تقرير: فاطمة علي سعيد
لم يعد الحديث عن ضرورة إصلاح قوى الحرية والتغيير يصدر من خلف الأبواب المغلقة أو حديثاً موارباً فقد خرج الأمر للعلن، وأصبح الإصلاح نفسه مثار خلاف، إلا أن الجميع يرى أن الإصلاح ضرورة حتمية للمضي قدماً، وعلى رأس هؤلاء كان رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك الذي قدم الشهر الماضي مبادرة لإصلاح القوى السياسية وإصلاح القطاع الأمني والعسكري وتوحيد الجيش والسياسة الخارجية، بعد أن أكد أن البلاد تشهد واقعاً معقداً وأزمة وطنية شاملة، لكن دعوة الإصلاح لم تبدأ بحمدوك من واقع أن مبادرات عدة خرجت في ذات الإطار منها مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم، ومبادرات العقد الاجتماعي وإصلاح القوى السياسية التي قدمها الإمام الصادق المهدي وغيرها كما أنها لم تكن الأخيرة فالأيام لا تزال حبلى بالكثير.
ميلاد
في طريق عملية الإصلاح شهدت الساحة السياسية ولادة تحالف سياسي جديد جمع الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير وحزب الأمة القومي، وتحت مظلته مختلف القوى المدنية التي تسعى لترتيب بيتها الداخلي، بالتوافق مع المكونات العسكرية التي تتشارك معها في حكم المجلس السيادي، وهو أعلى سلطة في البلاد حالياً.
وأكدت أهمية العمل المُشترك بين القوى المدنية والمكون العسكري بغرض إنجاح الفترة الانتقالية والوصول لدولة مدنية ديمقراطية، وانتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية، وتسليم السلطة إلى الشعب عبر التداول السلمي للسلطة.
مبادرة داخلية
من ضمن مبادرات الإصلاح كانت اللجنة التي خرجت من اجتماع حزب الأمة وقوى الإجماع الوطني والتي مضت خطوات في درب الإصلاح الشائك، وقد واصلت اللجنة التي تضم مكونات لقوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية والمكونات اجتماعاتها حيث انعقد مساء أمس اجتماع بمقر إقامة حاكم إقليم دارفور رئيس الجبهة الثورية مني أركو مناوي وبحضور كل القيادات ورؤساء الأحزاب السياسية والمنظمات المطلبية والمجتمع المدني وبعد مداولات ونقاشات جادة استعرضت فيها الوضع السياسي الراهن الذي تمر به البلاد وأمنه ومعاش الناس وخلص الاجتماع لعدد من القرارات شمل تأمين وحدة قوى الحرية والتغيير وعدم إقصاء أياً كان من مكوناتها في عملية الإصلاح الجارية، بداية جديدة تستهدف سد النواقص والأخطاء التي صاحبت الفترة الأولى، وتوفير السند الشعبي لحكومة ثورة ديسمبر وفق قيادة وأولويات واضحة.
مؤتمر تأسيسي
أهم مقررات الاجتماع الذي استمر لما بعد منتصف الليل كان قرار البدء في تكوين لجان المؤتمر التأسيسي والعودة لمنصة التأسيس ومواصلة الاتصال بكل قوى الثورة الحية ولجان المقاومة السودانية التي همشت في الفترات السابقة، وضرورة إشراكها في عملية الإصلاح، كما قرر تشكيل وفد من القوى السياسية لمقابلة رئيس الوزراء ورئيس المجلس السيادي لتسليمهم مذكرة قوى الحرية والتغيير، وأعلن الاجتماع الاتفاق على منهجية الإصلاح والبرامج للمرحلة القادمة مع التأكيد على الشفافية مع الشعب السوداني لإعادة الثقة في الحرية والتغيير.
كتلة أساسية
الجسم الجديد الذي انبثق عن قوى الحرية نفسها داعياً للإصلاح ربما أصبح الأقوى شوكه كونه أصبح واقعاً لم يرفضه إلا من يرفضون لعملية الإصلاح، لكن الواقع يشير إلى أن مكونات التحالف الجديد عادت ككتلة أساسية بدلاً عن كونها كانت داخل نداء السودان أي أنهم عادوا كمكون كبير، وعودتهم تؤسس للإصلاح.
