حميدتي في الجنينة.. رسائل في عدة اتجاهات
الجنينة: فاطمة علي
عندما صعد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، “حميدتي” على المنصة الرئيسية للاحتفال بتنصيب والي غرب دارفور الجديد الجنرال خميس عبد الله أبكر، بميدان الساحة بالجنينة، وجد انها سانحة ممتازة لإرسال عدد من الرسائل المباشرة كون أن الحشد الضخم الذي يخاطبه يمثل العديد من الأطراف ذات العلاقة المباشرة بواقع ولايات إقليم دارفور، فكان أن بدأ خطاباً مباشراً حمل الكثير من القضايا فكّكها بلغة بسيطة يفهمها من يخاطبهم ويعونها جيداً خاصة وأن خطابه كان من الشفافية بمكان يجعل فهم مراميه أمراً سهلاً على الجمهور أمامه.
مرحلة مفصلية
بدأ الفريق أول “حميدتي” حديثه ليلخص الأزمة الكلية التي تمر بالبلاد في كل جوانبها، وأوضح أن البلاد تعيش فترة مفصلية من تاريخها، تواجه خلالها تحديات عظيمة في الأمن، والاقتصاد، والسياسة، والمجتمع، ولا يمكن تجاوز هذه التحديات إلا بدراسة أسبابها ووضع المعالجات الحقيقية لها، معتبراً أن ذلك يتطلب توافقاً وإجماعاً وطنياً لتجاوز الاحتقان السياسي والضائقة الاقتصادية والغبن الاجتماعي والانفلات الأمني.
مبادرة حمدوك
النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي وضع أول رسالة في بريد جمهور غرب دارفور بأن الحكومة بشقيها السيادي والتنفيذي على وفاق تام عندما أعلن ترحيبه الكامل بمبادرة رئيس مجلس الوزراء، ودعا إلى استيعاب جميع المبادرات الوطنية التي تهدف إلى الحل لاستكمال أهداف المرحلة الانتقالية، والخروج من الأزمة الراهنة للحفاظ على استقرار البلاد.
ملف السلام
انتقل حميدتي للحديث عن ملف السلام عندما اعتبر أن تدشين مسيرة والي غرب دارفور الجديد تؤكد بالعمل لا بالقول أن تنفيذ اتفاق السلام يمضي ليؤكد جدية الدولة والأطراف الموقعة على السلام، في تنفيذ الاتفاق لضرب المثل في الالتزام بالعهود والمواثيق، مضيفاً أن الوقوف اليوم في هذه المناسبة يحمل دلالات التعافي من عدة زوايا أولها تحول دارفور بولاياتها الخمس إلى إقليم واحد موحد يجسد تماسك المجتمع ويجدد العزيمة لإعادة دارفور إلى سيرتها الأولى، وثانيها تعيين مني أركو مناوي ليقود مسيرته نحو السلام والأمن والتعايش والتنمية والنهضة، وثالثها تعيين والييّ شمال وغرب دارفور ليسهما مع ولاة الولايات الأخرى في ترسيخ السلام وزيادة الإنتاج والاستقرار.
قضية الأمن
وبالتأكيد فإن قضية الأمن كانت حاضرة في رسائل حميدتي الذي أكد أن الأمن يُشكل بأبعاده المختلفة محوراً أساسياً لحكومة الفترة الانتقالية، لافتاً إلى تشكيل قوات حماية المدنيين في دارفور، من القوات النظامية وقوات حركات الكفاح المسلح لحفظ الأمن في الإقليم بعد خروج قوات اليوناميد، وأشار إلى أن ذلك يفرض مسؤولية كبيرة على القوات النظامية للتصدي لأشكال العنف كافة الناتجة عن الصراعات القبلية وتأمين عودة النازحين واللاجئين إلى قراهم، وفتح المسارات، وتأمين المواسم الزراعية، والقضاء على مظاهر التفلت.
