لم أُبعد عن السلطة.. هناك اتفاق بأن نُفسح المجال لإخواننا في الحركات المسلحة
بعد سقوط النظام هرول رفاقنا باتجاه الصراع حول السلطة والمحاصصة
الذين تولوا الأمر همهم تحقيق مكاسب لمشروع شمولي أيديولوجي لا يؤمن بالديمقراطية ولا تهمه معاناة الشعب
المجلس المركزي يُسيطر عليه المؤتمر السوداني وتجمع المهنيين وحزب البعث
ما يتم في لجنة إزالة التمكين عمل سياسي وليس قانونياً باعتراف رئيسها المناوب
حوار ــ الطيب محمد خير
كشف رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الجبهة الثورية التوم هجو أنهم أعدوا بمذكرة لإصلاح وتصحيح المسار شارك في صياغتها عدد من القوى السياسية المنضوية في قوى الحرية والتغيير التي تم تحييدها، وقال إنهم سلموها لرئيسي المجلس السيادي والوزراء، مشيراً الى أن المذكرة تتضمن عملية تصحيح مسار متكاملة بداية بإعادة صياغة الحاضنة السياسية عبر مؤتمر تأسيسي جامع لا يستثنى منه أحد.
وأضاف التوم في حواره أن الدولة تدار الآن بواسطة ثلاثة أطراف تضم حزبي البعث والمؤتمر السوداني وتجمع المهنيين بجانب أشخاص يعملون في الخفاء، ودافع التوم عن مجلس الشركاء وقال انه يستمد شرعيته من الوثيقة الدستورية، حيث تمت الإشارة إليه في المادة (80) منها، غير أن الذين يهاجمونه ويقولون بعدم شرعيته شاركوا في تأسيسه وكانوا يريدونه جسمًا هلامياً لكنهم تفاجأوا بأنه مرجعية سياسية ستسحب بساط السيطرة عل الدولة منهم، لذلك لجأوا لمعارضته.
وهذا وغيرها من الإفادات نطالعها في الحوار:
ـ هل التوم هجو أبعد من المشاركة في السلطة أم ابتعد؟
أنا لم أبعد ولم أبتعد وكل ما هناك اتفاق بيننا في الجهة الثورية باتفاق بأن نفسح المجال لإخواننا في الحركات المسلحة للمشاركة في السلطة، وأن تكون حزمة الجبهة الثورية موحدة، لكن للأسف إخواننا أخذوا السلطة ولم يلتزموا بما تبقى مما اتفقنا عليه بوحدة ة وقومية الجبهة الثورية.
ـ ما تقييمك للوضع السياسي الراهن في الدولة السودانية؟
لازلت على رأيي وموقفي الذي أعلنته في أول مؤتمر صحافي عقدته بالخرطوم بعد عودتي بعد اقتلاع نظام الإنقاذ وقد حذرت من الانزلاق في هاوية الفشل الذي أدمنته النخبة السياسية السودانية منذ فجر الاستقلال، وللأسف حدث ما حذرت منه لأن البداية كانت (غلط) وبالتالي من المؤكد أن الطريق الذي سلك سينتهي الى الوصول لنقطة الفشل الذي نراه الآن في إدارة العملية السياسية بذات الأخطاء المتكرر منذ الاستقلال، وقد ألفت فيها كتب، وأنا شاهد عصر بتجرتي في العمل السياسي منذ الجبهة الوطنية المناهضة لنظام مايو وانتهاء بالجبهة الثورية، الملاحظ أننا ننجح في المعارضة وإسقاط النظم الدكتاتورية، لكن بمجرد سقوط النظام نعود لمربع الأنا والأطماع الشخصية والحزبية الضيقة، لأنه ليس هناك رابط يجمعنا سوى إسقاط النظام ويصبح الهم والشأن الوطني نسياً منسياً، وهذا السيناريو حدث على أيام الجبهة الوطنية بعد حركة يوليو (76) هرول الجميع ودخلوا في المصالحة التي طرحها نميري، وحدث ذلك على أيام التجمع الوطني بعد دخول كسلا، هرول الجميع صوب مفاوضة النظام وتفرق التجمع، وفي الجبهة الثورية كنت متفائلاً بأنها قيادات شابة جديدة، ودعمنا أن يقود الهامش التجربة بقيادات التجربة وحققنا نجاحات كبيرة، لكن للأسف إخواننا الذين عملنا معهم وحققنا نجاحات كبيرة برؤية جديدة جاء نداء السودان الذي كان التفافاً على هذه النجاحات، وكان واضحاً الذين جاءوا في نداء السودان لم تكن أولوياتهم الهم الوطني، وإنما كان عملاً تكتيكياً للالتفاف على النجاح الذي تحقق نتيجة طموحات شخصية وأيدلوجية تكشفت لنا بعد سقوط النظام، وحدث خلاف على مبدأ رئيسي كنا متفقين عليه، وهو تثبيت مبدأ كيف يحكم السودان أن يكون الأساس الذي نعمل له، لكن للأسف بعد سقوط النظام هرول رفاقنا باتجاه من يحكم السودان والصراع الذي دار ولا يزال حول السلطة والمحاصصة، وهذا واضح لكل متابع للصراع منذ أول مؤتمر صحافي بعد سقوط النظام الذي أعلن فيه عمر الدقير أنهم حققوا (95%) من مطالبهم في الشراكة مع المكون العسكري، وهنا السؤال ماذا كانوا ينتظرون وحتى تم فض الاعتصام، وهذه ليست حجة لتحقيق شراكة، وإنما كانت بداية الانحراف عن مسار الثورة وما اتفقنا عليه وعملنا لأجله في تحالفاتنا في نداء السودان والجبهة الثورية .
ـ لماذا الصمت وقتها وأنتم في الطريق لهاوية الفشل؟
أنا شخصياً لم أصمت وجهرت برأيي صراحة، وقلت إن العملية تدار من وراء ستار بأجندة حزبية ومطامع شخصية أقصر من قامة الثورة وعظمة الشعب السوداني الذي بهر العالم بثورته في كل مراحلها، ووصفت مسرح إدارة العملية السياسية بأنه أشبه بعربة (الفلكسواجن)، وأصبح الفشل والأطماع واضحة للشعب الذي خرج بعد أن ضاق به الحال وتردي وضعه المعيشي وتمدد الفقر، ماذا كسب من ثورته زاد الوضع سوءاً، نعم الشعب نجح في إزالة رؤوس النظام، وكان يمكن اقتلاع كل جذوره، لكن الذين تولوا الأمر لم يكن همهم اقتلاع وإنهاء معاناة الشعب وما تبقي من النظام بقدر التهافت لتحقيق أكبر قدر من المكاسب عبر مشروع شمولي أيدلوجي لا يؤمن بالديمقراطية فشلت أن تنفذه بالانقلابات، هذه القوى الآن تتوهم بأن الثورة التي صنعها الشعب ملك لها وتسعى لتحقيق ما فلشت في تحقيقه بالانقلابات، تريد الوصول إليه بخوض بحر دماء الشهداء الذين سقطوا ونالوا المناصب والوظائف بالتمكين العكسي، هؤلاء ليس لديهم استعداد للتنازل عن هذه المكاسب .
ـ هل الحديث كافٍ لمواجهة هذا الفشل دون خطوة عملية لمواجهته؟
تقصد أننا اكتفينا بالحديث، بالعكس لم نصمت نحن صغنا مذكرة ضافية وسلمناها لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك وسنسلمها أيضا لرئيس مجلس السيادة الفريق البرهان وسنملكها للإعلام لنشرها للشعب السوداني.
ـ يعني الآن أنتم لستم قوى الحرية والتغيير؟
قوى الحرية والتغيير تضم كل المكونات أبرزها الجبهة الثورية ونداء السودان والمؤتمر السوداني الذي هو ليس جزءاً من المذكرة ولا علاقة له بالعمل الإصلاحي الماضي الآن .
ـ حديثك يوحي بأن تنظيم قوى الحرية مختطف؟
تنظيم قوى الحرية غير موجود الآن، ويكاد أنه تلاشى وحل محله المجلس المركزي الذي يسيطر عليه المؤتمر السوداني وتجمع المهنيين وحزب البعث، ويدار بواسطة ثلاثة أو أربعة أشخاص مع تململ الآخرين الذين أبعدوا أو وقذف بهم خارج أسوار دائرة القرار.