بدايات
بداية تكوين الجسم الجديد جاءت من مبادرة طرحها حزب الأمة القومي لإجراء إصلاحات داخل الحرية والتغيير، لتتبناها لاحقًا قوى نداء السودان، وقال عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير، أحمد حضرة إن “المجلس المركزي والجبهة الثورية وحزب الأمة القومي اتفقوا على تجاوز الخلافات بينهما” وأشار إلى أن الأطراف آمنت على عملية الإصلاح ضرورة لابد أن تتم عبر العمل المشترك.
وأكد اتفاقهم على “تكوين مركز قيادي موحد يمثل كافة أطراف الحرية والتغيير ويكون ضامناً لوحدة قوى الثورة تحصينًا للانتقال، وقال إن الأطراف توافقت على تشكيل لجنة لوضع الرؤية والتصور العام لعملية الإصلاح والخطوات العملية لتحقيقه وتضم الجبهة الثورية عدداً من التنظيمات من بينها المجلس الانتقالي لحركة تحرير السودان وتجمع تحرير السودان والحركة الشعبية – شمال وأكد عدد من السياسيين أن توحيد مكونات تكتل الحرية والتغيير يساهم في ضمان استقرار الفترة الانتقالية.
خطوات مهمة
وقال رئيس الحزب الناصري الوحدوي، جمال إدريس، إن اللقاءات الجارية بين المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية تشير إلى أن لها ما بعدها وتمهد لخطوات مهمة في الفترة المقبلة أكد أن اللقاءات تدفع في اتجاه توحيد وايجاد مركز واحد لقوى الحرية والتغيير، مضيفًا “الرغبة أكيدة بين الجميع للعمل من خلال مركز موحد”.
وأضاف “بتوحيد المركز، ستصبح قوى الحرية والتغيير أكثر قوة، ويترتب على ذلك تقوية المكون المدني حتى تصبح الفترة الانتقالية تحت قيادة القوى المدنية”. وأوضح أن الاجتماعات مستمرة بين قوى الحرية والجبهة الثورية وحزب الأمة وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، بدون استثناء أي طرف وتابع أن “الاجتماعات تركز على الاتجاه التنظيمي الإجرائي من خلال الاتفاق حول هيكلة محددة بمشاركة كل الأطراف الموقعة على إعلان الحرية والتغيير لضمان استقرار الفترة الانتقالية”.
خطوة إيجابية
اعتبر الناطق الرسمي بالمؤتمر السوداني والقيادي بقوى الحرية، نور بابكر، الاجتماعات الجارية حالياً، بأنها “خطوة إيجابية كبيرة” في طريق توحيد قوى الثورة التي بوحدتها استطاعت إسقاط أعتى الديكتاتوريات.
وأضاف “تأتي هذه الخطوة في إطار إصلاح تكتل الحرية والتغيير وتوسيع قاعدته بمشاركة الجميع، ليضطلع بمهامه الرامية لإنجاح الفترة الانتقالية عبر استكمال مؤسسات الحكومة”.
وزاد “بالمضي في تنفيذ الأهداف الواردة بالوثيقة الدستورية، وصولاً لانتخابات حرة، نرسخ للتحول الديمقراطي بالبلاد”.
مبيناً أن هناك بعض الإشكاليات والخلافات بقوى الحرية والتغيير، لكن الجميع عازم على المضي في خلق إصلاحات جادة تعمل على تطوير عمله وتمكنه من القيام بالأدوار المرجوة منه كتحالف حاكم”.
تحقيق أهداف الثورة
وأكد مقرر الجبهة الثورية بالسودان، محمد زكريا، أنه “تم الاتفاق بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية والاتصال بكل الموقعين على “إعلان الحرية”، من ضمنهم الحزب الشيوعي وأوضح أن “الاجتماع الأخير للمجلس المركزي للحرية والتغيير وحزب الأمة والجبهة الثورية السودانية، جاء استجابة لمبادرة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، لضمان تحقيق أهداف ثورة ديسمبر” ضد نظام الإخوان.