الخرطوم: رشا التوم
أزمات متتالية تمسك بخناق الاقتصاد السوداني والمواطن معاً تتعلق بتوفير الوقود والنقود والخبز، والشاهد أن تلك السلع في حالة انعدام وشح كبير لفترات متتالية وما يزال مشهد الصفوف والتكدس لطالبي تلك الخدمات لم يراوح مكانه طوال أشهر العام خاصة مع مواسم الأعياد ورمضان.
مما يؤكد وجود أزمة في كيفية اتخاذ ومنهجية القرار الاقتصادي في الدولة من أجل توفير الأساسيات من السلع والحد من معاناة المواطن في الحصول على السلع، فضلاً عن الأثر البالغ لأزمة الوقود والخبز والنقود وامتداد تأثيرها على حياة الناس، ما أرجع البلاد للمربع الأول المتمثل في وضع الندرة السائد.
شح في الغاز
وشكا صاحب مخبز ـ شمال بحري ـ طارق فرج الله من عدم استقرار العمل في قطاع المخابز والذي يواجه مشكلات عدة تتمثل في قطوعات الكهرباء وعدم توفر الغاز والجازولين والتي أثرت على أداء المخابز بصورة كبيرة مما عمل على تراجع العملية الإنتاجية بجانب رداءة الدقيق المخصص للخبز المدعوم وتدني مواصفاته وإحجام عدد كبير من المواطنين عن الشراء مما يخلف خسائر مالية كبيرة تترتب على المخبز.
ولفت الى تحسن ملحوظ في آلية توزيع الدقيق ويتم توفير حصص كافية تتجاوز الـ200 جوال بحسب رغبة صاحب المخبز في الشراء.
وشكا من عدم توفر الغاز للمخابز، مشيرًا الى توقفه عن العمل لفترة 10 أيام متتالية، مما كبده خسائر مالية كبيرة، وأشار إلى أن سعر اللتر من الغاز ارتفع بواقع 6 جنيهات وكان في السابق ما بين 2 الى 3 جنيهات.
ونوه الى قيامه بالتبليغ إلى وكيل شركة النيل للغاز ولكن دون جدوى، وزاد قائلاً: يتم تجاوزنا من قبل الوكلاء وتوزيع الغاز على مناطق أخرى.
مضيفاً: هناك ارتفاع مخيف في تكلفة إنتاج الخبز والتي شهدت زيادات كبيرة أثرت على عملنا، وتلك الزيادات تكاد تكون بصورة يومية حيث بلغ أجر العامل الواحد 300 جنيه للعجنة الواحدة.
وارتفع سعر جركانة الزيت الى 14 ألف كرتونة الخميرة ما بين 15 الى 16 ألف جنيه.
وتخوف من ندرة في الخبز قد تواجه المواطنين بصورة أكبر إبان إجازة عيد الأضحى المبارك.
وقال صاحب مخبز إن موقف إنتاج الدقيق “مطمئن” مؤكداً وجود كميات وافية من الدقيق، لافتاً إلى أن التوزيع يواجه مشكلة في توفر الوقود للترحيل.
وفي الوقت نفسه شكا مواطنون وأصحاب مخابز بولاية الخرطوم، من تأثير قطوعات الكهرباء سلباً على العمل، ورصدت (الصيحة) عدة مخابز أغلقت أبوابهاً كليًا لعدم توفر الكهرباء وصعوبة الحصول على الوقود لتشغيل المولدات.
وأكد مواطنون، فشلهم فى الحصول على الخبز بسبب عدم قدرة المخابز على العمل بالجازولين التجاري.
فيما أوضح عدد من أصحاب المخابز أن القطوعات تزيد عن 7 ساعات يومياً، مشيرين إلى أن فاتورة الوقود التجاري “تفوق مقدرتهم المالية ” وقالوا إنهم تكبدوا خسائر فادحة.
الوقود غياب جزئي
وشهدت محطات الوقود بالخرطوم تكدس واصطفاف أعداد كبيرة من السيارات الملاكي طلباً للبنزين في الوقت نفسه شهد الجازولين وفرة ملحوظة.