ـ ما البنود التي حوتها الذكرة؟
طالبنا فيها بالعودة لمنصة التكوين، لاسيما ما اتفقنا عليه إبان الثورة في أديس وإجراء عملية شاملة لكل ما تم في المرحلة السابقة، ومن ثم التحضير لقيام مؤتمر تأسيسي بمشاركة جميع أطياف السياسي الموقعة على ميثاق قوى الحرية والتغيير وساهمت في صنع وإنجاح الثورة، ولم تتضمن المذكرة أي بند محاصصة أو تسويات وطالبنا بطرح قيادات ذات كفاءة ليست لها أي ميول أو مطامع أو تطلعات، وركزنا فقط على مخاطبة مشكلات الشعب السوداني وهموم معاشه، والمذكرة عملية تصحيح مسار متكاملة بداية بإعادة صياغة للحاضنة السياسية عبر مؤتمر تأسيسي جامع لا يستثنى منه إلا المؤتمر الوطني، لكن لا نقبل أن يقصى أي أحد، لأن فوضى الإقصاء التي ضربت الحاضنة السياسية تسببت في هذا الفشل وزادت معاناة الشعب السوداني، ونحن لن ندعم نظاماً شمولياً جديداً، ولن نقبل تمكيناً عكسياً أيدولوجياً جديدًا.
ـ برأيك ما سبب التلكؤ والمماطلة في استكمال مؤسسات الدولة؟
هذا البطء والمماطلة سببها عدم وجود معيار واضح للعمل عليه في التأسيس المعيار المعمول به هو المحاصصة أديني وأديك، وهذا الذي أدى لتعطيل كثير من أركان الحكومة ورئيس الوزراء قال صراحة: لو لا عودة أطراف السلام ما استطعنا تشكيل حكومة، والآن نقولها إن تم قيام المجلس التشريعي بذات نهج المحاصصة الذي تم في الحكومة سيزيد من تغلغل هذه القوى الإقصائية المسيطرة على جسم الدولة ونخشى من وقوع كارثة لا تبقي ولا تذر.
ـ ما المطلوب لتحاشي ما ذكرت؟
لابد من ترتيب المسرح السياسي بإعادة صياغته بصورة جذرية حتى تكون الحاضنة السياسية للحكومة تمثل القوى السياسية الحية من قوى الثورة, لأن الخلل الذي اعترى أجهزة الدولة في القطاعات الخدمية والاقتصاد بكل أركانه سببه ضعف الشخصيات التي تولت المناصب دون خبرة أو دراية وهذا ما جعل الفساد مستمراً والانهيار متسارعاً في كل شيء.
ـ هل سيتم فتح الوثيقة الدستورية وإعادة صياغتها؟
العلة ليست في الوثيقة الدستورية، ما تم تعطيل للوثيقة واستعيض عنها بما يسمى بالمجلس المركزي هو نبت لم تتم الإشارة إليه في الوثيقة الدستورية، ونحن في الجبهة الثورية لا نعترف بهذا المجلس المركزي الذي يتعارض مع ما جاء في الوثيقة الدستورية التي تحدثت عن قوى الحرية والتغيير التي هي غير موجودة الآن فقط المتحكم مجموعة سياسية متسلطة أقل من أصابع اليد الواحدة.
ـ من أين يستمد مجلس الشركاء الذي أنتم جزء منه شرعيته وتقولون ببطلان المجلس المركزي؟
مجلس الشركاء طرحته لنا قوى الحرية والتغيير، وقالوا هناك مشكلة في وجود آلية لحسم الخلافات التي تنشب من وقت لآخر بين المكونات واقترحوا مجلس الشركاء حتى يكون تكوينه ثلاثياً بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير وقوى السلام، وبعد مشاورات مطولة توصلنا لهذه الصيغة في تكوينه كجسم قيادي ضم كل المكون العسكري وقيادة قوى الحرية والتغيير وحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا.
ـ ما دام أنه جسم متفق عليه من كل الأطراف ما سبب الاعتراض عليه؟
هذا ما تكشف لنا فيما بعد أن القوى التي سعت إلى تكوينه كانت تريده جسماً هلامياً هشاً لتمكن نفسها من عملية إدارة الدولة من وراء ستار، وكما قلت هي عملية تحديث لماكينة الفلكسواجن لزيادة قبضتها في إدارة الدولة لكنها تفاجأت بما لم تكن تتوقعه، إذ أننا اتفقنا على أن يكون جسماً مرجعياً لحل كل الخلافات، وقراراته يجب أن يكون واجبة النفاذ لأن القيادات المكونة له هي التي شكلت المجلس السيادي في شقه المدني ومجلس الوزراء وليس جودية وإنما آلية لدعم نجاح الفترة الانتقالية، لذلك بدأت الأصوات ترتفع في معارضته.
ـ ما الجهة التي تعارضه داخل قوى الحرية والتغيير؟
هي قوى غامضة غير واضحة، وهي ذات التي قلت لك تدير الدولة من وراء ستار، وبمجرد أن بدأ مجلس الشركاء في حلحلة بعض القضايا العالقة وتلمس مواطن المسكوت عنه الذي لا يراد الكشف عنه، تحركت هذه القوى الخفية لعرقلته والتشكيك في صلاحياته وتعطيل عمله، وهذا ما دفعنا لتقديم المذكرة التي أشرت إلى تسليمها لرئيس الوزراء.
ـ ما القوى الخفية التي ذكرتها؟
هي مجموعة قيادات اختفت من الساحة ونزلت لدهاليز السرية وأخذت تحيك ما تريد، ونحن لن نتوقف عن مواجهتها وسنعمل لإجلاء الحقائق مجردة للشعب السوداني.
ـ هناك من يرى أن مجلس الشركاء حاول اختطاف صلاحيات المجلس التشريعي وتغول على بعض الصلاحيات؟
الوثيقة الدستورية نصت على تكوين مجلس الشركاء في المادة (80) مجلس الشركاء مهامه حل المسائل الخلافية والاتفاق على سياسات وتنزيلها، والحديث عن التغول غير صحيح، لأن مجلس الشركاء ليس سيادياً لكن (80%) من عضويته موجودة فيه، وكذلك قادة الجهاز التنفيذي وغالبية التنظيمات موجودة فيه ومجلس الشركاء الآن يمثل القمة السياسية للدولة، لأن القيادة التي عينت مجلس الوزراء والسيادة موجودة في مجلس الشركاء.
ـ يعني ذلك أن الدولة لا تدار بشفافية؟
الدولة الآن تدار من وراء كواليس وستائر داكنة يصعب رؤية من خلفها، وهذا واضح مما يدور في الجلسات الخاصة يكشف فيها المخبأ وأنت تسمع يتردد (الناس ديل ما دايرين انتخابات دايرين فترة انتقالية عشر سنوات وشغالين تمكين) وهذا ما قالته قيادات كبيرة في الدولة جهراً .
ـ ظللت تتهم الحزب الشيوعي بأنه صانع كل الخلل والمتاريس التي تعرقل الفترة الانتقالية بينما الشيوعي يؤكد أنه الآن أصبح خارج دائرة الفعل؟
هذا ليس صحيحاً، نحن نعرف كل الشخوص، من هو حزب شيوعي ومن هو موالٍ له، الآن الحزب الشيوعي موجود بشدة في الحكومة والمعارضة .
ـ أليست هناك نجاحات تراها تحققت؟
نحن الآن منذ أن سقط النظام كل شيء تراجع للوراء حتى النجاحات التي تحققت في رفع الحصار وإعفاء الديون هذا عبارة عن نفخ قربة مقدودة لأنه مقابل هذا لم يحدث أي إصلاح على مستوى الداخل سواء على مستوى الشخوص أو مؤسسات الدولة لتواكب ما يتم الآن لجنة التمكين تستلم مؤسسات ناجحة، نعم أزيل التمكين لكن (جيب لينا ناس مقتدرين لإدارة هذه المؤسسات).
ـ هل تريد القول إن هناك خللاً في عمل لجنة إزالة التمكين؟
الرئيس المناوب للجنة إزالة التمكين قال هي لجنة سياسية يعني الذي يتم عمل سياسي وليس قانونياً، وهنا السؤال هل نحن نسعى للوصول للديمقراطية أم نريد خلق شمولية جديدة، هناك خطان في المراحل الانتقالية منذ الاستقلال تسلك أحدهما القيادات التي تتولى زمام الأمور، خط انتقامي يفضى للتدمير وخط عقلاني، سلكه غاندي في الهند وعبر به، الآن الهند رابع قوة اقتصادية في العالم، وكذلك مانديلا في جنوب أفريقيا, ما يتم الآن في السودان انتقام أيدولجي، ولن نقبل ان يتم باسمنا وتحت بصرنا، هذا طريق وعر إن سلكناه ليست له نهاية إن كان النظام السابق انتقم من الناس نأتي ونسير على نهجه .
ـ ماذا عن اتفاقية السلام؟
اتفاقية السلام تواجه عثرات وخللاً في التنفيذ بسبب الربكة الحاصلة في اتخاذ القرار لعدم وجود جهة واحدة لإصدار القرارات ولن يستقيم الظل والعود أعوج.