تطبيب الجراح
قال حميدتي إن ولاية غرب دارفور، كغيرها من ولايات دارفور الأخرى التي تحملت الجزء الأكبر من فاتورة الحرب، واكتوت بنار النزوح واللجوء والتشرد كما أنها شهدت خلال العامين الماضيين أحداثاً مؤسفة بين المكونات الاجتماعية وخلّفت تلك الأحداث قتلى وجرحى وتشريداً ودماراً للممتلكات العامة والخاصة، وشدد على ضرورة التحلي بالشجاعة والإرادة لمحاربة كل أشكال العنصرية والجهوية والقبلية والاحتكام للقانون وآليات العدالة للأعراف السودانية لمعالجة المشكلات التي تواجه المواطنين، ودعا والي غرب دارفور لأهمية معالجة آثار الأحداث المؤسفة، والعمل على توسيع المشاركة والشورى بين مكونات الولاية، وتعزيز دور الإدارة الأهلية ومنظمات المجتمع المدني والتنسيق المشترك لإزالة كل التشوهات الناتجة عن العنف الاجتماعى، والنعرات القبلية والعنصرية عبر إجراء إصلاحات لتعزيز سيادة حكم القانون والتوسع في إنشاء آليات العدالة، والاستمرار في عمليات جمع السلاح ومحاربة الظواهر السالبة.
حلول
أكد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة أن اتفاق السلام خاطب جذور الأزمة، ووضع الحلول لها في قسمة السلطة والثروة والموارد، والأراضي والحواكير، والتعويضات وجبر الضرر، وعودة النازحين واللاجئين، واستقرار الرُحّل، وقال “نأمل أن ينضم إلى ركب السلام الأخوان عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور وآخرون ما زالوا يحملون السلاح من أبناء هذه الولاية”.
رسالة عبر الحدود
وبما أن أي صرخة في الجنينة تسمع في العاصمة التشادية انجامينا من واقع قربهما من الحدود لم ينس حميدتي أن يرسل رسالة عبر الحدود عندما أشاد بالدور المحوري المهم الذي لعبته تشاد في الوصول إلى السلام الذي تحقق في السودان، معبراً عن تقديره للوساطة الجنوبية وكل شركاء السلام الذين أسهموا في تحقيق السلام، شاكراً بعثة اليوناميد وجميع المنظمات الإقليمية والدولية على الدور الكبير الذي قامت به تجاه دارفور خلال سنوات الحرب، وقال “نتطلع إلى تعاون مثمر وبنّاء مع بعثة يونيتامس في عملية بناء السلام وإعادة إعمار ما دمرته الحرب”.
تحذيرات
وشدد حميدتي على ضرورة منع ارتداء الكداميل، وحذر من الرتب الوهمية التى تمنح لبعض الأفراد من قبل بعض الحركات الموقعة على اتفاق السلام، وقال “لا تمنح الرتب إلا بعد استيفاء الترتيبات الأمنية “، واصفاً منح الرتب بسوق المواسير، داعياً إلى حماية العاملين في مجالات التنمية والطرق وقال “كلامي إذا ما سمعتوا الدواء موجود”، مشيراً إلى عزم الدولة على حسم كافة مظاهر التفلت عبر آليات الدولة وسيادة حكم القانون.
ترحيب خارجي
رحب بوفد دولة الإمارات العربية المتحدة برئاسة سعادة محمد حاجي الخوري المدير العام لمؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية وأعضاء وفده الذين قدموا للسودان ورافقوا الوفد إلى مدينة الجنينة اليوم للوقوف مع أهلهم في دارفور، مشيداً بالدور والاهتمام الكبير الذي ظلت توليه الشقيقة الإمارات لشعب السودان على مر التاريخ وأعلن عن تشييد ١٢ طريقاً جديداً تربط ولايات دارفور بالطرق القومية بتمويل من الشيخ محمد بن زايد .