كم هو جميل أن يتوافق السودانيون أخيراً بالعودة إلى جذورهم الثابتة وأن يتوافقوا على إعادة أواصر الحب بين كل مكوناته الإثنية، كما كانت قبل عهد الكيزان الأسود الموشح بالكراهية، حب دفع صانع المراكب الدنقلاوية الضخمة بالانتقال لقلب الوطن وإعلان الحرب ضد جبايات الاستعمار التركي، وكاد أن يقضي أيضاً على أخبث استعمار وهو البريطاني لولا نجدة وجدها من شمال الوادي لذا كافأته بمثلث حلايب ليصيروا أعادي؟ لذا أنعم بحب المواطن لوطنه وحب المواطن لأخيه الشريك بفصحه أو رطنه فالحب الخالص يريده سبحانه وتعالى من عبده بقوله: من تقرب إلي بذراع تقربت إليه بباع، بل والإتيان بهرولة، بمعنى أنه حب ليس بخشية من ناره، ولا حتى بطمع في جنة بداره.
لذا فيا له من اتفاق مكتوب ما بين حركة تحرير السودان (عبد الواحد محمد نور) وما بين الحركة الشعبية (عقبال الجنوب)- (عبد العزيز الحلو)، اتفاق نص على التأطير لمؤسسات الدولة الراسخة والمتخصصة بالمنهجية في اتخاذ القرار السليم، وصهر كل القوى المتحاربة بعقيدة وطنية جديدة بفهم عليم.
صحيح هما لجآ إلى اللغة التي يفهمها (الكيزان) لغة حروف (اللغم) ولجأنا نحن للغة التي لا يفهمها (الكيزان) أي حروف (القلم)، وفهمها الشعب صاحب العقل والفهم وأزال السجم.
والعلمانية التي طالب بها الرجلان هي مطلب كل ذي عقل بعيداً عن النقل لأنها هي الحامية لمؤسسات الحكم السليم، بل وتعد آية الله سبحانه وتعالى لهذا العصر الذي مزاجه من تسنيم، وهل نسيتم قول ذلك الطائفي: لو سيدي رشح لينا حمار ح ننتخبه ولو رمانا من السرج في طين السرسار!، ومن طبائع المكونات أن يكره التطرف اليميني العلمانية لأنها ضد وجوده ومصالحه الآنية، كراهية زرعها فيهم المحفل الماسوني الخبيث بأنها حرام والقبر قدام وأنها ضد الدين يا حمام!.
بينما العلمانية هي سبب تقدمهم وتطورهم بعد تخلف، وأنك لتجد المتطرف اليميني من جهله لا يفرق حتى ما بين (العلمانية) وما بين (الماركسية) فالأولى آية الله المشتقة من العلم والذي أتانا سبحانه وتعالى منه القليل، بينما الثانية هي التي تدعو للكفر والإلحاد بقولها: (لا إله والحياة مادة)!!، دعوة باطلة حققت بها الصهيونية العالمية تقدمها ولنتأخر نحن بعداوتها!، فهل العلمانية ألغت الدين اليهودي في إسرائيل؟ أو ألغت الدين المسيحي في دول الغرب؟ مالكم كيف تحكمون؟ ومن هذا القليل وهبه لنا رب جليل استفاد به المصطفى صلى الله عليه وسلم (باتفاق صلح الحديبية) وحافظ على حياة مشركين يئسوا من حياة، قبل حياة المسلمين الأقوياء على الرغم من المعارضة السياسية القوية بزعامة عمر بن الخطاب.
وسبحان الله في علاه كل الشروط المجحفة التي أملاها المشرك (سهيل بن عمرو) على رسول العلم بكل شيء، أتت بكل برد وسلام على الإسلام والمسلمين أقلها قول القبائل الأخرى: دين بهذا الصفح والغفران لجدير بأن يعتنق لاعتدال الميزان.
وطنية
في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيز، هذا ما أقره فنان الشعب العبقري محمد وردي الذي طرده الكيزان شر طردة عقب انقلابهم في سنة 1989م وهام لاجئاً ما بين الأمصار وحط الرحال بمصر، وملحن (طبال) للنظام قال لوردي ستكون أحد كبار المغنين بالعالم العربي بنشيد الحلم العربي، وانخرط في البروفات إلى أن ختمها (الطبال) بتمجيد ومدح حسني مبارك الرئيس العال.
هنا حرن وردي على الرغم من المال الضخم وهو المفلس، قال للطبال: لن أغني ممجداً لمبارك أنا في السودان ما غنيت لرئيس الله أجارك، وأصر الطبال وكان أكثر إصرار وردي العظيم واستبعد بدون حتى مليم.
رحم الله وردي رمز الوطنية الأصيل كفارس الإكليم.
أبو لي بي
أبو ليها حين طلبتو، ولما فرضوه عليها أبتو.