وتمددت صفوف البنزين لمسافات بعيدة في عدد كبير من محطات الوقود الرئيسية بالعاصمة رغم المعالجات التي أعلنتها وزارة الطاقة في وقت سابق لحل المشكلة والإعلان عن وصول كميات كبيرة من الوقود في ميناء بورتسودان وتعود المشكلة إلى أسباب إدارية ومشكلات تتعلق بالتوزيع والشركات.
وبحسب متابعات (الصيحة) في عدد من محطات الوقود تلاحظ اصطفاف عشرات السيارات وتكدسها في محطات الخدمة طلباً للتزود بالبنزين حيث أفاد صاحب طلمبة ببحري أن البنزين يتم توفيره بكميات مناسبة وهناك محطات خدمة تم تخصيصها للوقود عبر البطاقة وهي غير متوفرة لكثير من مرتادي المحطات.
وأشار إلى أن اقتراب إجازة العيد والسفر الى الولايات يمثل جزءاً من الأزمة الراهنة خاصة في البنزين.
الكاش.. بوادر أزمة
فيما يتعلق بالمصارف والصرافات لم يكن الوضع أفضل حالاً من السابق فسمة الازدحام والتكدس كانت الظاهرة الأبرز ليوم أمس الخميس رغم توجيهات بنك السودان المركزي للمصارف العاملة بتمكين عملاء المصارف من تلقي الخدمات المصرفية اللازمة بما يمكنهم من مقابلة احتياجات العيد وأيام العطلة وتأكيده على استمرار العمل بالبنوك حتى الأحد المقبل بالرئاسة والفروع والصرافات كافة.
ودعا مديري عموم المصارف الى المتابعة مع المعنيين بمصارفهم للتأكد من تزويد ماكينات الصراف الآلي بالنقود الكافية خلال العطلة.
وخلافاً لتوجيهات بنك السودان المركزي فقد خلت غالبية الصرافات العاملة أمس على امتداد منطقة بحري والخرطوم شارع البلدية من النقود ورجع عدد كبير من المواطنين دون الحصول على مبتغاهم.
وأكد مدير فرع بنك التضامن الإسلامي يحيى حماد في تصريح لـ(الصيحة) الالتزام بتوجيهات بنك السودان المركزي بتوفيرالأموال المطلوبة لعملاء الفرع وتغذية الصراف الآلي بمبلغ 800 الف جنيه على فترتين صباحاً ومساء، ونفى أي إشكالات تواجه عمل الفرع وعزا الازدحام الى توافد عدد كبير من المعاشيين وأصحاب كفالة الأيتام من أجل الحصول على أموالهم، وأكد استمرار عمل الفرع يومي السبت والأحد وفقاً لتوجيهات البنك المركزي.
وكانت أبرز ملامح الأزمة تتمثل في توافد أعداد كبيرة من المواطنين علي البنوك والصرافات لإنجاز معاملاتهم المالية والمصرفية مما ينذر بارتفاع الطلب على الكاش والنقود بالمصارف، وفي الاتجاه المقابل يتطلب الأمر أن تقوم البنوك بتوفير المبالغ النقدية المطلوبة.
ومن ناحيته دعا الخبير الاقتصادي طارق عوض، الدولة لبناء احتياطي ومخزون من السلع الاستراتيجية لمقابلة الطلب.
مشيراً إلى تعاقب الأزمات في السلع الاستهلاكية والضرورية للمواطن وتخوف من تعقيد الأوضاع منوهًا الى ضرورة إيجاد معالجات سريعة لحل الأزمة في الوقود والكاش.
وأردف أن توظيف عائدات الذهب يسهم في حل مشكلات النقد الأجنبي واستيراد السلع وعدم الاعتماد على المجتمع الدولي لتوفير الدعم لأنه رهين بتنفيذ اشتراطات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتوقع حدوث تراجع في الوضع الاقتصادي بصورة غير مسبوقة في ظل الأزمات الراهنة.