المتابع للشأن السياسي السوداني هذه الأيام، يلحظ تزايد وتيرة الخلافات داخل قوى الحرية والتغيير «الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية»، حيث تبودلت الاتهامات بين الحزب الشيوعي والحاضنة السياسية مما أدى الى إعلان الحزب انسحابه، كذلك الخلاف الكبير بين المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وحزب الأمة القومي الذي تبادلا فيه الاتهامات بشكل سافر وخروج ذلك للعلن خارج الغرف المغلقة، وقد اتهم المجلس المركزي للحرية والتغيير الحزب بالعمل على إجهاض الفترة الانتقالية، وقال المجلس عقب اجتماع طارئ عقده في وقت سابق إن حزب الأمة يعمل على تعطيل الإصلاحات ووضع العراقيل أمام تشكيل المجلس التشريعي.
ومن ناحية أخرى وصف الحزب المجلس بأنه يمثل مجموعة صغيرة مطالباً أجهزة الدولة بعدم اعتماد أي قرارات تصدر عنه، كذلك المخاوف التي ذكرها رئيس الوزراء في مبادرته الأخيرة التي طرحها على الشعب السوداني بعد مشاورة عدد مقدر من القوى السياسية بما في ذلك حركات وأحزاب شاركت بطريقة أو أخرى النظام السابق الحكم، هذه المبادرة اختلفنا أو اتفقنا معها وجدت القبول والاستحسان من القوى السياسية كافة بما في ذلك الأحزاب التي ساهمت بشكل كبير في إنجاح الثورة ولاحقاً تم إقصاؤها من مؤسسات حكومة الفترة الانتقالية بحجة أنها أحزاب ذات توجه إسلامي مثل حركة الإصلاح الآن بقيادة دكتور غازي صلاح الدين والمؤتمر الشعبي بقيادة علي الحاج، حزب الإصلاح والتنمية بقيادة دكتور الجزولي، وأحزاب أخرى، يأتي هذا التشظي وسط مخاوف من حالة حدوث فراغ سياسي ودستوري وفي ظل توتر كبير وانقسام في الشارع السوداني الذي خرج في 30 يونيو منادياً بضرورة إصلاح أخطاء حكومة الفترة الانتقالية أو مغادرتها المشهد، حالة التشظي والتشرذم لم تكن قاصرة على الشارع السياسي والأحزاب المكونة للفترة الانتقالية والمناؤئة لها، فقد أصاب هذا المرض العضال أجهزة الحكومة بشقيها مجلس السيادة ومجلس الوزراء، وقد شهدت الفترة الماضية حالة من الشد والجذب والاحتقان مما دفع عضو مجلس السيادة عائشة السعيد لتقديم استقالتها احتجاجاً على ما وصفته بتهميش المدنيين داخل مجلس السيادة.
وبناء على تداعيات استقالة عائشة السعيد وحالة الفتور والقطيعة وضعف الأداء التنفيذي عقدت “اللجنة الفنية” اجتماعاً بدار الأمة والذي خرج بقرارات منها تجميد عمل المجلس المركزي وتغيير كل المكون المدني في مجلس السيادة وزراء الحكومة الانتقالية الذين وصفهم المراقبون بأنهم ضعيفو التجربة والخبرة وتنقصهم الحنكة و”الدهاء” السياسي الذي يمكنهم من تحقيق نجاحات ملموسة في ملفاتهم وهذا من شانه أن يخلق عدم الرضا لدى المواطن السوداني الذي تحمل نتيجة فشل الحكومة في الملفات المتعلقة بأمن ومعاش الناس.
وإزاء ذلك عقدت مبادرة اللجنة الفنية لإصلاح «قحت» والجبهة الثورية الموقعة على اتفاقية سلام جوبا في بيان لهما شديد اللهجة ويوكد بجلاء حالة الخلاف بين مكونات الحكومة حيث ورد في البيان أن (الحاضنة السياسية تم اختطافها وتشويهها) واتهم البيان بعض القوى السياسية أنها تمارس محاولات الهدف منها إبعاد قوى الثورة الحقيقية ولجان المقاومة والأجسام المطلبية والمهنية، في خضم هذا المشهد المعقد وفي لفتة اعتبرها بارعة تقدمت قوى الحرية والتغيير باعتذار للشعب السوداني إزاء التشوهات والأخطاء والفشل الذي لازم أداء حكومة الفترة الانتقالية وقصور الحاضنة السياسية عن توفير الغطاء السياسي المستحق للحكومة الانتقالية.
.. وللحديث بقية
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل