سيول الفاو ترسم مأساة الإنسان والصراع مع الطبيعة
توقف الحياة وشبه انهيار للمدينة ومواطنون بالعراء وثعابين تهددهم
أكثر من خمسة أحياء وأسواق ومؤسسات حكومية وقعت تحت رحمة الفيضان
حكومة الولاية تقر بالمأساة وتعلن محلية الفاو منطقة كوارث
أحياء بالكامل أغرقتها المياه ومحاولات التجار باءت بالفشل والخسائر بالمليارات
إغلاق طريق الخياري رد فعل والوالي زار المنطقة مرتين والكارثة أكبر من إمكانيات الحكومة
انهيار عدد كبير من المخازن والمحال التجارية وغمر المياه جزء من مشروع الرهد
الخرطوم: الفاو: صلاح مختار
لم يتوقع أقل المتشائمين وأكثر المتفائلين بأن ما تجود به السماء من نعمة المطر تصبح نقمة ومأساة لمواطني الفاو الذين فرحوا بها ولكنهم في نفس الوقت رسمت السيول والفيضانات معاناة الإنسان في الصراع مع قوى الطبيعة, عندما تدفقت سيول هائلة من وادي البار المنحدر من البطانة في مجراه شرق قرية حريرة لتغمر سايفون التفريغ بمنطقة حاج السيد بالفاو، مما أزم الوضع في المنطقة، حيث اجتاحت السيول المؤسسات الحكومية والأحياء السكنية والأسواق ولم تترك السيول حتى مزارع الحيوان التي غرقت في المياه.
ووفقاً لشهود عيان تحدثوا لـ(الصيحة)، فإن المياه المتدفقة بغزارة حتى يوم أمس والأمطار المنهمرة من السماء والمتراكمة في كل مكان بالمدينة تنذر بخطر كبير.
وبحسب جولة الصحيفة، فإن السيول غمرت مكاتب رئاسة محلية الفاو وإدارة المرور والأراضي ومجمع الهيئة القضائية ومكاتب النيابة بجانب هيئة الرهد الزراعية والمخزن العمومي للهيئة ومحطة المياه بالفاو وانقطع الإمداد المائي عن المدينة.
وقال أحد المواطنين أن تجار السوق العمومي في الفاو قاموا بإخلاء متاجرهم وترحيل البضائع خاصة المواد الغذائية إلى خارج السوق والمدينة وفشلت محاولات بعض المواطنين بحي المؤسسة لعمل تروس لحماية منازلهم لازدياد منسوب السيول التي غمرت أيضًا منطقة الأبحاث والقرية 16 وأحياء الثورة والصفا. وحتى كتابة التقرير لم تتوفر إحصائيات رسمية عن الضرر الذي لحق بالمدينة رغم أن التقديرات الأولية تقدر بمليارات الجنيهات ونفوق عدد كبير من الماشية وهدم أجزاء واسعة من المدينة بالإضافة إلى الضرر الذي لحق بالمؤسسات الحكومية.
احتلال مدينة
السيول احتلت أحياء الفاو منها (حي المؤسسة. مربع ٢٠.. مربع ٦. حي المطار بالكامل)، حيث دخلت المياه من النوافذ. كما تضررت أجزاء كبيرة من حي حاج السيد والقرية (١٦), فيما ظلت أحياء الأبحاث وسياكو محاصرة، وأكد بعض المواطنين أنهم بدأوا مغادرة منازلهم من أجل سلامة أرواحهم . وأعلن والي القضارف محلية الفاو منطقة كوارث وهشاشة.
انهيار ومخاوف
حجم المأساة لا يتصورها إلا الذي يعيشها أو يكون من بين سكان المنطقة والفيضان بالفاو بدأ مع عيد الأضحى حتى يوم أمس وصف المواطنون لـ(الصيحة) الأوضاع بالمدينة أنها شبه منهارة تماماً في ظل انقطاع الكهربا والمياه, وأكد مواطن أن القرية 16 ود السيد والمؤسسة ومربع 20 انهارت بالكامل ومازالت المياه متدفقة تماماً وعبروا عن مخاوفهم من تردي صحة البيئة بجانب ظهور ثعابين بأعداد كبيرة بسبب السيول . وعبر المواطنون عن غضبهم من تأخر الحكومة لاحتواء الكارثة حيث تم إغلاق طريق القضارف الخياري، رغم زيارة الوالي للمرة الثانية بصحبة مدير عام البنية التحية وأمين عام الزكاة ورئيس لجنة الطوارئ، حيث استنكر المواطنون بطء تدخل الحكومة.
فيما أشار أحد التجار إلى انهيار عدد كبير من المخازن والمحال التجارية، وقال إن الخسائر تقدر بالمليارات وأكد أن جزءا كبيراً من مشروع الرهد تضرر بسبب غمر المياه جزء كبير منه خاصة في القسم الرابع في مساحة كبيرة جداً، ولفت إلى وجود مطالب وسط المواطنين بضرورة تدخل المركز وإعلان المنطقة منطقة كوارث طبيعية، وقال: حتى الآن المياه مازالت تتدفق والمدينة شبه محاصرة.
تقديرات رسمية
حتى كتابة التقرير ليس هنالك تقديرات رسمية من أي جهة بالخسائر سواء في الممتلكات أو الأرواح أو في الماشية أو المساحات المتضررة من المشروع، غير أن مصدراً حكومياً بالولاية ــ فضل عدم ذكر اسمه ـ وصف الكارثة بالمأساة التي تحتاج إلى تضافر الجهد من الجميع لتلافي آثارها، وأكد أن حكومة الولاية تقوم بدورها في ذلك, ولكن التقديرات التي وجدناها من التجار قدرت بالمليارات وأكدوا أنهم في انتظار انحسار المياه لتقدير الأضرار وأشاروا للأحياء المتضررة بشكل كبير هي حي المطار ومربع 6 وحي وسياكو وحي الأبحاث والقرية 16, وود السيد التي تضررت بشكل كامل وبات عدد من المواطنين بالعراء, وحسب شهود عيان أن المياه دخلت منازلهم بالشبابيك والأبواب بسبب الارتفاع الكبير لمياه السيول وأن عدداً من المواطنين فقدوا ممتلكاتهم رغم عدم توفر أي معلومات عن وجود وفيات وسط السكان فيما نفق عدد من الحيوانات بالمنطقة، وأشار أن الحكومة لم تصدر أي تصريح بسبب الكارثة.