شاكر رابح يكتب : الما بعرف ما تدوهو يغرف

يستخدم الكثير من السياسيين والقادة وكتاب الرأي قاموس الأمثلة الشعبية في الخطاب السياسي والمقالات الصحفية ومقالات الرأي وقلما تجد خطاباً سياسيًا أو مقالاً يخلو من أمثال مشهورة أو مغمورة، وتوظيف المثل الشعبي يأتي في إطار التبيان البلاغي كواحدة من الفنون الإبداعية في الخطابة أو الكتابة، واستخدام المثل بكثرة يدل على مقدرته ونجاعته وقدرته على توصيل الرسائل بشكل مبسط ومفهوم وهو أسلوب تقليدي ذائع الصيت وكثيراً ما يستخدم للتأثير أو للسخرية أو للمتعة والإقناع وتعزيز الحجج وفرض الأفكار، وقد اتخذ بعض الكتاب المثل عنواناً لمقالاتهم، وقد استخدمه أيضاً المثقفون ومقدمو البرامج التلفزيونية والإذاعية، ومن أكثر الساسة استخداماً للمثل الإمام الصادق المهدي “رحمه الله”، قد ظل على الدوام يستخدم الأمثال في خطابه السياسي سواء كان موجهاً للنخب أو للعامة ومن الأمثلة التي أثارت جدلاً كثيفاً بين رفض وقبول (بوخة المرقه) التي وصف بها المظاهرات في 2018 وضرب هذا المثل لضعف المشاركة الشعبية فيها ولسوء التنظيم ويعني أنها لم تسقط النظام، كذلك (الما بعرف ما تدوهو يغرف يا ظلم الناس أو كسر الكاس) واستخدم أمثلة كثيرة في مناسبات عديدة منها (هلمجرا) أيام رئاسته لمجلس الوزراء وعندما اتهم الإمام باستلام أموال من المؤتمر الوطني قال (لن نقبل بنصيب الفأر من عليقة الفيل)، وقد استخدم الشريف زين العابدين الهندي “رحمه الله” الأمثال أيضاً وفي أواخر أيام الديمقراطية الثالثة عندما اختلف الحزبان الكبيران “الاتحادي والأمة القومي”، المشكلان للحكومة داخل البرلمان في ذلك الوقت عندما قال الحكومة لو (ختفها كلب ما بنقول ليهو جر)، وهذا يعبر عن مدى الاستياء العام من فشل الحكومة بقيادة الإمام الصادق، وبالفعل بعد أيام قلائل سقطت الحكومة بانقلاب الإنقاذ العسكري بقيادة البشير وصحبه، وكثير من الأمثلة الشعبية تعالج قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية عبر التلميح وبأسلوب ساخر كما هو موجود في أعمدة الرأي والمقالات، وقد وضعت الأمثال عناوين في كثير من الصحف المحلية والعالمية ومن البرامج التلفزيونية المشهورة “دنيا دبنقا” و”جراب الحاوي” للإعلامي المعتق المرحوم محمد سليمان، كانت هذه البرامج تقوم على طرح الأمثلة في شكل أسئلة ويحفز من يشرح المثل أو يورد قصته، وهي من البرامج الثقافية المفيدة لربطها الماضي بالحاضر.

ومن الأمثلة المستخدمة هذه الأيام (التسويها بإيدك تغلب أجاويدك، وإن غلبك سدها وسع قدها، أنا أصلي مارق للربا والتلاف)، وأيضاً ماسك ليهو شطراً ميت يضرب لمن يرجو ما لا رجاء فيه، وأيضاً ما عندو ولا أبو النوم يضرب للشخص المكلف بالمنصب العام وضعيف التجربة والخبرة .

 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى