قرارات مفيدة من مجلسي السيادة والوزراء لصالح جهاز الأمن والمخابرات القائم، ليكون ترياقاً لدولة السودان وان لا يُنشأ جهاز الأمن الداخلي لانه سيكون جهاز أمن حزبي يكرر نفس عمل الجهاز في أيام الإنقاذ الاولى حزبياً باطشاً، وجميل جداً إلغاء مسودة قانون جهاز الأمن الداخلي إن صح ذلك.
الجهاز القائم يحتاج لقليل من الإصلاح وشخوص وصلاحيات ودور وقانون ليكون جهازاً وطنياً مهنياً محترفاً، ويكون جهاز مناعة حقيقي للدولة السودانية.