نفرد المساحة اليوم للزميلة (فاطمة علي سعيد)؛ الصحفية النابهة والمجتهدة؛ تتحدث عن الأسباب الحقيقية للصراع في ولاية غرب كردفان؛ فمرحباً بها وبكم أيها القراء الكرام!
تعتبر ولاية غرب كردفان الحاضنة والمنتجة للبترول والمعادن ومنتجة للقروب الحيوانية والغابية، لكن لعنة الحكومات المتعاقبة أصابت تلك الولاية وجعلتها تمارس السياسية بثوب الجهوية والقبلية تجاه الولاية وإنسانها في كافة القطاعات!
ومازالت الولاية تجيد لغة الحرب اللعينة بين مكونات الولايات الإثنية، وظل مواطن غرب كردفان يعاني من الولاة المبعوثين من المركز من أجل المحافظة على أمن وانسياب البترول دون أن يستفيد المواطن من أبسط عائد البترول!
وكان متوقعاً ان تتغيّر الأوضاع للأفضل بعد ثورة ديسمبر، لكن جاء الوالي الجديد وسار على خطى من سبقوه من الولاة، وحتى الآن لم ينجز حماد ملفا واحدا أفاد مواطن غرب كردفان، وظل يتماطل في تحريك الملفات ولم يسعَ للحد من الفوضى التي ضربت الولاية والاحتكاكات حتى استفحل أمرها واضحت هناك نذر حرب عبثية تدق أبواب الولاية!
وباتت غرب كردفان لا يمر عليها يومٌ إلا وكانت هناك حادثة قتل، وهذا إن دل إنما يدل على غياب هيبة الدولة وغياب القانون، وانتشار السلاح، وانتشار الاصطفاف القبلي ببن المكونات الإثنية في الولاية، وكل ذلك افضى الى عدم استقرار وانفراط عقد الأمن الضعيف!
ان الاشتباكات الدامية التي وقعت بين المسيرية ودار حمر بولاية غرب كردفان مؤخراً ادت لزعزعة الأمن وانتشار الفوضى وكل ذلك كان نتيجة لانتشار وانتصار السلاح بسبب خلافات حول الأراضي والمسارات وعدم سيطرة الدولة والحكومة على الاوضاع وفقدان فرض هيبة الدولة التي تجعل الأمن سائداً.
وحلاً للحرب المستعرة هناك، فإنه لا بد أن تتدخل الدولة لحسم الأزمة واحتوائها قبل فوات الأوان، سيما اذا علمنا ان انتشار السلاح زاد من التوترات واذكى نيران الخلافات.
ومن المحزن حقاً ان تجدد القتال في محلية السنوط وحكومة الولاية، قابله تباطؤ من حكومة الولاية في حسم تلك الصراعات!
وغضت السلطات النظر عن عبث مافيا البترول والتعدين والقطع الجائر للأشجار، ولم تستشر إنسان الولاية في القرارات المصيرية التي يمكن ان تتخذ في مؤتمر الحكم والإدارة المجمع والمزمع قيامه قريباً.
ولن تتحقق هيبة الدولة إلا بتفعيل وتنفيذ القوانين على الجميع بفعالية!
والأخطر من ذلك كله ان هنالك من يُحاول التلاعُب بالسلم الاجتماعي والامن؛ ما يحتم على الاجهزة الامنية ان تسعى لتطبيق القانون عبر النيابات والقضاء والمحكمة الدستورية إحقاقاً للعدالة!
إن منهج الجودية والتعاطي بعاطفية وعدم عقلانية لا ينتج سوى تحلل القانون ويصنع أوضاعاً ضبابية ورمادية تهيئ للفوضى والتطاول على أجهزة الدولة . إن ما تفعله بعض القبائل باستخدام عاطفة الحمية القبلية يُهدِّد الدولة ويعطل دولاب ويوقف نبض الحياة والعمل والتلاعب بحياة ومصالح الناس وهو أمر يستوجب اتخاذ أقسى الإجراءات لفرض هيبة الدولة.
إن تراخي الأجهزة الأمنية في الولايات مع مظاهر الصراعات والاصطفاف القبلي، حصد أرواحاً بريئة وطاهرة وظهر ذلك جلياً في تهاون تلك الأجهزة في أداء واجبها الذي يقتضي تطبيق القانون دون تمييز.
فحالة التهاون في ولاية غرب كردفان وتواطؤ الأجهزة الأمنية في التعامل حول نزاع أراض بين قبيلتي الحمر والمسيرية قاد للحرب والمقتلة التي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء حتى الآن وذلك بفعل عجز سلطة الولاية في إنفاذ القانون وتعاملها بمنهجية الجوديات، في وقت كان مطلوبا منها اتخاذ تدابير قانونية صارمة، تحاسب كل من تورّط في قتل الأبرياء، مع اتخاذ الإجراءات الأمنية في مواجهة المتفلتين من طرفي النزاع، بدءاً بملاحقة حاملي الأسلحة والمجرمين الذين يُحرِّضون للاصطفاف القبلي لأخذ الثأر بدوافع أجندة سياسية هدفها زعزعة الأمن.
كل المطلوب الآن بولاية غرب كردفان المشتعلة أن يُقدّم حكام لديهم المقدرة والعزم على تنفيذ وسيادة حكم القانون على الجميع وتطبيقه سياسياً واجتماعياً وأمنياً واقتصادياً دون التمييز لكل من تجاوز أو خرج عن القانون.!