شاكر رابح يكتب : تشرذم وتشظي الحاضنة السياسية (2-2)
الواقع السياسي الهش الذي يعيشه السودان ما بعد ثورة ديسمبر المجيدة يتسم بأمرين مهمين أولهما تشظي الحاضنة السياسية لقوى إعلان الحرية والتغيير وثانيهما تزايد حدة المعارضة للحكومة. وهناك مشاكل أخرى أكثر أهمية تتجاهلها الحاضنة السياسية وتتعمد غض الطرف عنها وهي التدخلات الخارجية السافرة و«انبطاح» الحكومة لها وتطبيق شروطها حرفياً مثل خروج الحكومة من بيت الطاعة والمضي قدماً في التطبيع مع إسرائيل وتنفيذ شروط البنك الدولي نزولاً على رغبة الغرب ومؤسساته، وهذا من شأنه المساس باستقلال القرار السياسي، فقد ضاع زمن سياسي غالٍ وسع الهوة بين المكونات السياسية، فقد لجأت الحكومة عبر لجنتها السياسية إزالة التمكين إلى الإمعان في العزل السياسي مما جعل هناك خلطاً بين مفهوم العزل والإقصاء السياسي ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، فإن الواقع المتأزم السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه الشعب السوداني نعزوه لغياب التوافق بين قوى إعلان الحرية والتغيير فيما بينها والقوى السياسية الفاعلة من جهة أخرى، ولن يحدث تعافٍ للأوضاع السياسية الراهنة إلا إذا تمكنت الحاضنة السياسية من تجاوز حالة التباين والتجافي.
والجدير بالذكر ما ورد في مبادرة رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك ومن ضمن بنودها توحيد القوى السياسية التي تقود الوضع الانتقالي كما أشار بوضوح إلي انقسام وسط تحالف الحرية والتغيير. يظل هناك سؤال ملح، هل ينجح حمدوك في توحيد “قحت” وعمل تسوية سياسية تقود لمصالحة شاملة؟. في الأثناء كشف حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي عن مبادرة يعتزم طرحها على القوى السياسية لبدء حوار شامل بين السودانيين بهدف إيجاد حلول لمشكلات البلاد . أعتقد أن حل مشكلات السودان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تتطلب جرأة في التناول والطرح حتى تسهل عملية المعالجة وطالما الحديث عن أن الأزمة سياسية بالدرجة الأولى، إذاً بالضرورة إصلاح الأحزاب السياسية ودمجها وتوفيق أوضاعها في إطار التحول الديمقراطي ما بعد انقضاء الفترة الانتقالية.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل