تقرير- محجوب عثمان
60 ضحية على الأقل ما بين قتيل وجريح خلفها أحدث صراع قبلي اندلع في السودان منتصف الأسبوع الماضي في ولاية غرب كردفان، وظلت تداعياته مستمرة حتى أمس السبت بينهم على الأقل 20 قتيلاً تناثرت دماؤهم جراء غياب دولة القانون ليضاف هذا الصراع والاشتباكات إلى مئات الصراعات التي لم يسلم منها أي جزء من أجزاء الوطن.
غير أن اللافت في صراع غرب كردفان أن من بين الضحايا منسوبين للجهات الأمنية راحوا ضحية تفانيهم في محاولة الفصل بين المتقاتلين..
الصراعات القبلية التي اندلعت مؤخراً، عنوان كبير لجهات تستغل غياب مؤسسات الدولة عن بعض المناطق البعيدة لتأليب المجتمع لتنفيذ أجندة خاصة ربما تضع كثيراً من المتاريس في درب الفترة الانتقالية، بينما يراها البعض ضعفاً من الحكومة التي لا تتعامل مع الملفات بحسم سريع ما رتب لدى المواطن إحساسًا بأن الدولة لا تحميه ما يتطلب أن يحمل السلاح للدفاع عن نفسه.
تضارب معلومات
رغم سقوط أكثر من 20 قتيلاً وأكثر من 40 جريحاً بينهم أفراد قوات نظامية في الاشتباكات القبلية على الحدود بين محليتي النهود والسنوط بولاية غرب كردفان التي بدأت الأربعاء الماضي، إلا أن لا أحد استطاع أن يجزم بسبب اندلاع الصراع، فمنهم من يقول إن الصراع تجدد حول أراض قديمة متنازعة من قِبل الطرفين، بينما أفادت مصادر أخرى باندلاع الاشتباكات بسبب نهب جمال.
وبحسب تصريح لمواطن منطقة المحفورة يدعى محمد حامد لـ”راديو دبنقا”، فإن الاشتباكات نشبت في مزارع متنازع حولها قبل ثلاث سنوات، حيث حاول كل طرف استصلاح الأرض ما أدى إلى اشتباكات بين الطرفين أدت لمقتل 9 أشخاص وجرح 26 آخرين من طرف، بينما تجاوز قتلى الطرف الآخر 20 قتيلاً ونحو 15 جريحاً نقلوا إلى مستشفيات الأبيض وأبوزبد والفولة.
دوشكا
حامد أشار إلى جرح نحو 4 من القوات النظامية التي حاولت التدخل لفض الاشتبكات بينهم حالة خطيرة. وأشار كذلك إلى استخدام طرفي الصراع أسلحة ثقيلة منها عربتان مزودتان بدوشكات.
لكن المواطن أمير سلمان من مدينة النهود يرجع أسباب الصراع إلى نهب إبل من أحد التجار، وأوضح أن فزعاً من أهل المنطقة لاحق الجناة واشتبك معهم وتطورت الاشتباكات لتتحول إلى صراع قبلي.
نزاع قديم
لم يستبعد أمير جهات في النظام البائد باستغلال مثل هذه الأحداث وإشعالها من أجل إحداث فوضى وعدم استقرار في المنطقة للإفلات من المحاسبة في جرائم سابقة تورطت فيها، خاصة وأن النزاعات القبلية تفاقمت واستمرت بسبب عدم إنهاء جذور المشكلة ومحاسبة الجناة، مبيناً أن النزاعات الدائرة بين المكونين لم تبدأ الآن، إنما منذ وقت مضى، حيث شكلت لها لجان من الإدارات الأهلية منذ بدايتها، إلا أنها ظلت في مكانها ولم تجد أي حلول، كما أن السلطات لم تقم بدورها بإجراء تحقيقات عادلة وشفافة لمعرفة جذور المشكلة وتقديم الجناة للعدالة، وحمل الحكومة كامل المسؤولية عن ما يجري في المنطقة.
هدوء
صباح أمس السبت، عادت الحياة في المنطقة إلى طبيعتها بحسب ما قال المدير التنفيذي بالإنابة لمحلية النهود ناصر آدمو آدم، الذي أكد استقرار الأوضاع في مدينة النهود، وقال إن محليته مستقرة عقب خروج عدد من المتفلتين يوم الخميس الماضي عقب الانتهاء من تشييع جثامين الأحداث الأخيرة بين بعض مكونات قبيلتي المسيرية الزرق وحمر، التي وقعت بمنطقة جبل الشياب المتنازع عليها بين محليتي السنوط والنهود ودخولهم السوق مطلقين بعض النداءات التي أرعبت التجار وأدت لإغلاق السوق.
وقال في تصريح صحفي إن لجنة الأمن بالمحلية، عقدت عدداً من الاجتماعات مع الإدارة الأهلية لإمارة دار حمر وتنسيقية قوى إعلان الحرية والتغيير أسهمت بشكل كبير في تهدئة الأوضاع وعودة الحياة إلى طبيعتها بمدينة النهود، مشيراً إلى أن المواطنين باشروا أنشطتهم بصورة عادية وأن كافة المحال التجارية فتحت أبوابها بالسوق.
تدخل
المدير التنفيذي أشار إلى أن أمير إمارة دار حمر الأمير عبد القادر منعم منصور، دعا إلى وقف الإقتتال وبث روح التعايش السلمي بين جميع المكونات، مؤكداً العمل على معالجة القضايا العالقة في المرحلة القادمة وإطلاق مبادرات الصلح وتحريك وفد من الإمارة لمناطق النزاع لتأكيد تطبيع الحياة وتوجيه الجميع بالتوجه لأنشطتهم ومصالحهم، وأبان أن النهود مدينة للجميع وأن الأمر يحتاج لتضافر الجهود ونشر الوعي الاجتماعي والديني والإصلاح التنموي.
جهود
كما أكد الصادق مريدة محمد أبو القاسم رئيس المجلس الأعلى للسلم الاجتماعي والتصالحات بولاية غرب كردفان، هدوء الأحوال الأمنية بمنطقة النزاع بين محليتي السنوط والنهود، وقال إن الأوضاع مستقرة وتحت السيطرة بعد تدخل القوات النظامية في المنطقة العازلة موقع النزاع، ولا توجد أية صدامات أو احتكاكات غير التي وقعت الأسبوع الماضي .
وأضاف أن الإدارة الأهلية من الطرفين على قدر المسؤولية، وقد قامت بعمل كبير في الأيام الماضية مما ساهم بقدر كبير في هدوء الأحوال واستقرار الأوضاع .
وأوضح أن لجنة أمن الولاية برئاسة الوالي حماد عبد الرحمن صالح في حالة انعقاد يومياً ومتابعة للأوضاع من أجل عدم تكرار الصراع بجانب العمل على تقريب وجهات النظر بغية الوصول إلى وثيقة تضمن عدم تجدد الصراع بين الطرفين .
مطالب
مريدة دعا مكونات القبيلتين للتحلي بالحكمة وتعظيم حرمة الدماء والنظر بعين فاحصة للعلاقات الأزلية التي خلفها زعماء القبيلتين والأجداد منذ القدم، ونادى الصادق مريدة الجميع بعدم الالتفات للشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي وتحري المعلومات الحقيقية من مصادرها، مشيراً إلى أن المتفلتين دائمًا يستغلون مثل هذه الصراعات لتنفيذ أجندتهم الخاصة بمصالحهم الشخصية بإطلاق الشائعات ومحاولة زعزعة الأمن وإثارة الفتنة .