عبد الله مسار يكتب: مُعايدة الرئيس في قندتو
الرئيس الفريق أول البرهان، رجلٌ بسيطٌ من قيادات السودان المُتواضعة، وهو من القيادات التي تعيش في مُجتمعها ومع مُجتمعاتها ووسط أهلها وذويها، وهو رجلٌ مواصلٌ.
دَرَجَ الرئيس الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المُسلّحة ورئيس مجلس السيادة، على قضاء الأعياد بمسقط رأسه وقريته قندتو، وهي قريةٌ تقع في ولاية نهر النيل محلية شندي وسط أهله وذويه ومعارفه وأسرته.
وقرية قندتو وادعة وهادئة وجميلة، بها مشروع قندتو الزراعي وهو مشروعٌ على شاطيء النيل، وهو مشروعٌ مثمرٌ به عدد ضخم من البساتين والحدائق والجناين الغنّاء الوارفة، بها عددٌ ضخمٌ من أشجار الفواكه والموالح وكذلك الخضر.
الفريق أول البرهان لديه بيتٌ ريفي في قرية قندتو وعلى بُعد أميال من المزارع، وهو بيت أسري تُقيم حوله أسرته وإخوانه وذووه، وهو يقضي كل الأعياد في منزله هذا وسط رهطه، ويلتف ويلتئم حوله سكان القرى المجاورة لقندتو بما في ذلك أهل شندي، ويقضي معظم أوقاته في مزرعته ويعيش على الطبيعة بالعَرّاقي، حيث يضع جلبابه على عُودٍ من أغصان شجر المَنْقّة، ولديه “سرير هباب” من الحبل، ويأكل مع عماله وضيوفه ومن معه من الأهل.
في هذا الجو الأسري والاجتماعي يقضي وقته خارج هموم الخرطوم ومشاغل الميري وضيق وحنق وعضل السياسة.
في هذا الجو الأريحي، قرر الأخ الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع، وهو فيه نفس صفات البساطة والبداوة ومعيشة وخلق أهل الريف، بل صدق ومحبة الأهل ومعه السيد مني أركو مناوي حاكم دارفور وبعض قيادات من الطرق الطوفية، زيارة معايدة للفريق أول البرهان في قريته الوادعة وفي منزله الريفي وخارج رسميات الخرطوم وهُمُوم وغُموم السلطة، وكانت زيارة ودية اجتماعية أهلية، وذلك لتقوية وشائج الإخاء والمودة والمحبة بين الرجلين، وكذلك للتعرف على اسرته في أماكن سكنهم وإقامتهم، بل هي زيادة حميمية ودية ومعايدة على الطبيعة، وأكدت على كبير وعظيم من المدلولات والمضامين، منها انسجام الرئيس ونائبه وكذلك وحدة القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، ونفت كل الشائعات بأن هذه القوات بينها خلافٌ، كذلك أكّدت عُمق العلاقة بين الرجلين، وأضافت البُعد الآخر وجود مني برمزيته كقائد لحركة مسلحة وكذا زعيم لتحالف سياسي وكحاكم لإقليم كبير ووثير، بل أبعدت ونفت كثيراً من أقوال المُرجعين ومُطلقي الشائعات، بأنّ السودان دولة تقوم على الجهويات والعنصريات، وأكّدت أنّ رجال الدولة العظام مطلوبٌ منهم الوحدة والانسجام وسوس البلد بالوحدة والتفاهم والتعاضد.
هذه المُعايدة كان لها صدى طيب عند أهل النيل بصفة خاصة وأهل شمال السودان بصفة عامة، وكان لها وقع قوي عند اهل شندي وقندتو، وكان حضورهم في مزرعة الأخ البرهان كبيراً وكثيفاً ومبهراً، بل كان كرماً فيّاضاً ونُحرت النوق، طبعاً حميدتي (أبّالي) وأنا ومني وآخرون ناس ضأن ساكت وجمعوا، لنا المطايب من لحوم الإبل والضأن وكمان فواكه قندتو وجمعوا لنا المودة والمحبة والإلفة وحتى الفأل الحسن.
إنّ مُعايدة الأخوين حمدان ومني للأخ الرئيس البرهان في عقر داره وفي مسقط رأسه ووسط رهطه وأسرته، تدل على عظمة هؤلاء الرجال، وهي فيها مَحَبّةٌ وإخاءٌ وقطعاً سيكون لها ما بعدها، مثل هذه الأعمال تُقرِّب الناس لبعضهم، وهي كانت شائعة قديماً بين زعامات الإدارة الأهلية وكذلك بين قيادات الطرق الصوفية، وهي مؤاخاة حقيقية مرات كثيرة تقود الى تصاهر وبناء أسر.
وفي مثل هذه الحالة مُعايدة النائب “حميدتي” لشقيقه الرئيس البرهان سوف تؤدي إلى استقرار الفترة الانتقالية، وكذلك التعاون والتعاضُد بين القوات العسكرية المُختلفة، ولما يُضاف لها الأخ مني أركو قطعاً ستدفع بعمليات السلام الى الأمام.
أعتقد أنها فتحت نفاجاً اجتماعياً أخوياً كبيراً ويحتاجون فقط لضم الأخ د. حمدوك لمثل هذه المعايدة، وكذلك الأخ د. حمدوك مُحتاج لمزيدٍ من التّواصل الاجتماعي، خاصةً وأنه عيّد هذا العام في الموردة.
على العموم، السودان قائمٌ على التسامُح والتّواصل والعلاقات الاجتماعية أكثر من الجوانب الأخرى، ولذلك يحتاج الى التعضيد وسط المُجتمع والقيادات.
تحياتي،،،