ديون نادي باريس.. غموض حول المتبقي وشروط الإعفاء
الخرطوم: جمعة عبد الله
يسود الغموض تفاصيل متبقي ديون السودان على نادي باريس، وكيفية سدادها وأجلها الزمني، حيث تقول مصادر إن الدول الدائنة بنادي باريس بدأت التفاوض مع السودان على متبقي الديون، بعد خفض نحو “14” مليار دولار منها مؤخراً، كما ثارت شكوك حول قدرة الحكومة على السداد لما تبقى بعد جدولته، مع مخاوف من تضخم جديد للدين حال الفشل في السداد.
وتشكل ديون السودان لنادي باريس التي كانت تبلغ 23.5 مليار دولار معظمها ناجمة عن متأخرات وغرامات تأخير في السداد، والدائنون الرئيسيون للسودان في نادي باريس هم النمسا وفرنسا والولايات المتحدة.
ديون بعد التخفيض
بشكل عام كان لنادي باريس دين للحكومة بنحو 23.5 مليار دولار، جرى خفض 14 مليار دولار منها في يوليو الماضي، مع تبقي 9.5 مليار دولار تمت جدولتها.
وحسب اتفاق نادي باريس الأخير فهو يلغي 14.1 مليار دولار بشكل مباشر، ويعيد جدولة 9.4 مليارات دولار بفترات سماح طويلة بما يكفي حتى لا يضطر السودان إلى سداد مدفوعات قبل 2024.
تفاصيل الإعفاء والمتبقي
وفي منتصف يوليو الماضي قال رئيس نادي باريس، إيمانويل مولين، إن نادي الدائنين الرسميين وافق على إلغاء 14.1 مليار دولار مستحقة على السودان وإعادة هيكلة ما يتبقى من 23 مليار دولار مستحقة عليه.
وحث مولين الدائنين الآخرين من القطاعين العام والخاص للسودان على تخفيف أعباء البلاد من الديون بنفس الطريقة.
وبعد قبول صندوق النقد الدولي للسودان الشهر الماضي في مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، صار السودان مؤهلًا لتخفيف عبء الديون، بناء على الالتزام بإصلاحات على صعيد الاقتصاد الكلي.
معلومات مختلفة
وأوضحت هند التجاني عضو اللجنة القيادية للتحالف الاقتصادي لقوى الثورة، أن ما تشيعه الحكومة عن إعفاء ديون نادي باريس يفتقر للدقة.
واتهمت هند، الطاقم الاقتصادي للحكومة بعدم الإفصاح عن كامل الحقيقة للشعب وبتفاصيلها وأنه يريد فقط أن يفهم الشعب أن كل الديون قد ألغيت لتبرير سياسات الخضوع لروشتة صندوق النقد الدولي، وقطعت بأن هذه السياسة سترتد على الحكومة عندما يدرك الشعب أنه قد فقد الكثير ولم ينل إلا الوعود والمزيد من معدلات الفقر والبطالة، كما حدث في كل البلدان التي أبلغت بأنها قد وصلت لنقطة القرار في الهيبك، وأن ديون نادي باريس برغم الإعفاء الجزئي إلا إن ساقيتها قد بدأت تدور من جديد.
ديون نادي باريس بالأرقام
وقالت هند، إن الزخم الإعلامي كان يركز على أن مجموعة نادي باريس ستعفي ديونها على السودان بعد أن وصل نقطة اتخاذ القرار في مبادرة الهيبك وأنها ستحث الدائنين الآخرين على إعفاء الديون ليصل حجم الإعفاء إلى خمسين مليار دولار ويتبقى فقط من ديون السودان 6 مليارات، إلا أن مجموعة نادي باريس لم تف بما وعدت به.
وأوضحت هند، أنه وفقاً للتقرير السنوي لبنك السودان المركزي تبلغ ديون السودان لنادي باريس عام 2018م مبلغ 15.7 مليار دولار، وفي عام 2019 تبلغ 16.2 مليار دولار ولكن حالياً نادي باريس فاوض السودان على أساس أن ديونه في عام 2021م هي 23.6 مليار دولار بزيادة 7.4 مليار عن عام 2019م وحسب تقرير البنك المركزي فإن أصل ديون نادي باريس على السودان 3.2 مليار دولار ولكن الفوائد التعاقدية والفوائد التأخيرية حولتها في 2021م إلى 23.6 مليار دولار أي أن الفوائد هي 20.4 مليار دولار.
لافتة إلى أن نادي باريس أعفى من هذه الفوائد 14.1 مليار دولار وترك باقيها لتضاف لأصل الدين ليصبح السودان بعد الإعفاء مطلوبا لنادي باريس بمبلغ 9.5 مليار دولار تتم إعادة جدولتها مع إضافة الفوائد السنوية ليصبح أصل الدين الجديد 9.5 مليار دولار، بدلاً عن 3.2 مليار الأصل السابق، ويبدأ دوران ساقية ديون نادي باريس وفوائدها التعاقدية والتأخيرية من جديد.
وتساءلت هند، إذا كان أصل ديون نادي باريس على السودان هو 3.2 مليار فإن السودان مطلوب اليوم بثلاثة أضعاف هذا المبلغ زائداً الفوائد، مع ملاحظة أن دول نادي باريس هي الجهة الوحيدة التي أعطت التزاماً كاملاً بإعفاء ديون السودان مقابل أن ينفذ السودان كامل شروط صندوق النقد الدولي، ولكن تلك الدول لم تعف الفوائد الناجمة عن الجزاءات وتبقى على أصل الدين؟ فديون نادي باريس للسودان مستمرة وديون السودان للمؤسسات الدولية في تزايد بفعل إعادة الجدولة بعد القروض التجسيرية، وقد بدأت ساقيتها تدور من جديد، والدول الأخرى خارج نادي باريس لم تعلن بعد كم ستعفي من ديونها والديون التجارية وقدرها 6 مليارات دولار لا تعفى.
وأشارت لترحيبهم بإعفاء أي قدر من الديون وأي جهود تبذل في هذا الاتجاه، ولكن مع مراعاة الثمن المطلوب دفعه وتأثيراته على الاقتصاد وعلى المواطن.
فوائد الإعفاء
وأوضح المحلل الاقتصادي، هيثم فتحي، أن محور الديون شمل عددا من المكاسب المشروطة، منها تصنيف صندوق النقد الدولي السودان بأنه مؤهل للاستفادة من “مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون” التي تتيح تخفيف أعبائها على الدول الفقيرة والمنخفضة الدخل، وعمل على إعفاء السودان من سداد متأخرات متراكمة وقدم قرضاً جديداً بقيمة 2.5 مليار دولار، مع التزام الحكومة الانتقالية بتنفيذ إصلاحات قاسية رفع الدعم عن البنزين والديزل وتخفيض الجنية السوداني بنسب 400%.
لافتاً إلى ان القروض الجديدة صرفت على دفع متأخرات الدين خاصة مع تدني الاحتياطي من العملة الأجنبية، خاصة ان الإصلاحات التي يشرف عليها صندوق النقد الدولي، وسيخضع السودان للمراقبة حتى 2022، وستكون هناك متطلبات إصلاحية من قبل الصندوق.